تعتبر ثانوية حنتوب 1946م احدى ابرز المؤسسات التعليمية بالسودان، واذا كان انشاء المدرسة قد جاء شأن غيرها من مؤسسات التعليم بالبلاد بهدف تفريخ اجيال قادرة على المساهمة في دفع كل اوجه الحراك المجتمعي، غير أن خصوصية ثانوية حنتوب جعلت منها الاولى بين مؤسسات التعليم العام بالبلاد، فإضافة إلى كونها مدرسة قومية ظلت تختار لها العناصر الطالبية الابرز في المجال الاكاديمي على مستوى السودان، فإن هذه الخصوصية جعلت خريجي المدرسة الابرز في كافة مجالات العمل سواء في الهندسة او الطب او الاعلام وغيرها من ضروب المهن، اضافة الى تفريخ عدد من السياسيين وغيرهم. ومن اللافت للنظر ذلك الحب الجارف الذي يكنه منسوبو حنتوب لمؤسستهم الرائدة، ورغم اغلاق المدرسة وتحولها الى احدى كليات جامعة الجزيرة، مازل الكثيرون يحجون اليها بين الحين والآخر لإعادة شريط الايام الخوالي التي احتضنتهم فيها المدرسة، كما دأب خريجو المدرسة على خلق حالة من التواصل على مختلف اجيالهم، وتعتبر «قروب حنتوب الجميلة» احد احدث مجموعات التواصل على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وبالرغم من ان ابتداع المجموعة لم يتجاوز الاسبوعين فقد بلغ عدد مشتركي الموقع من خريجي حنتوب الف وثلاثمائة، والرقم في حالة تواصل مطرد. مؤسس «القروب » هو استشاري الجراحة مصطفى محمود «مقيم بانجلترا» وهو من الدفعة التي غادرت المدرسة ضمن دفعة 1967م. ويقول دكتور مصطفى محمود إنها دعوة للانضمام ل «القروب» وحنتوب الجميلة ترحب بكل خريجي واساتذة وعمال واصدقاء حنتوب من كل السحن والمذاهب المختلفة وللكل مطلق الحرية في كتابة ما يريد في اي من المواضيع التي يريدها سياسة، علوم، ادب، رياضة، دوبيت، شعر وونسة. وهي بمثابة ترحيب في داركم حنتوب الجميلة وموقع المجموعة على الفيس http://www.facebook.com/groups/271224242892558/ ويتفاخر منسوبو حنتوب بمدرستهم التي يرون أنها كانت في زمانها مثل جامعة «أوكسفورد» ذيوعاً وصيتاً.. وها هو أحدهم يقول: «دخلناها دخول الظافرين بعد منافسة حامية الوطيس في ذاك الزمان حيث المذاكرة بلمبات الكيروسين. والكل يتأبط لمبته وينتحي مكاناً شرقياً في فناء الداخلية، وفول العشاء كان طاعماً والجبنة في أول ظهورها. وكنا والبنطون يمخر بنا النهر منها أو إليها نشعر بزهو عجيب، وإذا عدنا لأهلنا في الإجازات نمشي الخيلاء. والفنان الراحل الخير عثمان قال إن أغنية حنتوب الجميلة كتبت ولحنت في بضع ساعات في الأمسية التي سبقت احتفال المدرسة بيوم الآباء. وكتبها ود القرشي، وطفق يؤلف ويلحن وأنا أردد بعده.. وفي أمسية الغد أعتليت مسرح حنتوب أشدو بحنتوب الجميلة. وهنا فيها الآداب وهنا فيها الشباب والعامل لوطنه ما داير ثواب تلك كانت أيام». وفي عام 1947م اكتمل بناء حنتوب، وفي حشد بريطاني سوداني مهيب يتقدمه المستر هدلستون حاكم عام السودان والمستر س. و. وليامز مدير المعارف، تم افتتاح المدرسة الثانوية التي أضحت في مقبل الأيام الأكثر شهرة وذيوعاً في السودان وخارج السودان. وتم تعيين المستر لي براون كأول ناظر للمدرسة، ثم توالى على المنصب عقد من التربويين. وكانت حنتوب ورصيفاتها خورطقت ووادي سيدنا في مصاف الجامعات العريقة، والذي ميز تلك المدارس النظام البريطاني الحديدي الذي يقوم على الوقت. فليست هناك دقيقة تهدر دون منشط، حتى النوم يعد من النشاطات وله ساعة يقرع فيها الجرس وتطفأ الأنوار، وما ميزها أيضاً جمعها للطلاب من كل فجاج الوطن بما يرسخ مفهوم الوطن الواحد والوحدة.. والوحدة ليست شعارات ولا خطباً سياسية ولا قصائد، ولكنها المعايشة بأن تضم الداخلية أولاد الشرق والغرب والوسط والشمال والجنوب باختلاف أعراقهم وعاداتهم. وكان معنا أيضاً ابناء حضرموت والصومال وإثيوبيا، ومنهم من شغل في بلاده منصب الوزير. والسؤال: من ألغى تلك المدارس السودانية العريقة ولماذا؟