الرسالة التى بعث بها اليك الاستاذ الطيب علي السلاوى اطال الله فى عمره ومتعه بالصحة والعافية، بعثت فى نفسى لهفة لمزيد من الكتابة لنشبع شهوات الراغبين فى مزيد من العلم، ونحق الحق قياماً بالواجب والأمانة من حيث العلم ، وتخليداً لذكرى السابقين من أساتذتنا وعلمائنا بحكم ما حبونا به من علم ومعرفة وفضلونا به على أقراننا، وربما أن صلتنا الوثيقة وارتباطنا القوى وولاءنا المفرط لأستاذنا المرحوم حسن عمر الأزهرى «ابن عمر أو هري» بالإضافة الى محبتنا له وثقته المطلقة فينا التى حملته لإهدائنا النسخة الخطية من ديوانه، دفعتنا لمتابعة ما نسمع او نقرأ من اخباره ونتحقق عليها ونضيفها للموقع الرفيع اللائق بها، وهذا اضعف الايمان والله لا يضيع اجر من أحسن عملا ونسأله التوفيق. أما عن كسوة الشرف التى قيل أن مستر براون قلدها له فى آخر سنة 1950 عند إحالته للمعاش، فلدينا عنها صورة اخرى، وهى أن سرايا الحاكم العام بالخرطوم كانت تستعد للاحتفال بتتويج ملك بريطانيا، فبعث ابن عمر رحمه الله رسالة موجهة الى معالى حاكم السودان العام على الصفحة الاولى من إحدى الصحف السودانية التى كانت تربطه برئيس تحريرها صلة قوية قال فيها: سيتوج الملك العظيم ٭٭٭ فهل لنا حظ يساعف بحضور حفلته التى ٭٭٭ جُمعت لها كل الطوائف كل المصالح أوفدت ٭٭٭ ابناءها إلا المعارف فوصلته دعوة رسمية لحضور الاحتفال الذى فى مقدمته ألبسه الحاكم العام كسوة شرف ممتازة لونها أحمر، فجلس ابن عمر فى مؤخرة الجلوس وبدأ يكتب فى اوراق كان يحملها ما حسبه البعض أنه يستعد لإلقاء كلمة لتلك المناسبة، فإذا الحفل حتى نهايته وبداية انصراف الحاضرين لم يتجه ابن عمر نحو المنصة، وخرج مع الحضور فلحق به احد أصدقائه وأصر عليه إطلاعه على الورقة التى كانت يكتب فيها فاذا بها تحوى: الناس قد لبسوا الغداة جديدهم ٭٭٭ ولبست من فوق الجديد جديدا اصبحت من حمر الثياب ولم اكن ٭٭٭ من قبل ذلك فيهم معدودا هى جبة عظمى ولكن لا ترى ٭٭٭ حتى تصادف موسماً أو عيدا والموضوع الثانى هو عن الرسالة التى طلب فيها احد رؤسائه أن يملأ حصة فى فصل كان معلمها متغيباً، وحقيقة هذه القصة وقد عاصرناها منذ بدايتها ونحن تلاميذ فى مدرسة ود مدنى الوسطى وناظرها والدنا المرحوم الاستاذ/ محمد صالح بحيرى، أن ضرب المسؤول الجرس لبداية الدراسة، وبعد ذلك بحوالى ربع ساعة ذهب ألفة أحد الفصول وقابل الاستاذ بحيرى، وقال له: الحصة عندنا للأستاذ ابن عمر ولم يحضر حتى الآن، وكان سكنه ملاصقاً للمدرسة، وحمله الاستاذ بحيرى رسالة يستعجله فيها بالحضور، فإذا بالتلميذ «الألفة» يرجع للناظر ويقول له انه علم أن ابن عمر مريض بالملاريا، وقدم للناظر الرد الذى جاء منه ويقول فيه: هرىٌ لا يطيقُ دخول فصل ٭٭٭ ولا التدريس فى هذا الاوان ولو إنى قدرتُ على حضور ٭٭٭ لكنتُ أتيتُ من قبل الأذانَ نهاية ما أردت ذكره هو تأكيد لما أتى به الأستاذ الطيب على السلاوى من أن ابن عمر منذ أن التحق بالتدريس إلى أن تقاعد بالمعاش لم يتخط وظيفة مدرس، ولم يصل لمرتبة ناظر مدرسة، وكان يؤمن إيماناً لا يتزعزع بأن معيقاته كلها من صنع المؤسسة التى يعمل فيها ورجالها فقال: لعمرُك ما أمر المعارف حجةٌ ٭٭٭ على رجل لم يتصف بهوانَ ولم يقترف ذنباً ولم يك طامعاً ٭٭٭ لمستقبلات كلهن أماني تقلدتُ من أمر المعارف رتبةً ٭٭٭ وأفنيتُ فيها للشقاء زماني وقد أوضح الموقف بصورة أوضح فى موقع آخر جاء فيه: سلكتُ مع النُظار فى كل بلدة ٭٭٭ سلوك إمرئ يخشى الاذى فيدارى ولما طلب سلفية من أحد البنوك لصيانة منزله ورفض مدير البنك ذلك الطلب. كتب إليه يقول: وجدتُ معارفى لم تغن عنى ٭٭٭ فتيلاً عند نائبة الامور ولو أن المعارف أنصفتنى ٭٭٭ لسلفتُ البنوك بلا نظير ولما بلغ الدرك الاسفل من سوء العاملة مع مصلحته كتب قصيدةً جاء فيها: وبيتٌ كبيت العنكبوت سكنته ٭٭٭ بالديم حيث تكاثرت أتعابي ما بين مدرستى وبيتى فرسخٌ ٭٭٭ وعلى البيادة جيئتي وذهابي الأخ الفاضل ستصلك نسخة من ديوان ابن عمر هدية للأستاذ الطيب علي السلاوي، تقديراً لما علمت من علاقة طيبة تربطني به، ودمتم فى رعاية الله وحفظه ونسأله التوفيق. د.الفاضل النور شمس الدين اختصاصي باطنية بالمعاش