دفعت الحروب ملايين الصوماليين الى الهجرة من ارض الجحيم التى لم تعرف الاستقرار منذ عقدين من الزمان الى طرقات فناء اخرى مشفوعة بآمال النجاة والهرب من العنف المتنامى والموت على ايادى المليشيات المسلحة او الجوع والمرض، ويتوقع مراقبون انفجار الأوضاع فى مقديشو قبيل الانتخابات التى تنتظرها الصومال ، وأشاروا الى تزايد حالات تسلل المهاجرين غير الشرعيين من البلاد فى الفترة الماضية خوفاً من تجدد العنف ما ينبئ باحتمالات تدهور الأوضاع خاصة وان عددا من المرشحين لسباق الرئاسة بدأوا رحلة العودة الى الصومال. وفى مثل هذه الأوضاع تنشط شبكات التهريب الآدمي في مقديشو باستخدام أساليبها الخاصة في اقناع الصوماليين بالهروب من الجحيم والتوجه الى «أرض الميعاد» التي توفر لهم كل الاحتياجات خلف البحار وانهم لا يحتاجون غير رحلة واحدة لبلوغ أحلامهم، وانهم سيجدون هناك من سيستقبلهم بشغف وربما أيضاً يعاتبهم على التأخر في المجيء من بلادهم المشتعلة بالحرب منذ عقدين من الزمن افتقدت فيها الصومال معنى الدولة، وبحسب تقارير دولية اوضحت ان دولة اليمن وحدها استقبلت خلال النصف الأول من 2012 «11. 106» لاجئاً صومالياً في رحلات محفوفة بالمخاطر، وذكرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن رحلة الصوماليين الى اليمن عبر البحر الأحمر وخليج عدن في المحيط الهندي من ميناء بوصاصو في الصومال تكون صعبة وخطرة يسافر فيها اللاجئون في مراكب تهريب غير صالحة لنقل البشر وبحمولة أكثر مما تستوعبها تلك القوارب من ثلاثة الى أربعة أضعاف، كما يقوم المهربون بضَربَ المسافرين اذا حاولواَ التَحَرُّك على القارب، فلا يسمح لهم برفع أصواتهم أو حتى الاهتمام بنظافتهم الشخصية وكل ذلك بغية الهرب من الصومال. وحذر الرئيس الصومالى شيخ شريف من تسييس القوات المسلحة الصومالية خلال الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون لرئاسة الصومال، وقال فى مؤتمر صحفي عقده في مقديشو امس ان المرشحين لسباق الرئاسة اتخذوا لأنفسهم حراسات خاصة من الجيش، وطالب الرئيس الصومالي المترشحين لرئاسة الصومال بتسجيل أسمائهم لدى المؤسسات الأمنية وتعهد بأن الحكومة تضمن رعايتهم الأمنية. والجدير بالذكر ان تصريحات الرئيس الصومالي اتت اثر وصول رئيس الوزراء السابق والمترشح لرئاسة الصومال محمد عبد الله فرماجو الى العاصمة مقديشو، وكان شخصان قتلا أحدهما جندي حكومي وأصيب ثلاثة آخرون بجروح اثر اطلاق عناصر من القوات الصومالية النار على متظاهرين مؤيدين لفرماجو فى العاصمة مقديشو. المحلل السياسى الدكتور محمد نوري الأمين يقول ان حالة الصومال نموذج حقيقى للصراع حول السلطة دون التنازل الى الحد الأدنى من القواسم المشتركة فى العالم الثالث وخاصة الأفريقى. وقال الأمين ل «الصحافة» عبر الهاتف امس ان الرئيس السابق سياد برى برغم سوءاته الا انه استطاع ان يوحد مختلف الاثنيات والجهويات فى اطار الدولة الواحدة، وأضاف الا ان الأوضاع الحالية لاتشير الى وجود دولة لها معنى وقادرة على ادارة شئونها. وقال الامين ان من اخطر العوامل الجديدة التى تهدد استقرار الصومال الجماعات الاسلامية المتطرفة او بمعنى «جماعات الاسلام السياسى» والتى وجدت ارضية خصبة لها فى الصومال مستفيده من ثغرة تمدد «القاعدة» فى اليمن والتى تسعى الى التغلغل فى شرق افريقيا نتيجة تدهور الاوضاع فى المنطقة بغية استهداف الوجود والمصالح الأمريكية فى الأقليم مايشير الى ان المنطقة لن تخرج من دوامة العنف فى الوقت الحالى، واضاف «لا اتوقع قيام انتخابات فى الصومال وحتى وان قامت ستظهر جماعات لن تعترف بنتائجها». المحلل السياسى الحاج حمد محمد خير يقول ان الأوضاع فى الصومال طاردة جداً ماينعكس على ارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية والخطرة، لافتاً الى ان المواطنين اصبحوا قسراً منشطرين الى قسمين اما خلف الجيش الحكومى او المليشيات وهو الخيار الوحيد للبقاء ضد او مع لتوفير الحماية. وقال الحاج حمد ل «الصحافة» عبر الهاتف امس ان تزايد النزاع وارتفاع وتيرة العنف يتسبب فيها بصوره مباشرة الوجود الأجنبى فى الصومال غير المرغوب فيه والذى يجمع «يوغندا واثيوبيا وكينيا» فيما يعرف بالقوات الأثيوبية المدعومة من قبل المجتمع الدولى. واضاف المحلل السياسى ان عدم الاستقرار فى الصومال يرجع الى السياسة الأمريكية فى المنطقة والتى تكمن مصلحتها فى تأزم الأوضاع فى الصومال لان ذلك يعنى وجودها ويبرر بقاءها بصورة دائمة فى المياهالاقليمية التى تشهد كثيرا من التقاطعات والتنافس، لافتاً الى ان امريكا مستفيدة من هذه الأوضاع التى تطيل من معاناة الصوماليين بالاضافة الى استفادة «يوغندا وكينيا واثيوبيا» من الدعم الذى يأتى تحت مظلة القوات الأفريقية لحفظ الأمن فى الصومال، وتوقع المحلل السياسى ان تأتى الانتخابات اذا قامت لتقنين الوضع الحالى الذى تستفيد من استمراره جهات عديدة.