٭ اليوم جمعة، ويوم الجمعة لصيق بالنوستالجيا، أكثر من غيره من الايام، كون أنه يوم (إجازة)، فيه سانحة للإبحار نحو الماضي، وتقليب الصفحات القديمة.. يوم السبت (جديد) على السودانيين في الاجازات، وتاريخياً عندهم محسوب على (الرسميات)، وبداية الاسبوع، ودوام الخدمة المدنية، و(التفتيش) في طابور الصباح للتلاميذ. ٭ ويبدو، ولهذا السبب، لا تزال الجمعة تحتكر (الونسة) ، والدردشة، وحديث الذكريات، عن زمان وأيام زمان: زمن (جوز الحمام ثلاث فردات)!! ٭ في يوم الجمعة، يشتاق الناس الى (اللعب): ( حرينا) و(الشد) و(القحوف)، ويا لولب.. كم في الخط. ٭ قيل إن (اللعب في الصغر كالجد في الكبر)، ويصف علم النفس العظماء الذين، حكموا بلادهم، وتهاونوا في دفع عجلة التنمية فيها، وتلاعبوا بمقدرات شعوبهم بأنهم (لم يكملوا لعبهم في الصغر، فتلاعبوا في الكِبر). ٭ ولمزيد من المتعة في يوم الجمعة ادعو القاريء لمتابعة حوار دار بين شاعر وحفيدته: الشاعر الاماراتي د. شهاب غانم وحفيدته هتوف. ٭ حوار بين جد وحفيدة و(الأزمان دولاب).. يقول شهاب: قالت لي: ساعدني يا جدي كي ابني برجاً مرتفعاً جداً، فأنا لا أقدر أن أبني وحدي، وعلى خدي طبعت بتلة ورد، من ثغر كالزنبق، فجلست على أرض الغرفة في سعدٍ فأضافت ذات السنوات الاربع في صوت عذبٍ يتدفق بالحب: أحبك جداً يا جدّي من داخل قلبي، وأشارت بالأصبع نحو الأضلع وأخذنا نبني كالأصحاب برجاً مرتفعاً جداً.. ناطحة سحاب. ٭ راقبت البرج الزاهي الألوان واخذت أفكر في الأزمان وبذهني خطر سؤال: عن لعبة جدّي أو أعمامي والأخوال إذ كانوا في سن الأطفال لا أدري ما كانت لكن لا أحسبها كانت ابراجاً في كل الاحوال. ٭وأخذت أفكر في الأجيال وأحاول ان أتذكر ألعاب الصبيان في زمن أفلت مني خلف الأزمان كنت به خالي البال.. كان هناك الصلصال أشكل منه الفرسان وأصنع منه الابطال وأشكل منه الاسقف والحيطان لبيوت لا تتطاول في البنيان.. وكان هناك السيارات لا تتجاوز في الحجم البوصات من شتى الألوان صنعت في اليابان نُقش عليها:(صنعت في اليابانالمحتلة) إذ كانت ترزحُ تحت الأمريكان بعيد القنبلة الذرية وكان هناك (الميكانو) ذو القطع الميكانيكية نصنع من الآلات أو العربات لكن لم نصنع ابراجاً في كل الحالات. ٭ ونظرتُ الى البرج الزاهي الألوان والحلوةُ تغمرني بالبسمات حفيدة من كانوا للإبل رعاة ورعاة للشاة وتذكرت حديثاً عن آتي الأزمان عن وعد وعلامات عن يوم آتٍ.. آتٍ!