دخلت واشنطن وموسكو في سباق علني محموم حول مسألة ابيي ،في خطوة استباقية لاجتماع مجلس السلم والامن الافريقي في التاسع من ديسمبر لبحث ملف المنطقة ،قبل رفعه الى مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرار نهائي حوله منتصف ديسمبر المقبل،فبعد ساعات من لقاء عقده المبعوث الاميركي للسودان برنسون ليمان (الثلاثاء الماضي) ، مع الادارة الاهلية وقيادات المسيرية بمنزل رئيس الجانب السوداني في اللجنة المشتركة لابيي، الخير الفهيم ، اجتمع السفير الروسي بالخرطوم إنفاريك فازليانوف،بذات القيادات وذات المنزل،واستمع الرجلان الى رؤية وموقف القبيلة من الحل النهائي. بابو نمر:واشنطن اختطفت قضية أبيي: واتهم رئيس الآلية الشعبية لأبيى، الفريق مهدى بابو نمر،الولاياتالمتحدة الاميركية ب»اختطاف» القضية ،مؤكداً انها خرجت من يد الحكومة في الخرطوم،لكنه شدد على عدم التنازل عن شبر منها،محذراً من أن الضرر لن يطال السودان وحده بل سمتد لكل دول المنطقة والمصالح الأمريكية والدول الغربية ، واصفا الإتحاد الأفريقى ب(الإلعوبة) فى يد أمريكا. وقدمت الادارة الاهلية خلال لقاء حاشد مساء أمس الأول ،مع السفير الروسى بالخرطوم ،نحو «258» وثيقة تؤكد حقها الاصيل والعادل في ابيي، وهدد الفريق مهدى بابو نمر من أن يكون المسيرية ضحية لأهواء أمريكا التى ظلت تسيطر على العالم بالباطل ،حسب تعبيره، مؤكداً أن المجتمع المحلى فى أبيى يسعى للسلام والإستقرار وإيجاد حل عادل لقضيتهم ،وقال إن قضية أبيى تم إختطافها من المجتمع المحلى،من قبل اميركا، وتسييسها وتجييرها لمصالح ذاتية لا تعود على المنطقة بالإستقرار ، وحذر من مغبة المعلومات المغلوطة التى ظلت تنقلها كوادر الحركة الشعبية الجنوبية سيما أبناء الدينكا نقوك بالخارج ،وعبر فى ذات الوقت عن إنزعاجهم من إحالة ملف أبيى الى مجلس الامن الدولي خلال الإسبوعين المقبلين، مطالبا روسيا القيام بدور فاعل وعادل في قضية ابيي،مشيراً الى إن عملية السلام نفسها شاقة وطويلة وتحتاج لزمن طويل من الحوار المتواصل ما بين (10 - 15) عاما، كما حذر من ان عدم حسم ملف أبيي بعدالة ،سيكون له عواقب وخيمة،ليس أقلها عودة المنطقة الى مربع الحرب،وشدد على أن الضرر لن يطال السودان وحده بل سيطال كل دول المنطقة وستطال المصالح الأمريكية والإسرائيلية والدول الغربية ، واصفا الإتحاد الأفريقى ب(الألعوبة) فى يد أمريكا مطالبا المجتمع الدولى بأن يضطلع بدوره كاملا لإيجاد الحل العادل لقضيتهم ورفع الظلم عن قبيلة المسيرية فى أبيى. من جهته، أكد الخير الفهيم، متانة العلاقات بين روسيا وشعب المسيرية ،وقال إنها بدأت منذ العام 1963 بإنشاء مصنع بابنوسة للألبان ومالبثت أن تطورت للدور الذى ظلت تلعبه روسيا في ارساء دعائم العدالة الدولية، فضلا عن الجهود التي ظلت تقوم بها روسيا في مجلس الامن لمناصرة الشعوب الضعيفة، وأكد الفهيم أن المنطقة تتطلع لعلاقات إقتصادية وشراكة قوية مع روسيا فى التنمية الصناعية والحيوانية والزراعية ،مشيرا إلى ان المنطقة غنية بمواردها البترولية والمعدنية، فضلا عن ثروة حيوانية أكثر من (10) ملايين رأس من الماشية وثروة غابية وطاقة بشرية هائلة . السفير الروسي:اللقاء أزال الكثير من اللبس والغموض حول القضية: من جانبه، أكد السفير الروسي بالخرطوم رغبة بلاده في الحفاظ على علاقات متينة مع السودان ،مبدياً تطلعه وإهتمامه الشخصي لمعرفة تاريخ وثقافات القبائل (البدو) وخصوصا المسيرية، واصفا اللقاء بالمفيد جدا، وقال إنه أزال الكثير من (اللبس والغموض) ،مؤكدا انه سيعمل على نقل كل ما اطلع عليه لقيادة بلاده لمزيد من الدراية بقضية المسيرية وابيي ،وقال إن بلاده تشجع وتهتم بالحوار الهادئ والمقبول كأفضل وسيلة لحل المشكلة فى أبيى. ليمان:نعمل لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين الخرطوم وجوبا: وفي السياق ذاته، اكد مبعوث الرئيس الأمريكى الخاص للسودان وجنوب السودان، السفير برنستون ليمان، ان واشنطن تعمل علي تقريب وجهات النظر المتباعدة بين الخرطوم وجوبا بشتي الطرق بشأن مقترح الوساطة الافريقية الخاص بأبيي للوصول الي صيغة توافقية . وابدي ليمان في تصريحات صحفية بعد لقائه النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه