أما آن الوقت للفرقاء الصوماليين أن يضعوا حداً لخلافاتهم وتناحرهم السياسي والقبلي..؟ سؤال يفرض نفسه من الواقع المرير للدولة الصومالية وما آلت إليه من أحوال متردية وليس أحد معني بالإجابة على السؤال سوى الصوماليين أنفسهم بكل فئاتهم الجهوية والقبلية.. وسؤال آخر أين دور المثقف الصومالي مما يحدث.. وفي نهاية المطاف إلى أين يتجه الوضع هناك بعد تعاقب عدة رؤساء حكومات على مقديشو.. بينما فضل الصوماليون في ما يسمى بجمهورية أرض الصومال بإعلان دولتهم من طرف واحد وهي تعيش حالة سياسية اقتصادية مستقرة بعد أن نالت نصيبها من ويلات التهميش ابان فترة حكم محمد سياد بري، بل وشهدت أرض الصومال انتخابات ديمقراطية بمشاركة أحزاب معارضة وبرأي الكثير من المراقبين ربما «أرض الصومال» ستجد اعترافاً دولياً على غرار دولة جنوب السودان مع اختلاف الحالتين بالطبع.. كما أن جزءاً من الصومال الحالي يعرف بإقليم بونت لاند يدير شؤونه عبر حكم ذاتي وعاصمته بوصاصو.. المعاناة وحدها في الجزء الجنوبي ولا شك أن الاختلاف السياسي والتناحر القبلي والجهوي أودى بالصومال إلى أرض خراب.. النساء والأطفال أكبر المتضررين وهم من يدفعون الثمن نظير هذه الخلافات الطائشة إن صح التعبير.. وفي ظل هذا الاقتتال بين الحكومة الحالية بقيادة الشيخ شريف أحمد ومجموعات أخرى إسلامية متشددة يبقى الحال على ما هو عليه بالرغم من جهود قوات حفظ السلام الأفريقية والمجتمع الدولي تشغله قضايا أخرى بحسب الأولويات للأجندة الخفية التي تقودها عصبة الأممالمتحدة ومجموعة «الفيتو» الآمرة والناهية لمجريات الحدث السياسي في العالم بحسب القائمة المرسومة لديه.. العقيد معاش موسى عبد الله حكى لنا الكثير حول الأسباب التي أودت بالصومال إلى التشرذم والتفرق السياسي المبني على أساس التركيبة القبلية.. هو واحد من الضباط الذين عايشوا سقوط سياد بري وكيف أرغم إلى اللجوء إلى اثيوبيا وهي تعج بآلاف اللاجئين الصوماليين يعيشون في المدن المختلفة، حكى عن مرارات كثيرة وقال إن القبائل الصغيرة ليس لها الحق في المشاركة السياسية أو بإدلاء رأيها، وتُعامل بقسوة من قبل القبائل الكبرى المسيطرة على السياسة والاقتصاد وتدعي الإسلام الوسطي، أبرزها هي الداروت والهوية والمريحان ولا صوت يسمع للأقلية المهمشة القبويا المدقان والبانتو وهم منبوذون في كل الحقب بسبب الفوارق الاجتماعية الواهية. أكد موسى عبد الله على أن الخطوة التي أقدمت عليها «أرض الصومال» بإعلان استقلالها عن بقية الصومال كانت من منطلق المرارات التي عاشها «الإسحاقيون» القومية التي تقطن المنطقة ولم يستبعد موسى من انقسامات مماثلة في ظل الوضع السياسي القائم بالرغم من الجهود الإقليمية القليلة والدولية أحياناً في محاولات للملمة شمل البيت الصومالي بعد أن فشلت محاولات بعض الصوماليين في التوصل إلى حل عادل ودائم للكارثة السياسية.. ولحقتها الآن كارثة إنسانية في هذا الشهر الكريم، وتأتي هذه التطورات في وقت يقوم فيه الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ بزيارة إلى السودان تستغرق عدة أيام في جولة يسعى من من خلالها إلى توفير أكبر دعم ممكن لمواجهة الكارثة الإنسانية التي ضربت أجزاء واسعة من الصومال وتفاقمت في الآونة الأخيرة ان لم تقتلك رصاصة فالجوع لك بالمرصاد، ما هو المطلوب إذاً..؟ من الصوماليين من الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي..؟ الإجابة بكل سهولة لا يمكن أن يعجل الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بإيجاد حل عادل ودائم قبل أن يجلس الصوماليون أنفسهم بعقل مفتوح وروح واحدة وهدف واحد على طاولة المفاوضات.. واضعين في الاعتبار أن بلادهم تحترق وتنمحي من الوجود والعالم في انتظار المزيد من اللاجئين الصوماليين لطمس الهوية الصومالية العنيدة ويا حبذا لو كان هذا الحوار على إفطار رمضان على صحن الصغار والأرز والموز وهي الطريقة المعهودة هناك. وهل السودان سيقوم بتقديم دعم رمضاني ومن هم في الداخل أكثر حاجة إلى هذا الدعم أم أن العادة والطبيعة الموروثة هنا ستعمل على إكرام الضيف مقدم على كل شيء وخاصة في هذا الشهر الكريم ونتمنى أن يكون كريماً بنا جميعاً. والتحدي الكبير الذي يقف أمام الرئيس الصومالي هل سينجح في طي ملف الأزمات مجتمعة وهو ما فشل فيه أسلافه عبد القاسم صلاد وعبد الله يوسف وغيرهم..!