٭ بعد أن نالت وحظيت سهى عرفات باحترام وتقدير كل الشرفاء في العالم من خلال مبادرتها المدهشة وموقفها الاخلاقي الشجاع والجريء في تفجير ملابسات مقتل زوجها المناضل ياسر عرفات، التي كان في الإمكان أن يطويها النسيان وتختفي الى الابد في تجاويف الذاكرة العربية الخربة، وشاهدنا ذلك في إنشغال الساحة الفلسطينية بعد رحيل الرمز بالصراع بين رام الله وغزة، قبل أن (يبرد دم الرجل في قبره). ماذا لو قرأنا وإطلعنا على هذا المشهد بصحبة قراء صدى الاماجد بعيداً عن سياقه السياسي، الا يمثل هذا المشهد بعداً ووفاء انسانياً يستحق التكريم والاحتفاء، وإن لم يكن الدافع نبلاً ومشاعر انسانية غاية في الروعة واحتراماً لتاريخ وذكرى الراحل القامة ياسر عرفات، ما الذي اجبر هذه الارملة على ان تطوف بعواصم الدنيا متسلحة بإيمانها بعدالة القضية، معرضة نفسها وابنتها الوحيدة لكل الاحتمالات، وتمكنت بصبرها وايمانها العميق ان تصل الى خيوط مهمة في هذه الجريمة النكراء. الا يؤكد هذا المسعى المحفوف بالمخاطر الذي قامت به سهى عرفات جملة من المعاني والعبر؟ اولها ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن الحقيقة تدفن ولكنها لا تموت، وإلا كيف تمكنت سهى من كشف الحقيقة التي تقف وراءها أجهزة استخبارات عالمية، عرفت بالمقدرات البشرية والمادية والمهنية العالية، ويكتنف اسلوب عملها السرية والحذر، ثم الم تعلمنا سهى درساً بل دروساً في الهواء الطلق عن قيمة الوفاء في بعدها الانساني، وان الحب الطاهر العفيف يؤكد السلوك والممارسة وليس قصائد الشعراء المتيمين ولا تهويمات العشاق والتي غالباً (تحرن) عند بوابة (الموية تكضب الغطاس). ألم يكن هذا المسعى المتوج بالنجاح الباهر تمريناً عملياً وميدانياً ونفضاً لغبار عبارة قديمة (وراء كل رجل عظيم امرأة) ألا يؤكد هذا المسعى الطيب القيمة الحقيقية للشراكة والالتفاف حول الاهداف دون النظر للنوع، وأن ترتقي معايير التقييم عندنا للعطاء والاخلاص والتفاني، ألا يتوارى خجلاً مثلنا الشعبي السوداني (المرة كان بقت فأس ما بتكسر الرأس) والمشهد امامه أن سهى لم تكسر الرأس فحسب، بل دكت حصون الظلم واوكار المؤامرة وقلاع الاستبداد المحصنة فوق رؤوس أصحابها وساكنيها. سهى بموقفها هذا قدمت نداء لكل امرأة عربية في خدرها وخيمتها يقول ان قوة الحق هى التي تبقى، وهذا تأكيد سماوي (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا). وخدمت سهى بهذا المسعى المجيد والمشرف قضية مهمة وخطيرة فشلت فيها مؤتمرات التنظير العربية التي تعقد هنا وهناك، وهى ان الارهاب لم يكن بضاعة عربية ولا اسلامية ولا صفة للإسلام والمسلمين، بل الآخرين المتشدقين بالديمقراطية والمدنية هم من يمارسون الارهاب في ابشع صوره، والدليل رحيل ياسر عرفات بأيدٍ قذرة، واخيراً الا يرتقي هذا المسعى العظيم من هذه السيدة الفاضلة ان تعتلي منبر جائزة نوبل في البحث عن الحق. ٭ ملحوظة: الأم روض إن تعهده الندى بالري.. اورق أيما إيراق ويبقى الوطن محمد علي عبد الجابر حلفا الجديدة