اواخر سبتمبر من العام الماضي، حدثت جريمة قتل بشعة بمدينة القضارف، كادت تودي بالسلام الاجتماعي وروح االتعايش السائدة بين مكونات السكان في تلك البقعة الطيبة من ارض السودان، لولا تدخل الوالي حينها، كرم الله عباس الشيخ، ونفر من ابناء الشرق منهم وزير الداخلية ابراهيم محمود، وقد اقتنع ذوو الضحايا بالعدول عن الاقتصاص باليد علي ان يتجه الجميع الي القضاء العادل للنظر والفصل في ملابسات وقوع تلك الجريمة. وتتلخص الجريمة بحسب إفادات احد اقرباء الضحايا من شهود العيان، في قيام مجموعة من افراد الشرطة بقيادة حكمدار وبصحبة ملاحظ صحة يتبع لمحلية القضارف بالتحرك مع مغيب الشمس باتجاه احدي زرائب الماشية المقامة داخل احد الاحياء السكنية بهدف إزالة تلك الزريبة بناءً علي قرار محلي سابق، صادر من معتمد المحلية..ويقول المواطن همد باري وهو من اولياء دم احد القتلي ان اطلاق نار حدث بعد مشادة كلامية بين ملاك الزريبة والمجموعة الحكومية، نتج عنه مقتل اثنين من المواطنين هما موسي همد موسي وباري حامد سليمان - عليهما الرحمة - وجرح اثنين آخرين هما ادريس محمد بخيتاي وصالح بخيت ريشاي، وإصيب ايضاً الحكمدار بطلق ناري في الساق من نيران صديقة لان المواطنين كانوا عزلا ، والشاهد في الأمر ان الجثث اخذت الي المشرحة ورفض ذووها استلامها مالم يتم توقيف المتهمين من الشرطة في الجريمة، بينما تم تحويل الجرحي لتلقي العلاج بمن فيهم الحكمدار المذكور المصاب . وكما اسلفنا، تدخل الوالي كرم الله وتمت التهدئة وفتحت النيابة بلاغا جنائيا بقسم شرطة القضارف تحت الرقم 130 ،بتهمة القتل العمد في مواجهة الجناة علي ان يقوم التحري باستكمال استجواب اطراف القضية بعد تلقيهم العلاج . يقول همد باري، لقد مر عام ونيف علي الجريمة ولم تكتمل اجراءات التحري في القضية للدفع بها الي القضاء السوداني العادل، ويضيف انهم استفسروا عن سبب التأخير فقيل لهم ان الحكمدار المصاب في ساقه مايزال بالخرطوم منذ ان ذهب اليها لتلقي العلاج، وهو امر غريب حيث ان المصابين اللذين اصيبا اصابات جسيمة تلقيا العلاج وشفيا تماماً منذ شهور عديدة، وتم التحري معهما ولم يتبق الا الحكمدار المذكور، وما يثير الشكوك هو ان الحكمدار مصاب في الساق وليس الفم، وبالتالي يصبح من غير المفهوم عدم التحري معه فالقضية معطلة لهذا السبب ولم يدفع بها الي المحكمة بحجة عدم اكتمال التحري، ودم الضحايا ينادي اولياء الدم للاخذ بالثأر ولكنهم ملتزمون بالقانون وينتظرون حكم القضاء العادل وما يزالون يمسكون بزمام ولجام التعقل والحكمة، ولكن الي متي ؟. الاخ الفاضل وزير العدل، يقول المولي عز وجل في كتابه الكريم : ( ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا )، وبما ان اولياء دم الضحايا تقبلوا حكم الاجاويد بعدم سفك الدماء اقتصاصاً ورضوا باللجوء الي المحاكم، فإن ابسط قواعد العدالة تقتضي تمكينهم من الوقوف مع المتهمين في قاعة المحكمة، وهذا الاجراء يتطلب بالطبع اكتمال اجراءات النيابة التي امرت بفتح البلاغ ووجهت بالتحري فيه، فهل يعقل ان تعطل عملية التحري بحجة تلقي الطرف الاصيل في الدعوة للعلاج في الخرطوم لاكثر من عام ؟ الا يمكن التحري معه اصلاً ؟ ان اولياء الدم يتشككون حول ما اذا كانت هنالك اجراءات ( نقلية ) تمت للحكمدار المذكور، بحيث يباشر عمله في مكان آخر غير مسرح الجريمة، وبالتالي تعطيل القضية علي أمل ان يطويها النسيان، فهل تسمح سلطات وزارة العدل بهذا ؟. وبالله التوفيق .