درج منتدى السودان والحوار بين شمال وجنوب السودان (Sudan Forum e. V. and Sudan Focal Point Europe) بمنتجع هيرماسبورج في مقاطعة سكسونيا السفلى بالجمهورية الألمانية لمدة خمسة وعشرين عاماً «1987 2012م»، درج على تنظيم لقاء سنوي لفعاليات سودانية من الداخل والمهجر، وعالمية لمناقشة الأوضاع في السودان، وخاصة العلاقة بين الشمال والجنوب. وتشرف على هذا الملتقى السيدة مارينا بيتر بدعم من المؤسسات الكنسية وعلى رأسها الكنيسة الأنجيلية الألمانية وعدد آخر من المانحين. وحظي الملتقى منذ التأسيس بحضور شخصيات سودانية بارزة، على سبيل المثال السيد الصادق المهدي، أحمد إبراهيم دريج، الدكتور علي الحاج محمد، هارون رون، الدكتور لام أكول، بونا ملوال، «المرحوم الدكتور خليل إبراهيم والمرحوم الدكتور عبد النبي علي أحمد»، الدكتور الشفيع خضر، الدكتور قطبي المهدي، البروفيسور الطيب حاج عطية، الدرديري محمد أحمد، علي محمود حسنين وغيرهم. وغابت الأسماء اللامعة من الدولتين السودانيتين عن الاحتفال باليوبيل الفضي للمنتدى، وكذلك وزارة الخارجية الألمانية وعدة منظمات عالمية. ومثل حكومة السودان نائب السفير في ألمانيا خالد موسى دفع الله، وحكومة جنوب السودان السفيرة ستونة محمد عثمان التي شكرت السيدة مارينا بيتر على جهودها من خلال المنتدى لتحصل دولة جنوب السودان على استقلالها. ولكن السيدة مارينا بيتر عقبت فوراً على حديث السفيرة، بأنها لم تكن في يوم من الأيام سعت أو عملت عبر المنظمتين لانفصال الجنوب عن الشمال، بل بذلت ما في وسعها للعمل بالتساوي من أجل الطرفين. وركز اللقاء بشكل أساسي على دولة جنوب السودان، وأبرز الأوراق التي قدمت كانت للبروفيسور كارل فولموت، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة بريمن بألمانيا والمتخصص في الشأن السوداني «بحث مع البروفيسور راينر تتسلاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة هامبورج منذ سبعينيات القرن الماضي في عدة أوراق من بينها «السودان سلة غذاء للعالم العربي» من خلال التقنية الألمانية، المال العربي الخليجي، والأرض السودانية، كما أشرفا ويشرفان على عدة رسائل دكتوراة وماجستير ودبلوم عن السودان وجنوب السودان». والورقة تحمل العنوان «الاقتصاد السليم والتعاون الاستراتيجي بين السودان وجنوب السودان أداة من أجل السلام؟» A Sound Economy and Strategic Cooperation Between Sudan and South Sudan A Tool For Peace نعم إنه بحث علمي دقيق شامل لجميع الموارد المتاحة في البلدين، ومدى الإمكانات المتاحة لتوظيفها بوصفها عوامل استقرار وتعاون وسلام بين الشمال والجنوب. وأشكر البروفيسور كارل لسماحه لي بعرض الموضوع على الرأي العام السوداني في إطار ترجمة أو تلخيص في الصحف، حيث سننشر الحلقة الأولى الأسبوع القادم بإذن الله. عضو أبيي ببرلمان دولة الجنوب الدكتور أروب مادوت أمتع الحضور بأسلوبه المرح، ولكنه أشار الى ان الحرب الأولى بين الدولتين انطلقت من أبيي، والحرب القادمة سوف تخرج أيضاً من أبيي، لأن المسيرية دخلاء في المنطقة «علماً بأن المسيرية يقولون إنهم استضافوا دينكا نقوك في أرضهم». كما تحدث عن ملف الفساد في الدولتين قاضي المحكمة الدستورية السابق بالسودان ومسؤول ملف الفساد فيها القاضي جون قادويش، ويتبوأ نفس المنصب اليوم بدولة الجنوب، وتساءل أين ذهبت عائدات النفط والقروض والهبات في الدولتين؟ أسئلة تظل إجابتها في خزائن الكتمان! وفي اليوم الأخير تحدث ياسر عرمان عن النمو غير المتوازن للبلاد، وحمل المركز المسؤولية الكاملة في وضع السودان الحالي ، وخاصة مسببات الحرب في دارفور، جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما تنبأ به المرحوم محمود حسيب. وأشار عرمان إلى أن نقض اتفاقية نافع وعقار التي تمت في أديس أبابا هو الذي أدخل السودان في مجرى التشرذم، لأن المؤتمر الوطني عُرف بالنكوص عن الاتفاقيات قبل أن يجف حبرها، ولم ينفذ حتى اليوم عقداً وقعه. وتطرق عرمان إلى عدم إيصال الإغاثة للنازحين واللاجئين، كما حمل المثقفين أيضاً مسؤولية تردي أوضاع الوطن. وأوضح أن 70% من موازنة الدولة تذهب للأمن، بل تهب الدولة لمساعدة الآخرين على حساب مواطنيها المحتاجين، متسائلاً لماذا لا يجلس السودانيون لحل مشكلاتهم بينهم «سوداني سوداني» كما تجلس الحكومة وتفاوض الأجانب؟ ومن جانبه رد ممثل الدولة السودانية خالد موسى على عرمان بأنه يسعى لتسويق بضاعته، واتهمه بتنفيذ أجندة خارجية. وتحدثت الدكتورة مريم الصادق، قائلة إن جميع الشعب السوداني لا يريد الحرب، ولكنه أجبر من قبل النظام الحاكم لسلك هذا الطريق الوعر الذي يقود لتفتيت البلاد. وجوبهت مريم بالمقابل بأسئلة حول مواقف والدها إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، حيث لا يعرف المواطن أين يقف؟ بل يفشل دائماً جميع مخططات المعارضة. كما تحدثت الدكتورة عائشة الكارب عن المنظمات المدنية غير الحكومية، وقالت إن الدولة عطلت عمل المنظمات المدنية غير الحكومية في المجتمع، وذلك بخلق منظمات حكومية رسمية والتفاوض مع الخارج. ومن خلال الجلسة النهائية للمنتدى، وضح أن التركيز يتجه في المرحلة المقبلة نحو دولة جنوب السودان. هذا وسوف يلتئم المنتدى لمزاولة نشاطه العام القادم خلال الفترة ما بين 14 إلى 16 يونيو 2013م.