فور وفاة واصابة تسعة عشر طفلا من ابناء قرية «عقيتاي» بداء الحصبة في محلية «عقيق» بولاية البحر الاحمر عادت «جنوبطوكر»، الى واجهة الاحداث مجددا، فقد ظلت المنطقة لا تبارح مكانها الثابت في التغطيات السالبة في وسائل الاعلام لاخبار الولايات والبلدات القصية، في وقت ظل سكانها وقياداتها السياسية يشكون مما يرونه تهميشا متعمدا من قبل حكومة والي البحر الاحمر محمد طاهر ايلا بزعم وجود تباينات في الرؤى والولاءات السياسية، ربما لان المنطقة اشتهرت، بحسب مراقبين، بعدم الولاء للحزب الحاكم ومعارضة سياسات والي البحر الاحمر. وتعتبر منطقة جنوبطوكر المطلة على ساحل البحر الاحمر والواقعة قبالة الحدود الارترية، من اكثر المناطق التي حظيت باهتمام اعلامي محلي وعالمي وذلك بسبب الازمات الانسانية التي ظلت تتعرض لها منذ اندلاع النزاع المسلح بين الحكومة وما كان يسمي بجبهة الشرق منتصف عقد التسعينيات، وكانت المنطقة مسرحا للعمليات الحربية ما ادى الى حدوث نزوح سكاني كبير، وطال تأثير الحرب البنية التحتية التي كانت في الاصل متواضعة بحسب قيادات المنطقة، علاوة على تضرر النشاط الزراعي والرعوي بمخلفات الحرب بعد توقفها (الالغام)، وظلت المنطقة تستقبل قوافل انسانية من داخل وخارج الولاية نسبة لظروف السكان الحرجة منذ اكثر من عشر سنوات، ظلوا خلالها كما يؤكد ممثل المنطقة في تشريعي الولاية حامد ادريس خارج الخطط التنموية لحكومة البحر الاحمر. وتعرضت المنطقة لفجوات غذائية (مجاعات) اكثر من مرة خاصة العام الماضي، ولمصاعب اخرى، ابرزها الحصار الامني غير الرسمي المضروب حول المنطقة والمتمثل في حالة الطوارئ بحسب قيادات جنوبطوكر، وبعد ارتفاع صوت ناشطين ومهتمين بحقوق الانسان وبفعل الاهتمام الاعلامي الداخلي والخارجي بالظرف الانساني الحرج بمناطق جنوبطوكر وبلداتها المختلفة « عقيق، مرافيت، عدوقنا، عبدربه، برهيب وقرورة» تدخل النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه قبل اشهر ووجه بتكوين لجنة لتنمية وتطوير جنوبطوكر برئاسة مصطفى عثمان اسماعيل والدكتورة آمنة ضرار، الا ان مواطنين تحدثوا ل(الصحافة) يؤكدون عدم تلمسهم انجازات للجنة على الارض رغم الدعم الرئاسي الذي حظيت به. ويعتبر عضو تشريعي الولاية المهندس حامد ادريس ان وفاة واصابة «19» طفلا بداء الحصبة ليس بالامر المستغرب، مشيرا في حديث ل(الصحافة) الى ان المنطقة بصفة عامة تفتقد الى الخدمات الصحية والمرافق الحكومية الاخرى، مبينا ان العشرات من المواطنين يلقون حتفهم بالمنطقة بصورة شبه مستمرة دون معرفة الاسباب، وقال ان الحادثة الاخيرة وقعت اثر تفشي داء الحصبة الذي قال انه حصد ارواح ثمانية من الذين لم تتجاوز اعمارهم الخامسة عشرة بالقرية، فيما توفي ثلاثة آخرين في الطريق الى مستشفى بورتسودان، وفارق الحياة احد المرضى بمستشفي بورتسودان، وقال ان هناك سبعة آخرين يتلقون العلاج، ويبدي ادريس تعجبه ودهشته من التهميش المتعمد الذي ظلت تنتهجه حكومة ايلا تجاه المنطقة، وقال: هناك عمل منظم لا نعرف مراميه والهدف منه كما يبدو افراغ المنطقة من قاطنيها، وهو امر يبدو غريبا، ولعل عدم وجود خدمات حكومية يوضح هذه الحقيقة ولولا الجهود المقدرة لبعض المنظمات الطوعية لحدث مالا يحمد عقباه بالمنطقة، ويشير عضو التشريعي الى ان الكثير من قيادات المؤتمر الوطني بالولاية ظلوا يجهرون باستهدافهم للمنطقة بداعي معارضة مواطنيها للحزب الحاكم، ويؤكد حامد ادريس ان الكثير من سكان جنوبطوكر فقدوا الامل تماما في الجهود الحكومية ويتمنون ان يتاح المجال دون قيود للمنظمات الطوعية للعمل في المنطقة التي قال ان السكان يعتبرونها افضل اداء من الحكومة. من جانبه يقر المدير التنفيذي لمحلية عقيق حسن ادريس بوفاة ثلاثة اطفال بداء الحصبة، مشيرا في حديث عبر الهاتف مع (الصحافة) الى ان عربة اسعاف مكتملة التجهيزات اللوجستية والطبية ارسلتها وزارة الصحة بالولاية بعد تفشي الداء قد تمكنت من محاصرته والسيطرة عليه وذلك عبر اسعاف المرضى، مبينا ان بالمحلية عددا من المراكز الصحية الجيدة وان هناك مستشفيات تحت التشييد، وارجع المدير التنفيذي تفشي داء الحصبة الى عدم التطعيم ، الا انه لم يوضح هل عزفت الاسر عن تطعيم ابنائها ام ان فرق التطعيم لم تقم بزيارة المنطقة حسبما يؤكد مواطنون؟، ويؤكد المدير التنفيذي ان هناك جهودا حثيثة لترقية الخدمات بالمنطقة، ورغم وصفه للتنمية بالبطء الا انه اعتبرها خطوات جيدة لتطوير المنطقة.