في أمسية من أماسي منتدى السرد والنقد في مقره بالخرطوم " 3 " استضاف المنتدى الناقد أحمد أبو حازم للحديث عن تقنيات السرد ،أدار الحوار فيها القاص الهادي راضي وقد تحدث في حلقة سابقة الأستاذ الأنور محمد صالح عن تقنيات الكتابة السردية في بعض جوانبها وامتدت هذه الجلسة التي قدم فيها ابوحازم بعض المفاهيم المهمة في الكتابة السردية وفي مطلع حديثه قال : - ما أثيره في هذه الجلسة عبارة عن بعض مفاهيم فيما يخص عملية السرد وتعد مهمة لكل من يتعاطى كتابة القصة القصيرة لأنها تسهم مساهمة فعالة في أن تصنع من نصه نص حقيقي جاهز للقراءة ويستحق القراءة بشكل متعدد وواسع ، وأول هذه المفاهيم العنوان كحالة أساسية في القصة القصيرة وهو في الأساس علامة أساسية من مفاهيم النص وهو يبني النص والعناوين تنقسم الى ثلاثة :- عنوان ناجز وهو يضرب في تفسير النص من البداية وتعرف من خلاله مكنونات النص وتتكون في الذهن المشاهد الكلية للنص ، عنوان مكون وعنوان مفارق المفارق يكون علامة تبحث عنها داخل النص القصصي ولا تجده وأحيانا نجد علامة صغيرة جدا تدل على علاقة العنوان بالنص وفي كثير من الأحيان نجد في القص الحديث عناوين ولا نجد ما يدل على ترابط العنوان مع النص الا بفطنة المتلقي وامكاناته يبحث لايجاد ما يربط بين العنوان ومكنونات النص من الاثارة داخل النص ، العنوان المكون واحد من العناوين ذات الصلة بالنص وهو مكون أساسي .. القصة القصيرة غير كل الأجناس الابداعية لابد لها من عنوان لا توجد قصة بدون عنوان وبدون عنوان نفسه هو عنوان فهي أول ما تقتضي العنوان والعناوين الثلاثة ينبغي على كل كاتب قصة أن يكون ملم بها ... النص القصصي امكانية قبوله عند المتلقي تبدأ بالعنوان والاستهلال لأنهما يصنعان حالة جمال التلقي وتشرك المتلقي في عملية التأويل وهي مهمة أساسية باعتبار أن المبدع يقوم بوضع الخطاب من خلال النص ، المتلقي يقوم بقراءة هذا الخطاب ويقوم بعملية التأويل وكل متلقي يقوم بعملية التأويل حسب امكانياته الذهنية وميوله النقدية ووجوده الاجتماعي وطريقة معرفته ربما نص واحد يتعرض لعشرات من طرق التأويل حسب الحالة الذهنية والمعرفية وجمالية التلقي تختلف من شخص لآخر ومن شخص واحد أحيانا في عدة أزمان ... العنوان والاستهلال من البداية اذا لم يكونا في حالة جذب ينصرف المتلقي عن النص لذلك تكون جمالية الكتابة وجمالية الكاتب في توصيل عمله الابداعي من العنوان والاستهلال والاستهلال واحد من الحاجات الأساسية وتشكل اللبنة الأولى في بناء النص المتكامل وتأثيره مباشر وكبير لأنه اما صرف المتلقي أو حفزه لمواصلة قراءة النص القصصي ويشكل النقطة الأساسية التي تشد القارئ وتجذبه ..والاستهلال هو اختزال وتكتيك للنص كله ولكنه يعتمد على كمية من الأشياء وفيه تكثيف عالي للنص ويحتوي على عدة مفاجأت يجدها القارئ داخل النص ... القصة القصيرة هي ليس كالعلوم الأخرى لها قوانين ثابتة ولكن لها مفاهيم متعارف عليها كالعنوان والاستهلال والقصة القصيرة عبارة عن مثلث هذا المثلث مكون من المتلقي والمبدع والنص المنجز والاستهلال يشكل حالة من هذه الحالات والاستهلال يمهد لوجود رسالة ما والوسيط ما بين المتلقي والمبدع هو هذه الرسالة ، هذا المثلث لا يمكن وجوده بشكل جيد الا بوجود هذه المفاهيم ، وهي كفيلة بأن تجعل النص قابل للقراءة والتلقي وقابل للتأويلات المتعددة ثم تأتي بعد ذلك جماليات النص نفسه وطريقة توصيله بمفاهيم غير عادية تنأى عن التقريرية وكتابة المقال لابد من قالب جمالي يطلق عليه النقاد الجماليات الآن اتجه الكتاب لابتداع طرق كثيرة جداً تستوعب النصوص وتبحث عن تقنية جديدة تختلف عن النص والنص الآخر، تقنيات متعددة فيها تعدد الأصوات وكسر الزمن وتقديم وتأخير وكل ذلك لاستقطاب قارئ يتعامل مع النص باعتباره نص غير عادي يجعل القارئ يواصل في قراءته لآخر كلمة فيه ... كذلك لابد للكاتب أن يبحث عن تقنيات تختلف عن التقنيات السائدة وتقنية تختلف عن ما كتبه هو نفسه لابد من التنوع في الكتابة حتى لا يكرر الكاتب نفسه لابد من البحث