كشفت البعثة الاثرية الايطالية لافريقيا والشرق العاملة في السودان امس عن اربعة مواقع اثرية جنوبام درمان على الضفة الغربية للنيل الابيض تقع بالقرب من منطقة صالحة وجوار قرية الكدي. وقال مختصون في علم الحفريات ان الادلة التي اكتشفت في الموقع مهمة جدا وتعد الاولي من نوعها في كل الاراضي السودانية، وتؤكد ان السودان من اقدم الدول في انتاج الفخار في العالم، ويؤكد الاكتشاف ايضا وجود حياة بشرية في المنطقة وان الانسان السوداني سكن المنطقة منذ فترة العصر الحجري الاوسط «7000 سنة قبل الميلاد» وبعد العصر الحجري الحديث «5000 سنة قبل الميلاد» . وقالت الدكتورة دوناتيلا اوزاي رئيس فريق علماء الاثار الايطالي ان البعثة الايطالية بدأت العمل في منطقة جنوبام درمان قبل عشر سنوات لانقاذ التراث السوداني من العوامل الحضرية وتحسرت على ضياع بعض الاثار بسبب الاهمال. وقالت ان المنطقة غنية جدا بالاثار التي تعود الي عصور ماقبل التاريخ وبها حوالي 200 موقع اثري يمتد تاريخها من العصر الحجري القديم الي الفترة الاسلامية المبكرة، وكشفت عن وجود قرية تحت الارض يعود تاريخها الي اكثر من 500 سنة وتعد اول مستوطنة من طبقات اثرية تظهر للباحثين دون عائق وتحتفظ بمخططات الاكواخ والمواقد، وقالت ان سكان المنطقة القدماء كانوا يعملون في صيد الاسماك بالمراكب ليأكلونها ويصنعون من عظامها الاسلحة التقليدية وادوات الصيد ويمتلكون بعض الحيوانات ويعملون في صناعة الفخار . واكتشفت البعثة ايضا بجوار القرية مقبرة كبيرة كانت تستخدم من قبل ثلاث مجموعات بشرية مختلفة ولازالت تحتفظ ببقايا الهياكل العظمية البشرية. وقال الدكتور ساندرو سلفاتوري نائب رئيس الفريق ان زوجته الدكتورة دوناتلا قضت 20 عاما بالسودان تبحث في الاثار وانه يقيم بالبلاد منذ اكثر من 12 عاما ويهتم بالتنقيب والترميم وانه عمل من قبل في ايران وعمان وباكستان ومصر لكنه لم يجد بلادا غنية بالاثار والمواقع التاريخية الا بلاد السودان . ووعد سفير ايطاليا بالسودان ارماندو باروكو بدعم وتطوير العلاقات بين البلدين، وقال ان جملة المساعدات الايطالية للخرطوم في الفترة بين عامي 2011 و2012 بلغت 20 مليون يورو، وان ايطاليا واحدة من المساهمين الرئيسيين في ميزانية الاتحاد الاوربي ووكالات الاممالمتحدة، وان بلاده تهتم بتقديم الدعم لمناطق شرق السودان بالتركيز على الخدمات الاساسية خاصة قطاعي التعليم والصحة. واكد السفير ريادة بلاده في مجال ترميم الاثار والحفاظ على التراث الوطني، مشيرا الي انها بدأت الترميم منذ القرن الخامس عشر وبها اهم واكبر خمسة معاهد في العالم لتدريس الترميم، وقال انه على استعداد لتوسيع تعاونه مع الخرطوم في مجال الترميم ، مبينا ان ايطاليا ارسلت حتى الان «6» بعثات اثرية بالتعاون مع معهد دراسات افريقيا والشرق والجامعات الايطالية لتعمل في ولايات شرق ووسط وشمال السودان في مناطق كريمة وجبل البركل وتسعي الي ترميم مقابر الكرو ونوري . واعلن السفير الايطالي عن وصول خبير عالمي من روما مطلع العام الجديد يعمل على ترميم الكتب والوثائق والمخطوطات السودانية القديمة ويضع خبرته تحت تصرف المؤسسات السودانية. ودعا اهل السودان الي الاهتمام بمجال السياحة موضحا ان بلاد النيلين بها كنوز لم تكتشف بعد ومناجم من الذهب الخالص. وقال السفير ان ايطاليا بصدد صياغة مشروع كبير يخص منطقة البركل ينتظر ان توافق عليه وزارة الخارجية في 2013 ويهدف الي انشاء معهد متخصص في الخرطوم لتدريس علم ترميم الاثار والحفاظ على التراث السوداني . وناشد مدير الهيئة العامة للاثار والمتاحف د.عبد الرحمن علي رحمة، المواطنين المحافظة على المواقع الاثرية، واعلن عن تنظيم معرض سوداني ايطالي للتعريف بالحضارة السودانية القديمة. وقال ان موقع الكدي مهم جدا واكتشافه سيقود الي اكتشافات اخري تساعد في دراسة تاريخ السودان القديم ويبين انجاز الانسان السوداني في بناء الحضارات .