٭ لست متشائمة ولكني قلقة.. قلق تفرضه طبيعة الحراك السياسي بين اهل الانقاذ واهل الحركة الشعبية.. الحراك الذي تقطعت بين ثناياه نياط قلوب السودانيين وتعرضت مشاعرهم واشواقهم للحياة الآمنة المستقرة للانتكاسات المتكررة.. قبلوا باتفاقية نيفاشا حباً وشوقاً للسلام وتطلعوا للوحدة الجاذبة.. ولكن خاب املهم وجاء الانفصال والتشظي.. بل والاحتراب.. ووقفت الجماهير حيرى.. كل الجماهير في شق الجنوب وشق الشمال.. وبدأت المفاوضات واسواق الكلام ونشط الوسطاء.. ٭ واصبح امر السودان في موائد الوسطاء والامم المتحدة سواء اكان في الشأن الدارفوري واستمرار تناسل الحركات او في شأن المشاكل العالقة بين حكومة الجنوب وحكومة الشمال. ٭ عشية الخميس السابع والعشرين جاء اتفاق اديس ابابا الجزئي ومازالت هناك مسائل عالقة.. وهامة.. مسائل الحدود وأبيي.. لا ندري متى تنعقد المفاوضات وينشط الوسطاء في امرها. ٭ الحس الوطني السوي لا يملك إلا ان يرحب بأى قدر من التقارب والسلام.. ويرحب بأن تسكت البندقية وتكف عن الانجاب.. فهى تنجب الدمار والخراب والكراهية وتأمل ان يغلب في جماهير الجنوب والشمال هذا الحس.. ٭ ولكن مع ذلك أسوق. مع اتساع الفجوة بين الجماهير وبين الكيانات السياسية إلا ان الانسان السوداني مازال يتمسك بحبال الاماني والاحلام في حياة هانئة ومستقرة في وطن تشظى وانقسم.. ويجب ان يتمسك بهذه الاحلام والاماني ويتحول من خانة السلب الى خانة الايجاب ويتحول من خانة اليأس والحيرة الى خانة الفعل من اجل التغيير.. تغيير الحياة الى الافضل والخروج من دائرة الحصار اللعينة.. حصار اسقاطات سياسات حكومة الجنوب وحكومة الشمال. ٭ بعد ملاحم نضال وتضحيات كبيرة نال السودان استقلاله السياسي ومرت على هذا الحدث الوطني الكبير 57 عاماً ولكن هل تحققت اماني واحلام الانسان في الاستقلال السياسي. ٭ المراقب يقول ان مشاوير الاماني والاحلام كانت متقطعة والطريق ملئ بالعقبات والمطبات وبالرغم من خروج المستعمر تأرجحت الحياة بين سياسات الحكومات الوطنية المتعاقبة طوال هذه السنوات. ٭ لكن في الثلاثة والعشرين الماضية ومع متغيرات الشرط السياسي في العالم وسيادة النظرة الآحادية القوية.. هنا وهناك بلغت ازمات الحياة في السودان مداها على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ازدادت الحاجة للتمسك بحبال الاماني.. فالواقع يقول ان المشكل السوداني صار بحجم لا يحتمل التجاهل او التساهل او التمادي في الكلام.. ذلك لأن الازمة السياسية العالمية الآحادية تهدد الكيان الجغرافي والسيادي. ٭ باختصار شديد مطلوب من الحكومة والمعارضة وكل القوى الخيرة استشعار هذا الخطر بلا تفاصيل حتى يبقى السودان الذي فضل.. وبعدها نعيد النظر في التفاصيل.. فالحل الامثل لمشاكل السودان لا يتوافر عند اهل الحكومة ولا عند اهل المعارضة ولا في الاتحاد الافريقي ولا مجلس الأمن ولا عند الامريكان.. ولكنه يكمن في حركة الجماهير الفاعلة وفي القراءة المتجردة للواقع ولتاريخ حركة الشعب السوداني. هذا مع تحياتي وشكري