عن طرق جديدة ومتنوعة تجعل المتلقي دائما في حالة تناول وتأويل لهذه النصوص ليس بالضرورة أن يطابق التأويل الرسالة أو الخطاب الذي رسمه الكاتب ولكن بالضرورة تعدد هذه التأويلات ... التقنيات واحدة من الحاجات التي تساهيم مساهمة فعالة في قراءة السرد نفسه ولا تجعله في حالة مملة لابد من جماليات للقراءة ولا ينتظر الكاتب نتائج هذا التأويل لتصله بشكل مباشر ، المهم في الأمر أن تخلق حالة من حالات التلقي وتساهم مساهمة كبيرة في خلق عملية جمالية التلقي بحيث يكون المتلقي موجود ... القصة القصيرة لها أربعة أركان أساسية لابد لها أن تكون متوازنة التقنية والسرد وجمالية اللغة والفكرة لابد أن تتوفر في النص بشكل متساو ، هذه الأدوات لابد أن تتكامل في النص دون تقدم واحد على الحالات الاخرى النص الذي تتكامل فيه هذه العناصر يمكن أن يقرأ أكثر من مرة وبعدة تأويلات .. تخللت الأمسية مداخلات عدة أضاءت وأضافت بدأها الأستاذ محمود محمد حسن الحديث عن العنوان حديث طيب والعنوان المكون هو العنوان الذي مكون من شذرات النص وهو العنوان ذو الطابع التركيبي وليس ذو الطابع البدهي الذي عرفه الأستاذ وسماه العنوان الناجز هناك تساؤل متى يضع الكاتب العنوان قبل ام بع ؟ في الأبحاث العلمية توجد نصيحة ينصح بها من يضع نفسه في موضع كاتب رسالة ماجستير او دكتوراة ينصح أحيانا بتأجيل المقدمة الى الفروغ من البحث ليكتب الصعوبات التي اعترضته والفروقات وما الى ذلك ولولا أن الخطة البحثية لا تقدم الا من خلال عنوان لربما ايضا اجلوه الى انتهاء البحث ولذلك كثيرا ما يجلأ الباحثون للتغير العنوان سواء بالتغيير او الاضافة في العمل القصص أظن أن هذه النظرية صحيحة لأن وضع عنوان مسبق سيحد من انطلاقة القاص في عمله بناءا على هذه العنوان الشئ الطبيعي ان ينطلق القاص على السجية ويترك الاستدعاء القصصي لديه فاذا فرغ من ذلك ربما الهمه الله عنوانا او ربما بعمل تكويني تركيبي اختار عنوان ملائم ... اما بالنسبة للكلام عن المفاهيم الثابتة طبعا لا توجد مفاهيم ثابتة بمعنى ان التطورات احيانا يحدث فيها خلاف ولكن أكثر العوامل هو عامل الطول والقصر في القصة القصيرة واتوقف عند حديث ابو حازم عن جماليات القصة القصيرة وتعدد الأصوات ، تعدد الأصوات من مزايا الرواية وليس من مزايا القصة القصيرة ، القصة القصيرة لا تحتمل تعدد الأصوات تقنيا كذلك الحوار اتمنى ان تفرد محاضرة للحوار في القصة القصيرة هل تتطور على الاطلاق رواية من غير حوار لا أتصور ذلك هل يمكن ان تكون قصة قصيرة من غير حوار يمكن ، المكونات التي ذكرها ابو حازم السرد وجمالية اللغة السرد هنا بمعنى الحكي السرد مصطلح مائع جدا يستخدم بمعان شتى يستخدم احيانا بمعنى الخطة ويستخدم بمعنى المادة الحكائية بغض النظر عن القالب الذي نقلت فيه ويستخدم أحيانا على القالب الذي نقلت فيه الحكاية وهنا السرد مراد به المادة الخام الحكائية وهي جوهر من الجواهر المكونة للقصة والفكرة وجمالية اللغة هذه الأربعة هل يشترط تساويها في المبدع لأن طغيان احدى هذه الأشياء يضر بالخطة ؟ انا لا اعتقد ان الأمر بهذه الصعوبة هناك حدا أدنى وليس مساوة في تلبية الضروري من كل صفة من هذه الصفات ونوع الخطة ولون الكاتب وبصمته تتطلب منه ان يكون في عمل ما تحديدا ان يكون اكثر جاذبية وان يعتني باللغة وبالصور او يكون اكثر رسالية فيطغى الجانب الفكري او يكون الجانب الحكائي طاغيا ان اعتبر ان هذه الفروقات وهذا التفاوت هو ما يعطي لكل كاتب النكهة الخاصة به .القاص محمد هارون أضاف ان القاص ابوحازم قدم اضاءات القى فيها الضوء على اهم المرتكزات الفكرية التي ينبغي توفرها في كتابة القصة القصيرة وعندما يتحدث النقد للقصة القصيرة يتناول الحوار الحركة السرد اللغة واشار الى أهمية وجود الموهبة الى جانب الدراسة الأكاديمية التي تصغلها في الكتابة الابداعية وفي الجامعات في بعض الدول تتم دراسة كيفية الكتابة ووضعت أسس ومناهج جديدة لذلك واشار الى اهمية الموازنة في الكتابة الابداعية ما بين الفكرة والحوار والتقنية وغير ذلك .