دعا مهتمون وباحثون شاركوا في ورشة نظمها المرصد السوداني لحقوق الإنسان حول «ترتيبات العدالة الانتقالية في وثيقة الدوحة لسلام دارفور» الحكومة إلى القيام بتنفيذ مجموعة الالتزامات المتمثلة في رفع حالة الطوارئ والقيود على الحريات العامة واستخدام الأساليب الأكثر فعالية للحد من استمرارية وتوسع العنف في إقليم دارفور واستخدام آليات جديدة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ومحاكمة من ارتكبوا جرائم جسيمة في السابق والحاضر، وتساءلوا عن أسباب تأخير تنفيذ بنود العدالة والمصالحة الواردة في وثيقة الدوحة والخاصة بترتيبات العدالة الانتقالية في دارفور، طالبين من السلطة الإقليمية لدارفور عدم غض الطرف والسكوت عن الانتهاكات التي وقعت مؤخرا في بعض المناطق بدارفور من بعض أطراف الصراع. في مداخلته قال ممثل الحكومة بمكتب متابعة سلام دارفور السفير عثمان ضرار «ان عدم تحقق الأمن بشكل كامل في بعض المناطق واحد من الأسباب التي تعيق تنزيل برامج العدالة والمحاسبة بين أطراف الصراع في دارفور»، وأشار ضرار إلى ان العدالة الانتقالية تشتمل على برامج وتوجهات قضائية وغير قضائية على حد سواء و تحتاج إلى وقت والى سلسلةً من الإجراءات و السياسات والتنسيق مع بعض المؤسسات وكشف ان الحكومة أعدت مسودة لمشروع قانون مفوضية الحقيقة والمصالحة الخاصة بدارفور، مبينا ان المفوضية ستكون من ممثلي منظمات المجتمع المدني من دارفور مؤكدا ان المشاورات تجري بين المؤسسات المحلية والسلطة الإقليمية، وقال إن المفوضية ستلعب دوراً اكبر في عملية العدالة والحقيقة وإقرار المصالحات البينية بين المجتمع في دارفور بهدف تحقيق العدالة المصالحة في دارفور في كل ربوع دارفور. المستشار القانوني بالسلطة الإقليمية لدارفور أشواق أبو طويلة ألقت باللائمة على الحكومة السودانية وحملتها كل اسباب تأخير تنفيذ وثيقة الدوحة بما فيها العدالة الانتقالية في دارفور الخاصة بمنح النازحين واللاجئين مستندات تثبت هوية بهدف تسهيل مهمة الضحايا الى نيابات المدعي العام الخاص بجرائم دارفور، واوضحت ابوطويلة بان الحكومة حتى الآن لم تعين قضاة للمحاكم الخاصة لدارفور فضلا عن تعيينها مدعي عام يعمل في دارفور تحت ظروف معلومة ومحدودة لا تجعله يستطيع ان يقدم المطلوب من التحقيقات في كل الانتهاكات التي وقعت والتي لا تحتاج الى عمل كبير، بالإضافة الى مشاركة ابناء دارفور في الخدمة المدنية والسلطة القضائية وغيرها في اجهزة الدولة الاخرى بالشكل الذي يجعلهم في موضع صناعة القرار في الدولة. ومن جانبه أوضح رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان الدكتور امين مكي مدني ان العدالة الانتقالية في دارفور تحتاج الى إرادة سياسية من الدولة والسلطة الإقليمية، وقال ان العدالة يجب ان ينعكس اثرها على ارض الواقع في دارفور ويتم بموجبها نشر و سن القوانين واصلاح الخدمة المدنية موضحا ان العدالة الانتقالية هي حق وعمل في اي بلد مر بواحدة من مراحله التحول السياسي بعد فترة عنف وقمع إلى فترة استقرار يفضي الى تحول سياسي، ونوه امين الى ان العدالة الانتقالية تستمد مضمونها من رغبة المجتمع في إعادة بناء الثقة الاجتماعية، واشار الى ان السودان مر بثلاث مراحل من الحكم الدكتاتوري وهي حكومة الفريق ابراهيم عبود والمشير المشير جعفر نميري والحكومة الحالية وارتكبت فيها كثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، توصل عبرها المتصالحون الى نصوص في الاتفاقيات ولكن لم تطبق بنود المصالحات الوطنية بشكل اساسي، واشار مدني الى ان عملية اصلاح القوانين في السودان اصبحت ضرورة، واضاف» اصلاح نظام القانون المهترئ امر لابد منه وضرورة بناء نظام حكم ديمقراطي يرسخ التعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع الدارفوري وتحديد يوم وطني للتضحيات تجسد من خلالها القيمة الفعلية» لافتا الى ان القيمة الجوهرية للعدالة الانتقالية تقوم على محاكمة ومحاسبة كل الذين ارتكبوا الانتهاكات الجسيمة التي وقعت في دارفور وقطع بان بطء تنفيذ مفهوم العدالة الجنائية في دارفور لا يعفي الحكومة عن المساءلة التي تقوم بها المحكمة الجنائية الدولية ضد المسئولين ما لم تجرِ الحكومة محاكمات علنية تقنع المجتمع الدولي بأن الحكومة جادة، ودعا امين الحكومة الى تطبيق العدالة بكافة أشكالها وفق نصوص العدالة والمصالحة وعلى مفهوم جديد يقوم على الشفافية ويحدث التحول السياسي و التغيير الحقيقي في سلوك تعامل النظام السياسي في البلد وفق القانون الدولي لحقوق الانسان مؤكدا ان التحول من مرحلة الحرب الى السلام في دارفور لايتم الا بتنفيذ العدالة والمصالحة ودعا السلطة الإقليمية الى عدم وضع سياسات تتعارض مع مبادئ العدالة الانتقالية و الحرية والديمقراطية وبناء الثقة مع كل المكونات الاجتماعية في السودان. السفير نور الدين ساتي امين المكتبة السودانية وممثل الامين العام للامم المتحدة في رواندا ايام الاحداث المعروفة هناك، قال ان العدالة والمصالحة التي نصت عليها الدوحة تحتاج الى آليات العدالة الانتقالية وإلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية مثل التي قامت بتطبيقها دولة رواندا من أجل معالجة ما وقع من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتتضمّن هذه التدابير بحسب ساتي الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات العدلية في السودان ودارفور. وطالب نور الدين الحكومة وحركة التحرير والعدالة للعمل بروح الفريق الواحد واستثمار الجو العام لتنفيذ الالتزامات التي نصت عليها وثيقة الدوحة في وقتها موضحا ان عدم تنفيذ الوثيقة في وقتها يعطي إشارات سالبة لذوي الضحايا والى المجتمع الدولي ليزيد من الضغوط على الحكومة وعلى الشعب مبينا ان العدالة الانتقالية التي تم تنفيذها برواندا تمت بارادة سياسية وبرضاء كل الاطراف الراوندية التي تنازعت في عقد تسعينيات القرن الماضي مبينا ان الوضع في دارفور يمكن معالجته بتوفر الارادة السياسية من كل الاطراف المتصارعة في دارفور والحكومة المركزية.