بالأمس رفع التجار سعر العشرة كيلو من السكر إلى سبعة وخمسين جنيهاً سعر الجملة ليبيعه تجار القطاعي للمواطن بسعر خمسة وستين جنيهاً للعبوة التي اخترعتها حكومة ولاية الخرطوم وبهذا الإجراء يتضح لجميع مواطني ولاية الخرطوم ان التلاعب في سلعة السكر والضغط على المواطنين عبر خلق الندرة في الضروريات هو سياسة تتستر خلف ترتيبات واضحة ومكشوفة . وبالرجوع الى تاريخ هذا التلاعب سنعود بذاكرة المواطنين الى قرار وزارة الصناعة إبان عهد الوزير السابق والقاضي بفتح المجال لبعض الشركات بإعادة تعبئة السكر المنتج لتصبح التعبئة مرتين مرة بواسطة مصانع السكر والثانية بواسطة شركات التعبئة ليخرج جوال السكر من المصنع الى مخازن شركات التعبئة فتعاد تعبئته ويختلق له سعر جديد يراعي فيه تكاليف التعبئة الجديدة زائداً ارباح شركات التعبئة ثم يباع للمواطنين المساكين لانه سلعة ضرورية لاغنى عنها ولولا إدراك الحكومة لاهميتها لدى المواطن ما نشطت في الإتجار بها ولبحثت عن وسيلة اخرى للإستثمار في معاناة الجماهير . وحينما اعلنت ولاية الخرطوم على لسان الوالي نيتها توفير سلعة السكر للمواطنين في الاحياء ظن الناس ان الحكومة تخلت عن سلوك الاتجار في قوت المواطنين ووجدت بدائل اخرى، وهكذا وفرت حكومة الخضر السكر للمواطنين بسعر خمسة وثلاثين جنيهاً للجوال عبوة العشرة كيلو واعلنت الحرب على من وصفتهم بالتجار الجشعين وهددت وتوعدت كل من يتلاعب في سلعة السكر وسنت قانوناً لحماية تنظيم التجارة ولكن كل هذا انتهى مع مرور الوقت وإرتخاء قبضة السلطة او بالاحرى إرخاءها عمداً لصالح جهة تضع اسعار السلع الضرورية على مزاجها وهم فئة من التجار الذين يتحكمون في سلعة السكر وهم عينهم التجار الذين يتعاملون مع الحكومة ويحظون بعطاء وإمتياز شراء السكر المنتج من المصانع كحق حصري لا ينازعهم فيه احد . ولا يتوقف التلاعب على سلعة السكر وحدها فقد وجدت النفوس المريضة الاجواء مواتية وعين الرقابة الحكومية على الاسواق مغمضة بعمد او بغير عمد فأخذوا يزيدون في الاسعار كل صباح ومساء فارتفعت اسعار الخبز لان تجار الدقيق لم يلتزموا بالحد المعقول من الربح فوق سعر المطاحن وتبعاً لارتفاع اسعار الدقيق ظهر التلاعب في وزن الخبز وانتشرت عمليات الغش في الاوزان كما ارتفع سعر الصابون والزيوت والشاي واللحوم والخضروات والفواكه حتى الموز الذي كان يسمى فاكهة الفقراء زادت اسعاره فجأة بسبب اكتشاف التجار ان عدد الفقراء يزداد يومياً ، لقد زاد كل شئ حتى اسعار الادوية دخلت حلبة الإتجار الرخيص دون مراعاة لظروف المرضى والبؤساء ودون ادنى وازع من ضمير وإنتماء إنساني . إنَّ تجاراً محسوبين على عناصر في الحزب الحاكم وشركائهم في السلطة ممن يسيطرون على سلعة السكر استطاعوا خلال فترة شهرين مضاعفة سعر عبوة جوال السكر زنة العشرة كيلو من إثنين وثلاثين جنيه هو السعر المحدد من المصنع شاملاً الرسوم الحكومية الى سبعة وخمسين جنيه هو السعر المتفق عليه بينهم الآن في جميع الاسواق وهو سعر مرشح للزيادة طالما ان هذا البلد لاتحكمه المؤسسية وانما اهواء التجار وبعض الاصابع الخفية التي تحرك التجار ليزيدوا (على كيفهم ) دون ان تطالهم يد السلطة او يطبق عليهم قانون الثراء الحرام او التلاعب في قوت الشعب اوالتآمر على إستقرار البلد، وكل هذه الفوضى تحدث في ولاية الخرطوم مع وجود اجهزة الدولة وقوانين تجرم التلاعب في السلع والاسعار والغش ، كل السلطات الحكومية موجودة وتعلم بما يجري في السوق من فوضى الاسعار ولكنها لا تتحرك لحماية المستهلك إذن لمصلحة من يمول دافعوا الضرائب مرتبات هذه الجيوش من الناس ؟ ولماذا لا تريد حكومة الولاية الإنحياز للمواطنين الغلابى الذين اصبح همهم الاول والاخير منذ طلوع الشمس الى مغيبها توفير لقمة العيش الكريم دون جدوى ؟. حسبنا الله ونعم الوكيل .