* لم تكن الخرطوم وحدها الغارقة فى الوحل والنفايات ومياه الامطار الراكدة، فقد وردت الشكاوى لبريد الصحافة تفيض حسرة ووجعا على وطن تنوء مساحات ولاياته بالقمامة وتتراجع مستوى صحة بيئتها من قلب مركزها وحتى حدودها * كان العيد فرصة طيبة للمحليات للتبارى فى تقديم المدن والقرى بثوب مختلف ،فالبيئة كما الانسان تتنفس ماينقش عليها ويمر ويظهر جمالها باجلاء قمامتها وكنس شوارعها وترتيب مظهرها رغم ان ذلك هو المطلوب على مدار العام ،فالباس المدينة حلتها الجديدة كقاطنيها يتسق وايام العيد اكثر عندما تزدحم شوارعها بالعائدين الى جذورهم فرحا باستجمام وان كان قصيرا، فالعيد هوالمناسبة التى دفعت بكل الناس لرحلة العودة الى الارياف وفى معيتهم اصدقاء كثر من العاصمة .. التى حلم زائروها بقضاء يوم ريفى بطعم مختلف فى مدينة العلم والهدوء (الكوة) ولكن لم تجد امنياتهم فى العثور على ظل ظليل نظيف وراق فرصة على ارض المدينة ليكتمل السرور، فمحلية الكوة هى احدى هذه المحليات التى جافتها النظافة وغابت عنها المتابعة فى عز خريف سقى مدينة الكوة سقيا خير وبركة فى ليلة واحدة (عشر ساعات) متواصلة تهدمت بعض منازلها وذابت اجزاء من اخرى وبقدر هذا الذوبان كان الفرح اكبر باخضرار كسا الولاية باكملها ومدينة الكوة خاصة رغم ما يعكر صفاء مدخلها الرئيسى من وجود اخضرار غير مرغوب فى اشجاره تلك التى لا تفيد ولا تسر الناظر بعشوائيتها الموغلة فى التطفل على ارض المدينة التى لا تجد عدلا او انصافا من محلية الكوة التى يترأسها الضابط التنفيذى عباس صالح والذى قضى اعواما كثيرة جدا فى المدينة عرف اهلها و (ناسبهم كمان)، وخبر دروب المدينة وشاركها الافراح والاتراح حتى صار فردا فى العائلة الكبيرة لا يذكر اسم مدينتى والا مقرونا باسم عباس صالح الذى استبشرت المدينة خيرا بمقدمه ومنحته حبا طوال سني خدمته، ولكن عباسا لم يكلف نفسه جهدا لمبادلة هذا الحب جهرا فلقد صارت المدينة فى الخريف ومازالت حتى الآن (مزبلة) لقمامة تلوز بنفسها من نفسها فى كل شوارع المدينة بلا استثناء فتغطى المياه الراكدة لتمنح الباعوض والذذاب بيئة التوالد والتكاثر المتواصل امام المنازل المفتوحة ابوابها للغاشى والماشى وضيف الهجوع فهكذا اشتهرت المدينة التى يمر فى ازقتها القذرة (عباس) وعينه لا اخال انها تخطىء هذا الوصف والذى تحكى صور المدينة المياه الراكدة والقمامة امام هذا الجزار الذى يعرض اللحم المكشوف على طاولة لا تبعد عن الاوساخ ومكوناتها سوى خطوات، كما لا تبعد عن المطعم المصاحب وبائعات الشاى والاطعمة وكراسى انتظار المسافرين فى هذا التوقيت المزدحم بالحراك سوى سنتميرات محدودة. * ضاق الناس ذرعا فى المدينة فارتفعت الاصوات وبلغت مكتبى الاوجاع وكم (التجاهل) الذى وصفه اهل مدينتى ب(المتعمد)، فعربة عباس صالح تجوب المدينة فى ايام الاسبوع صباحا ومساء عبر ذات الازقة والشوارع والسؤال هو هل مايراه اهل مدينتى لا يراه عباس؟ ربما وعلى اللسان يعلق شئ من حتى !!!!! * همسة الشمس لم تغرب بعد عندما لملمت خطاها وحملت على كتفها أوانى قديمة انزلتها عند الشارع الخلفى ولكن طال الانتظار