امس بالقصر الجمهوري، استعداد الولاياتالمتحدة لمعالجة اية مشاكل تطفو علي سطح اتفاق التعاون المشترك الموقع بين دولتي السودان وجنوب السودان، وقال ان لقاءه بالنائب الاول تطرق للاوضاع في اقليم دارفور وولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان، مشيرا الي حرص واشنطن علي استقرار الاوضاع واحلال السلام، كما ناقش موقف تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت في اديس ابابا في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي، كما بحث القضايا المتعلقة بالأمن، مؤكدا ان واشنطن تعمل علي تقريب وجهات النظر المتباعدة بين الخرطوم وجوبا بشتي الطرق بشأن مقترح الوساطة الافريقية الخاص بأبيي للوصول الي صيغة توافقية، واضاف «سنعمل عن قرب مع رئيس الآلية الافريقية ثامبو امبيكي» لمعالجة اية عقبة تظهر في طريق تنفيذ بروتوكول التعاون. واطلع المبعوث الامريكي لدي لقائه وكيل وزارة الخارجية بالانابة، السفير عمر محمد أحمد صديق بالوزارة امس، علي مستجدات الأوضاع بالبلاد بالتركيز على الخطوات الخاصة بتنفيذ إتفاقية التعاون المشترك مع دولة جنوب السودان، وتطورات الأوضاع فى منطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق على خلفية الأوضاع الإنسانية فى المنطقتين والمبادرة الثلاثية فى هذا الشأن ومستجدات الوضع فى أبيى . وشدد صديق على أن الحل فى منطقة أبيى يكمن فى تطبيق البروتوكولات الخاصة بالمنطقة والتى تم التوصل إليها بشهادة المجتمع الدولى ، فضلاً عن إستصحاب آراء أهل المصلحة فى جميع مراحل الحل، موضحا أن المجتمع الدولى يعلم أن إعاقة تطبيق المبادرة الثلاثية تم من قبل المجموعة المتمردة إبتداءً ، واكد الوكيل بالانابة أن الأوضاع الإنسانية فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة تتحسن بصورة مضطردة . وجدد صديق حرص الحكومة على تنفيذ إتفاقية التعاون المشتركة بين السودان ودولة الجنوب ، مؤكداً أولوية ضمان إستقرار الحدود ووقف كافة أشكال الدعم للمجموعات المتمردة ، مضيفاً أن هناك إتصالات تجرى بين السودان وجنوب السودان للترتيب لإنعقاد دورة جديدة لأعمال اللجنة الأمنية السياسية المشتركة . المسيرية تبلغ الأممالمتحدة رفضها مقترح أمبيكي: الى ذلك، سلمت أمس الهيئة الشعبية لأبيى، مذكرة لمسؤولى الإتحاد الأفريقى والأممالمتحدة، أكدت فيها رفض المسيرية لمقترح تامبو أمبيكى رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة، بشأن الإستفتاء فى أبيى، واعتبرت المقترح تحامل مسبقاً على المسيرية وتعاطف مع الدينكا نقوك ،لتبنيه رأى ومقترحات الحركة الشعبية، وقالت الهيئة إن المقترح أقصى شعب المسيرية من حقوقه الأصيلة فى أبيى ،كما حرمه من حق التصويت وتجريده من ثروته الحيوانية وتشريده. وقدمت الهيئة جملة من الحقائق والشواهد التاريخية فضلا عن فذلكة تاريخية تحدد زمن دخول المسيرية المنطقة وإستضافتهم للدينكا نقوك ،وقال رئيس الآلية الشعبية لأبيى الفريق مهدى بابو نمر لقد أسمعنا صوتنا بصدق وحقائق لمن كان له ضمير بصورة واضحة ولا تقبل أى تأويل . وانتقد رئيس الهيئة الشعبية لأبيى فى مؤتمر صحفى عقدته الهيئة أمس بالمركز السودانى للخدمات الصحفية، بشدة الحكومة لإختطاف قضية أبيى من يدها وإقصاء أبنائها بعيدا ،متهما إياها بالإهمال والتفريط فى أبيى وتسليمها الملف لمن ليس لهم علم أو دراية بالمنطقة ، وعزا نمر، الحراك الكثيف لقبيلة المسيرية فى اللحظات الحرجة عقب تحديد أمبيكى للمهلة ب(5) أسابيع تبقى منها أسبوعان بعملية (دق القراف خلى الجمل يخاف ) ،مؤكدا أن قضية أبيى ليست قضية المسيرية إنما قضية السودان بمختلف مكوناته . وخلصت الهيئة إلى أن شعب المسيرية يرفض بشدة المقترح وانه غير معنى بأية حلول أحادية تفرض عليه قهرا دون مشاركة أهل المنطقة، وقالت ان تلك الحلول لن تجلب الإستقرار فى المنطقة ،وأكدت بأن شعب المسيرية سيسعى بكل السبل المتاحة لرد حقوقه المسلوبة ويحمل المجتمع الدولى وعلى رأسهم دول إيقاد وأمريكا وبريطانيا وفرنسا مسؤولية ما قد يلحق بشعب المسيرية والمجتمعات الأخرى ،مناشدة الدولة المحبة للسلام وبسط العدالة الإجتماعية بأن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإجتماعية تجاه المنطقة وشعبها .