جاء فى الأنباء أن السلطات السودانية داهمت مقرا لمليشيا جنوبية يتزعمها الفريق المنشق عن الجيش الشعبي جيمس قاي في منطقة الفتيحاب بأمدرمان، واقتادت (5) من ضباطه و70 فردا من قواته وضبطت 5 مدافع ثقيلة و4 هواتف ثريا ، فيما افاد شهود عيان انهم سمعوا اصواتا لاطلاق نار بالحي اثناء عملية المداهمة دون احداث اصابات، ورجحوا ان تكون العملية وجدت مقاومة ولكنها لم تصمد طويلا فى وجه القوات السودانية المنفذة . الحادثة تفتح الباب واسعا لعدة تساؤلات عن سر وجود هذه القوات التى تمتلك أسلحة ومتحركات وآليات ومعدات حربية وسط مساكن المواطنين بالأحياء حيث إعتبرها مراقبون مؤشرا خطيرا يهدد الأمن ويعرض حياة المواطنين لخطر حقيقى، وفى ذاكرة أهل العباسية والمهندسين كما فى ذاكرة أهل الكلاكلات وجبل أولياء حالة الذعر والرعب الذى أدخلته قوات مناوى والحركات المسلحة والمليشيات الجنوبية فى نفوس المواطنين، فضلا عن الإرتباك الذى سببته فى وقت سابق قوات فاولينو ماتيب نفسها للأجهزة الأمنية ولحكومة الولاية السياسية، والاسئلة هي: هل جاءت مداهمة قوات قاى لذات الخطر والمهددات الأمنية ام أن الأمر فى إطار تنفيذ إتفاق التعاون المشترك بين الدولتين ؟ أم انها حسابات أخرى ؟! يقول مصدر أمنى ل»الصحافة»ان عملية مداهمة مقر قاى فى إطار تجفيف العاصمة من المليشيات مبينا ان السلطات استولت على 8 سيارات بجانب عشرات الاسلحة الصغيرة ،ورجح المصدر حدوث العملية في اطار اتفاق الترتيبات الامنية بأديس ابابا وتنفيذا لما تعهد به الرئيسان البشير وسلفاكير عند توقيعهما «إتفاقية التعاون المشترك بين الدولتين» ، إلا أن أحد قادة الفصائل المنشقة من الجيش الشعبى قال ل»الصحافة» فى إتصال هاتفى إن قوات قاى أصبحت تشكل تهديدا أمنيا للحكومة فقد تورطت فى أعمال سلب ونهب فيما بدا قاى غير قادر على السيطرة على قواته. ومن زاوية أخرى تشكك بعض القيادات فى أن العملية نفسها رسالة من السلطات وتتخوف تلك القيادات من أن يلحق بها ذات مصير قاى وفضلت أن ترتب أوضاعها لمغادرة الخرطوم لتلحق بقواتها فى المناطق الحدودية بين الدولتين وإنتظار ما ستسفر عنه الأيام ، إلا أن الفريق تومى مادوت وهو قائد فصيل منشق عن الجيش الشعبي يقول ل»الصحافة» مسألة تنفيذ الترتيبات الأمنية ليست بهذه العجلة كما ليست بهذه السهولة ويؤكد أن الفريق قاى وقواته قد تورطت فى أعمال سلب ونهب لحقوق وممتلكات بعض المواطنين الجنوبيين عقب عملية الإنفصال ومن بين هؤلاء احد المواطنين الجنوبيين حيث نهبت قوات قاى سيارته الخاصة ومبالغ نقدية ولم يكن الرجل لوحده بل هنالك عشرات المواطنين من إستولت على ممتلكاتهم تحت تهديد السلاح، ويوضح مادوت أن عملية المداهمة التى نفذتها القوات السودانية على منزل قاى تنفيذا لبلاغات ولم تكن تنفيذا للترتيبات الأمنية . «ثوار ، مليشيات ، مرتزقة ، مجاهدين» مسميات مختلفة لقوات عسكرية مسلحة فلا تختلف فى ظاهرها من تسمية ولكنها قد تختلف من حيث الأجندة مع أو ضد ، ولذلك تظل الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان بطول (1800) كيلو متر تسكنها أكثر من ( 30) قبيلة و (12) مليون مواطن منهم (9) مليون فى السودان و(3) مليون فى جنوب السودان منها قبائل رعوية وزراعية وأخرى تعمل فى التجارة تربطها علاقات إجتماعية ومنافع تجارية وإرتباطات سياسية تجعل جميعها المنطقة مسرحا لكثير من التحركات المدنية فيما تنشط عمليات عسكرية أخرى لأكثر من (80) ألف مقاتل ما بين قوات الجيش الشعبى قطاع الشمال أو الجنوب والفصائل المنشقة عنهما وفصائل القوات السودانية النظامية وغيرها من قوات للدفاع الشعبى والحركات الدارفورية المسلحة وأخرى جميعها تحرك سكناتها العداءات المتكررة بين الدولتين، إلا أن قيادات أمنية رفيعة تتوقع أن تستمر تحريضات أصحاب المصالح الضيقة وربما تؤدى لمواجهات مسلحة مع القوات الحكومية نفسها فيما يقول ل»الصحافة» مصدر أمنى رفيع إن عملية تنفيذ الترتيبات الأمنية ليست ب»السهلة» وتحتاج لاجراءات مسبقة ،إلا أن الفريق تومى مادوت أكد ل»الصحافة» أنه ظل فى حالة إتصال وتنوير لبعض من قواته التى جاءت للإستشفاء، يحذرهم من مغبة الإنزلاق الأمنى ويجدد مادوت تأكيداته أنه مع السلام، فيما تقول ل»الصحافة» قيادات عسكرية ميدانية بجنوب كردفان انه لا يمكن أن تتم عملية تنفيذ الترتيبات الأمنية دون إكمال المسار السياسى ، ويؤكدون أن مشكلة جنوب كردفان سياسية لمظالم تاريخية فلابد من حسمها أولا . هكذا تبدو عملية الترتيبات الأمنية و فك الإرتباط صعبة ومعقدة يعزز من ملامح صعوبتها ما قاله رئيس جنوب السودان سلفاكير حين تحدث عن ان من أراد من أبناء جنوب كردفان البقاء فى الجنوب فعليه أن يسلم سلاحه وله إن شاء أن يعيش مدنيا ملوحا بأن حكومته ستمنح الجنسية لبعض العسكريين من أبناء جنوب كردفان لمن أراد منهم أن يظل عسكريا فى دولة الجنوب.