كان واضحا منذ البداية بان هنالك ارتياحا غير عادي يبين على وجوه اعضاء وفد الحكومة للمفاوضات فى أديس أبابا بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وذلك لكل من تسنى له حضور مخاطبته الرأي العام أمس عبر مؤتمر صحفي بمنبر وكالة السودان للانباء ،كما كان ذات الارتياح والانشراح باديا لدى توقيع رئيس وفد الحكومة للتفاوض حول الشؤون الإنسانية بالمنطقتين أمس بالخرطوم على انطلاق البداية الفعلية لتنفيذ المبادرة الثلاثية ، بيد ان ذات الأجواء كانت مسيطرة على البلاد فقد غمرت الشارع العام بمجرد التوقيع على اتفاقية مرور النفط بين حكومة السودان وجنوب السودان اجواء من التفاؤل لتجاوز المعضلة بين «جوبا»و»الخرطوم»، وقد اضفت التهنئة الخاصة التى تلقاها الرئيسان من الرئيس الأمريكى بعدا آخر للمسألة ،حتى ان ذلك كله انعكس ايجابا حتى على تفاعل اعضاء الوفد على تساؤلات الاعلام . استهل الدكتور كمال عبيد رئيس الوفد الحديث بتأكيداته انهم ذهبوا للتفاوض انابة عن أهل السودان وقطع رئيس الوفد ان الحكومة لا تعترف بقطاع الشمال، وان وفدها المفاوض لم يجلس ولم يتفاوض مع الحركة الشعبية «قطاع الشمال» لا سياسيا ولا أمنيا ولا إنسانيا ، مبينا ان الوفد اغلق الباب تماما أمام كافة محاولات قطاع الشمال لكسب شرعية اعتراف الحكومة به ، مبينا ان وفد الحكومة جلس مع الآلية الأفريقية الرفيعة والشركاء وفق المبادرة الثلاثية التى تقدمت بها منذ وقت سابق الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية لتوصيل المساعدات الإنسانية للمتأثرين من الحرب فى مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ، الا ان رئيس الوفد كشف ان اليد الأخيرة لتوصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين فى المنطقتين هى ادارات المجتمع المحلى ،وذلك ايضا ما أكده في مكان اخر وتوقيت اخر رئيس وفد الحكومة للمفاوضات الإنسانية الدكتور سليمان عبد الرحمن المفوض العام للشؤون الإنسانية لدى توقيعه أمس على تنفيذ المبادرة الثلاثية بشأن تقديم المعينات الإنسانية لمواطنى المنطقتين فى مناطق سيطرة الحركة ، وزاد المفوض العام بان العملية محددة ب«90» يوما ولا يتم تمديدها او تجديدها الا بموافقة الحكومة بشرط ان يتبع ذلك وقف جزئى لاطلاق النار متزامنا مع عملية التوزيع زمانا ومكانا ،وعزا سليمان الخطوة لتلافى السلبيات السابقة فى المسار الإنسانى والتى صاحبت التجربة الإنسانية فى دارفور وشريان الحياة. لكن اللافت في مؤتمر وفد الحكومة المفاوض ان الدكتور كمال عبيد اهتم بان يؤكد ان الوفد ليس الجهة المختصة بمنح تصديق ممارسة العمل السياسى لاي حزب او كيان فى السودان بما فيهم قطاع الشمال نفسه، وجدد عبيد مطالبته التى نقلها للوساطة بضرورة تفاوض الحكومة مع الذين يحملون السلاح من أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق حول خارطة طريق لمعالجة القضية الأمنية والسياسية بالمنطقتين ، الا ان عبيد استدرك قائلا لم نوقع نهائيا على ما اتفقنا عليه قبل ان يتم عرضه على أهل المصلحة من أهل السودان، وزاد عبيد نحن نقدر كل الأراء التى صاحبت عملية التفاوض سيما من قبل الاعلام والعلماء حرصا منهم على المصلحة العامة، وسنجلس مع العلماء كما سنجلس مع البرلمانيين وقد جلسنا مع القوى السياسية وسنجلس كذلك مع أصحاب المصلحة بالمنطقتين ،وأضاف عبيد: نحن نقدر معاناة أهل جنوب كردفان والنيل الأزرق وتحفظاتهم علي الاتفاق مما ذاقوه من مرارة من قبل الحركة الشعبية ، وعاد عبيد مطالبا بفك الارتباط بين قطاع الشمال ودولة الجنوب ، مشددا على ان الاتفاق مع دولة الجنوب حول النفط لن يرى النور الا بعد ان تتم تسوية القضية الأمنية ، واضاف» لا يمكن ان نمول جهة عشان تقوى عسكريا لتحاربنا به سلاحا» ، وربط عبيد عملية مرور البترول بالحالة الأمنية ،وكشف عبيد بان منطقة «14» ميل التى أقحمتها اللجنة فى المناطق المتنازع عليها هى منطقة سودانية مساحتها «17» ألف كيلومتر مربع قائلا «لا يمكن ان نسلمها للجنوب وقد احتلها عقب توقيع اتفاقية السلام» ،واختم الدكتور كمال عبيد حديثه بالاشارة الى ان المفاوضات سوف تستمر بأديس أبابا عقب عيد الفطر المبارك ،الا ان الرجل لم يؤكد على ان التفاوض سيكون مع الحركة الشعبية قطاع الشمال.