بعد أن تحولت المحاولة التخريبية إلى محاولة إنقلابية أو بالأحرى فإن المرأة المسماة تخريبية ( التي أعلن عنها جهاز الأمن والمخابرات الوطني )أنجبت بنتا واطلقت عليها إسم إنقلابية وتبين للجميع : أن أمر الإنقلابية بنت التخريبية هو جد وليس بالهزل وهو أمر عادي ويمكن حدوثه في عالمنا الثالث وقد وقعت عندنا عدة انقلابات وحدثت عدة محاولات لقلب نظام الحكم الحالي ( الذي وصل بدوره لسدة الحكم إثر إنقلاب عسكري في يونيو 1989م ) وكانت المحاولات تترى منذ محاولة رمضان ثم محاولة فرح وآخرين المحسوبة على حزب الأمة القومي ثم المحاولة الإنقلابية المتهم فيها عناصر كانت تنتمي للمؤتمر الشعبي . وعملية غزو حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم للعاصمة الوطنية الخرطوم . ما هو الجديد في المحاولة الإنقلابية الأخيرة حتى تتقدم مجموعات من المؤتمر الوطني أعضاء بالمجلس الوطني البرلمان وتطلب من رئيس الجمهورية إصدار عفو عن من خططوا للسيدة الفضلى المحاولة التخريبية والدة الآنسة المحاولة الإنقلابية ؟ ما هو الجديد حتى يمتنع الوسطاء في الماضي ويظهرون اليوم يريدون إنقاذ الموقف ولملمة الموضوع في مرحلة ما قبل القضاء ؟ الجديد في الأمر أن العناصر التي خططت للمحاولة التخريبية هي من داخل البيت وكما صرح السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه بأن من قاموا بالمحاولة قد خرجوا من صفنا وسوف نقدمهم لمحاكمة وهذا الكلام من قبل النائب الأول يعبر عن مسئولية الرجل وإحساسه بضرورة مساواة الجميع أمام القانون ولكن الحديث من قبل من يقولون إنهم سيطلبون من رئيس الجمهورية إصدار عفوعن المتهمين يشير إلى أن هناك مشكلة في التعامل بين أبناء الوطن الواحد حسب قربهم وبعدهم من الحزب الحاكم وحكومته وإلا لماذا قامت الإنقاذ بإعدام ضباط العاشر من رمضان المنتمين لحزب البعث العربي الإشتراكي وغيره من القوى السياسية ومن غير محاكمات ( غير المحكمة العسكرية المعروفة والتي تتعامل بقانون القوات المسلحة وليس أمامها فرصة للإستئناف أو غيرها ) ولماذا تمت محاكمة المتهمين في ما عرف بإحداث الخليلة والذين يقبعون في السجون إلى يومنا هذا وقد ردت الحكومة أي صوت ينادي بالإفراج عنهم على الرغم أن بعضهم تجاوز أكثر من نصف مدة محكوميته في السجن ؟ ولماذا لم يفرج عن عناصر حركة العدل والمساوة المعتقلين تحت جريرة عملية دخول متمردي الحركة للعاصمة و كان بالإمكان أن يكون الإفراج عنهم مبررا في إطار إتفاق السلام بين العدل والمساواة والحكومة ؟ . وعندما تم إعتقال قادة المعارضة لسنوات متطاولة بدءً بالصادق المهدي والترابي والسنوسي وكان هؤلاء قادة سياسيين تم توقيفهم لأجل نشاط سياسي وتصريحات لوسائل الإعلام لم ينشط الذين ينشطون الآن ويسعون للحيلولة دون ذهاب متهمي المحاولة التخريبية للمحاكم لفك معتقل أو حتى إثارة أمر الإعتقالات في البرلمان أو السؤال عنهم وعن احوالهم كمواطنين بل إن بعضهم إن لم يكونوا كلهم كانوا يقولون في حالة المعارضين إضربوهم بيد من حديد ولا تهاون بل إعدام وهذه مفارقة بعيدة كل البعد عن روح العدل والإنصاف .وما هو رد هؤلاء على المواطن المسكين محمد أحمد الذي ينتظر من السلطات عندما أسمت المحاولة تخريبية أن توضح له ما الذي كان يود هؤلاء المتهمون تخريبه هل هي منشآت عامة أم ممتلكات حيوية تخص المواطنين والمصالح المباشرة للناس والتخريب في رأي أخطر من الإنقلاب العسكري لكون التخريب يشمل الأمن والإقتصاد والسياسة والمجتمع بأسره والتخريب يتعلق بالحق العام والذي لا يجوز التنازل عنه أو إعفاؤه البتة فعمليات نشر الأوبئة تعتبر تخريباً وعمليات تلويث الهواء أو مياه الشرب تعتبر تخريباً وهكذا . وكذا الحال بالنسبة للإنقلاب إذا كان إنقلابا على الدستور وعلى إرادة الشعب وخياراته الوطنية مثل الحالة التركية التي أشرت إليها في مقال سابق فهو مما يعاقب عليه القانون بأقسى ألوان العقوبات أما في حالة السودان فنحن والحمد لله ليس لدينا دستور ولا نظام ديمقراطي ولكن هذا لا يبرر الإنقلاب على السلطة بالقوة بحيث تتحقق كل المكاسب من خلال العمل السياسي وبعيدا عن العنف . فإذا كان هناك عفو كما يقول نواب البرلمان المتصدرون لهذا الأمر يجب ان يكون العفو عاما بحيث يشمل كل معتقل على ذمة التخريب والإنقلاب على السلطة من معتقلي العدل والمساواة والمحاولة الإنقلابية ( المعتقل فيها الأستاذ يوسف لبس ومن معه ) وكافة المعتقلين وتقديم إعتذار لمن تم إعدامهم وتعويض ذويهم التعويض المناسب وفتح حوار جاد وصريح حول ظاهرة الإنقلابات والمحاولات الإنقلابية وليتقدم كل مواطن سوداني برؤيته للإصلاح الوطني وتحقيق الإستقرار السياسي والعدالة الإجتماعية وحكم القانون والكرامة وأن يعمل بكل هذه الأفكار سواء من الأحزاب او من الجماعات أو من الأفراد كما يحدث في مصر اليوم بعد الخلاف على مسودة الدستور المصري ودعوة الحكومة المصرية المعارضين لتقديم آرائهم وتعديلاتهم على مسودة الدستور .والملاحظ في المعارضة في مصر أنها قادرة وراغبة في الذهاب لميدان التحرير وقد لا تملك المعارضة في السودان هذا المؤهل ولكن يجب أن لا يستهان بالمعارضة وتجاهلها لدرجة النسيان وقادتها يتحدثون عن ربيع عربي قادم كما صرح بذلك السيد الصادق المهدي مؤخرا ويقول صراحة على النظام العمل مع المعارضة لإستباق الربيع العربي في السودان والذي هو قادم لا محالة كما يقول الرجل.