الساحل السوداني على البحر الاحمر يعتبر من السواحل متوسطة الطول ، فهو ساحل مقفر عموما ذو كثافة سكانية محدودة، تتركز الحياة المدنية فيه بالمدن مثل بورتسودانوسواكن وعقيق وحلايب وبعض القرى المتباعدة مثل محمد قول وأركياي وقري خور نوارات. يبلغ طول الساحل السوداني بتعرجاته نحو 422 ميلا بحريا (780 كم ) من (بئر الشلاتين) علي الحدود المصرية الي ( رأس كسار) علي الحدود الاريترية ، ويبلغ طول ساحل المنطقة المتنازع عليها مع مصر (ساحل حلايب) نحو 100 م/بحري (185 كلم). للسودان كبقية دول البحر الأحمر مياه اقليمية وأخرى إقتصادية في المنطقة المتاخمة للاستفادة من ثروات البحر وما تحت القاع . وتتبع الى السودان عشرات الجزر نحو (60) منها رملية خالية من السكان صغيرة الحجم، ويتركز معظمها جنوب غرب سواكن وتم استغلال بعضها من قبل الصيادين الاجانب وأصبحت ملاذا آمنا للمجرمين والمهربين للبضائع والأسلحة والمخدرات. أما في شمال بورتسودان فتوجد جزيرة مقرسم «مكوار» وهي الوحيدة التي يوجد بها عدد قليل من السكان وآبار عذبة. من هنا تبرز الاهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر والحدود البحرية التي تتطلب قدرا كبيرا من الحماية والتأمين تجاه التهديدات التي تأتي من هذا الاتجاه البحري مستخدمة البحر كوسيلة وصول لتنفيذ اهدافها، أو مستخدمة الأجواء فوق البحر للدخول للساحل السوداني ومن ثم الي عمق الأراضي السودانية. وشهدت المرحلة السابقة توترات في المياه الإقليمية السودانية وظلت قوارب الصيادين تتعرض الى هجمات بالرصاص من مجهولين في البحر الاحمر قبالة السواحل السودانية، حيث يعتدون عليهم بالضرب أحيانا والاستفزاز والاهانة أحيانا أخرى. وكان الرئيس الاسبق جعفر نميري أصدر قرارا في العام 1982م قضى بمصادرة القوارب والسنابك المرخصة وغير المرخصة من الصيادين السودانيين بدعوى مكافحة التهريب، وأصبح الجو خالياً لمختلف القوارب الاجنبية ترتع في الساحل ،تحمل في طياتها المباح والممنوع. وجود الصيادين السودانيين في هذه المناطق كان يساعد على تبليغهم الفوري للسلطات عن أي جسم غريب أو تحرك عدائي، ولكنهم للأسف غابوا عن الساحل قسرا ما أدى تسلل المخابرات الأجنبية إلى مياهنا الاقليمية وما جاورها ونشطت المراقبة والتخابر على الدول المطلة على ساحل البحر الأحمر من أجل إحكام السيطرة على هذا المنفذ البحري المهم. وفي الأعوام الأخيرة تزايد النشاط العسكري لإسرائيل في البحر الأحمر تحت مزاعم مراقبة تسرب السلاح إلى قطاع غزة،فضربت طائرات من دون طيار يشتبه أنها اسرائيلية قافلتين سودانيتين،في ديسمبر2011 ،ثم قصف سيارة في أبريل من العام الماضي ما أدى الى مقتل شخصين كانا على متنها،واخيرا قصفت سيارة رجل الأعمال نويصر قرب مطار بورتسودان. لقد فكر السودان في الشكوى لدى الأممالمتحدة على الإعتداءات المتكررة على مياهه وساحله على البحر الأحمر لكنه لم يستطع. كانت المفاجأة أن حدودنا البحرية غير مرسمة،وبالتالي غير محددة،فقد وقع السودان على اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار منذ 1984،وأقرها مجلس الوزراء لكنها لم تصل بعد إلى البرلمان للمصادقة عليها حتى تصبح سارية ويتم بموجبها ترسيم حدود السودان البحرية مع الأممالمتحدة.نعم اتفاقية ملعقة منذ 28 عامًا. تقاعس السودان عن ترسيم حدوده البحرية، بجانب إضعاف موقفه في حماية مياهه الاقليمية غير المحددة المعالم،يفقده منحا لتدريب مجموعة من مواطنيه في المجالات العلمية والتقنية المرتبطة بالبحار وحماية الحياة البحرية ومنع التلوث البحري، وتزويده بالمعدات والتسهيلات والمساعدات المالية المباشرة من المنظمة الدولية، حيث تتلقى إريتريا نحو 60 مليون دولار ومصر مائة مليون دولار سنويا،وضياع فرصة عضو في المحكمة الدولية لقانون البحار. البحر الأحمر في السودان لا أب له. لا يجد اهتماماً فلا توجد جهة مسؤولة عن شؤونه كما يحدث في كل الدول المطلة عليه،ودمه موزع بين جهات عدة، فوزارة النقل تشرف على الموانىء،ووزارة الدفاع على نقاط المراقبة البحرية،والداخلية على مكافحة التهريب وهكذا. شكرا للدكتور كمال علي موسى، فقد أهداني مؤلفه القيم الذي أصدره مركز البحوث والإستشارات والتحكيم (بورتسودان)،الموسوم (القانون الدولي للبحار)،الذي حوى معلومات وافرة عن التشريعات البحرية،والتعامل القانوني مع عالم البحار. وداعاً فتحي خليل اختطفت يد المنون والي الشمالية فتحي خليل،الذي عرفته منذ سنوات ليست بالقصيرة،عفيف اليد واللسان،حسن الخلق،وفيا لمبادئه السياسية ،يحترم الجميع، متواضعا يمشي بين الناس،باسما ليّن الجانب،سودانيا أصيلا في مظهره ومخبره،رفض السلطة ولم يوافق على تحمل المسؤولية إلا نزولا على رغبة حزبه. رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه ،العزاء لأسرته الكبيرة في الشمالية والصغيرة في الخرطوم، وجعل البركة في ذريته. (إنا لله وإنا إليه راجعون).