استقبل الرئيس عمر البشير ليل الجمعة الماضي المبعوث الروسي إلى السودان ميخائيل مارغيلوف، ويوم السبت نقلت وكالة نوفستي عن المبعوث أن البشير موافق على تقسيم منطقة أبيي ، بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك. ويوم الأحد نشرت صحف على لسان وكيل الخارجية رحمة الله محمد عثمان أن السودان لم يوافق على أي شىء بشأن أبيي،واعتبر أي حديث عن تقسيم المنطقة محض تكهنات. وعصرالاحد نفى عضو القطاع السياسي الدكتور ربيع عبد العاطي للصحفيين،عقب اجتماع القطاع ما اورده المبعوث الروسي حول موافقة رئيس الجمهورية على تقسيم منطقة أبيي بين الشمال والجنوب،وقال إن هذا الحديث لا أساس له من الصحة. كما شكك رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة لمنطقة أبيي ، الخير الفهيم، فيما نسبه المبعوث الروسي الى الرئيس البشير بخصوص موافقته على تقسيم المنطقة بين الدولتين، قائلاً إن مسألة التقسيم أمر سابق لأوانه، وأبلغ الفهيم،وكالة السودان للأنباء قوله «أنا لا أعتقد أن الرئيس يكون ناقش مسألة الوضع من تقسيم أو غير تقسيم، لأن المقترح المطروح من قبل الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي مسألة مختلفة وهي مسألة استفتاء». ونهار أمس الأثنين لم يستبعد الناطق باسم وزارة الخارجية السفير العبيد أحمد مروح في تصريح قبول السودان بمقترح تقسيم منطقة ابيي، باعتباره خياراً مرضياً ويؤسس لصيغة تعايش سلمي قائم على أساس سياسي بين مكونات أبيي. أقطع ( دراعي) لو فهمت حاجة من هذه الأقوال المتضاربة،ولا أدري من هو الذي يعبر عن الموقف الحكومي الحقيقي. الجهة التي ينبغي أن تصدر تعليقاً على ما أورده المبعوث الروسي هو المكتب الصحفي في القصر الرئاسي لأن ما نسبه مارغيلوف الى البشير لو لم يكن دقيقاً لكان واجباً على الرئاسة إصدار توضيح مقتضب، ولكن ذلك لم يحدث حتى وقت متأخر مساء أمس. لكن الموقف الموضوعي الأقرب لتحقيق مقاصد السلام والاستقرار هو أن الاستفتاء سينتهي الي ان تصبح ابيي جزءا من السودان أو جنوب السودان الأمر الذي سيرفضه المسيرية لو تبعت الى الجنوب،وفي المقابل سيرفضه الدينكا لو تبعت الى السودان، الأمر سيقود الى نزاع وحرب بين أهل أبيي وسيمتد اثره الي اشتعال الصراع والمواجهات بين الدولتين. وحتى يعيش أهل أبيي بجميع مكوناتها في وئام وسلام كما ظلوا منذ عقود خلت،ينبغي التفكير في حل سياسي يرتضيه السكان وتقبله الدولتان،لتجنب أية أثار سالبة يمكن أن يقود إليها إجراء استفتاء ستلد صناديقه «فتنة جديدة»،ستقضي على الآمال بالسلام والأمن. تنفيذ اتفاقيات التعاون بين الخرطوم وجوبا بسلاسة وحسن نية،سيخلق أجواء جديدة،تساعد في التفكير بهدوء في معالجة الأوضاع النهائية لأبيي،وحسم مستقبلها ،والى حين ذلك فالمطلوب انشاء المؤسسات والاجهزة الانتقالية، لادارة المنطقة بشراكة بين السودان والجنوب،وأية محاولة لحرق المراحل والوصول الى نتائج نهائية سيصب الزيت على النار المختبئة تحت الرماد. الدواء بالدعاء أقر المجلس القومي للأدوية والسموم بوجود مشكلة حقيقية في توفير النقد الأجنبي لمقابلة استيراد الدواء، مما أدى إلى حدوث أزمة ،وستعقد لجنة مشتركة تضم المجلس والمستوردين واتحاد الصيادلة اجتماعاً للتفاكر حول إيجاد حل عاجل لمشكلة نقص الدواء، منها إجراء اتصال مع الجهات الرسمية خلال الأسبوع الجاري لتوفير النقد الأجنبي. هذا جانب معقد وقد يستغرق وقتاً وربما تصطدم هذه الجهود بمواقف معلنة لبعض المسؤولين منهم وزير المالية ،لكن هناك أمر علاجه في يد شركات الأدوية وأصحاب الصيدليات، حيث عزا الأمين العام لمجلس الصيدلة محمد الحسن إمام نقص بعض الأدوية لرفض الشركات البيع الآجل للصيدليات، وعدم مقدرة أصحاب الصيدليات على الشراء ب(الكاش). وزير المالية غير مقتنع بتوفير النقد الأجنبي بالسعر الرسمي لاستيراد الدواء،ويرى أن دعم الدواء سيؤدي الى تهريبه الى بعض دول الجوار،وبالتالي فالحكومة عملياً رفعت يدها تماماً عن الأدوية وتركت أمرها للسوق،ودخل الدواء التحرير الكامل من أوسع أبوابه،فحالياً يتم تسعيره بسعر صرف السوق الموازي المتقلب يومياً لذا صارت أسعاره تصبح برقم وتمسي على آخر، وتبعاً لذلك تفاقمت مشكلة الدواء وانعدمت بعض أصنافه في الصيدليات إما بعدم استيرادها،أو حجزها بمخازن الشركات، وقفزت أسعار بعض العقاقير بنسبة 200 في المئة. منطق وزير المالية طبعاً لا يقبله عقل ويجافي المنطق،فهل يدفع المواطن ثمن اتساع رقعة بلاده حتى بعد ما فقدت نحو ثلث مساحتها،وعجز حكومته على مكافحة التهريب،ومعالجة التقاطعات بين الصيدليات والشركات،واذا الدواء يهرب لكان قد تدفق علينا من الجارة مصر. نحو 25 في المئة من السكان يحتاجون الى الدواء بشكل أو آخر،وبعض العقاقير التي تستخدم لمواجهة بعض الأمراض المزمنة اسعارها مرتفقة بطبيعتها كما أنها مستمرة مما يرهق المواطن ويتسبب في إفقاره أو عجزه عن شرائها،ولكن ذلك لا يعني شيئاً لوزارة المالية ومن يقتنعون بمنطقها من المسؤولين،المواطن المغلوب على أمره ليس أمامه إلا الصبر وسؤال ربه الفرج،ولا حول ولا قوة إلا بالله.