كان هذا العام الذي يقترب من خواتيم ايامه عصيبا وعاصفا على الاتحادي الديمقراطي المسجل او جناح الدقير كما يطلق عليه البعض ،فقد شهد الحزب بالولايات خلافات وصراعات حادة وصلت الى مرحلة الانشقاقات والاستقالات ،وتقديم المذكرات الاحتجاجية لمركزية الحزب بالخرطوم ،لتضع الاحداث المتسارعة قيادة الحزب على سطح صفيح ساحن في وقت تشهد فيه ساحة الاتحاديين بمختلف احزابها وتياراتها حراكا ملحوظا ويبدو ظاهرا في الاتحادي الاصل ،و «المكتب الانتقالى للحركة الإتحادية» برئاسة الشريف صديق الهندي. والثورة داخل الاتحادي المسجل بالولايات جاءت منطلقاتها ودوافعها مختلفة، ولعل ماحملته فقرة من المذكرة التي رفعها الحزب بولاية نهر النيل الى مركزية الاتحادي المسجل بالخرطوم توضح عمق الازمات التي يواجهها الحزب و كانت المذكرة التي حوت انتقادات لاذعة ورسمت صورة قاتمة للأوضاع داخل الحزب ، قالت (نحذّر من رياح الململة التي اجتاحت الولايات وربيع حزبنا المصيف على الأبواب ونأمل أن لا نُستفز لنشر الغسيل القذر أو نبصق من أفواهنا على لحانا ، ونحن غير راضين عن ما يدور داخل حزبنا فإنه اقرب إلى تواطؤ مبرمج وأدوار يديرها حاذقو اللعبة العاجزون حتى عن إنتزاع الحق المشروع )، ولم يكتف موقعو المذكرة بما كشفوا عنه بل تبعتها قيادات بارزة بتقديم استقالات من الحزب على رأسها عبد الكريم علي عوض الكريم ، الذي أكد على استحالة رجوعه عن قرار تقديم إستقالته عن الحزب. وعلى خطى المذكرات مضى قادة الاتحادي المسجل بولاية النيل الأبيض الذين شكوا في مذكرة وقع عليها (18) من أعضاء اللجنة المركزية بالحزب ، من توقف الحراك التنظيمي بسبب شح المال وعدم وجود وسائل حركة ، وطالبت المذكرة بتصحيح المسار برؤية واضحة حتى لا يضطر الموقعون عليها لاتخاذ إجراءات أخرى لم تفصح عنها المذكرة التي طالبت بتعيين رئيس للحزب بالولاية لحين انعقاد المؤتمر العام ، مشيرة إلى أن المنصب ظل شاغراً منذ فصل الرئيس السابق معتصم العطاء الذي ذهب إلى جناح الاصلاح الذي يقوده الشريف صديق الهندي. في ولاية كسلا التي دفع (30) من قياداتها بمذكرة مماثلة لمركزية المسجل، يطالبون فيها بالتدخل العاجل لحسم ما اسموه بالعبث المتمثل في محاولات إقصاء مسؤول الحزب بالولاية لأهم الكوادر بسبب الخلافات حول تغييبه للمؤسسية الحزبية وانتهاجه أساليب لا تتوافق مع قيم الحزب بتمرير أجندة خاصة ودعوته لأشخاص وصفتهم المذكرة بغير المعروفين لاجتماعات الحزب، وتشكيل أمانة وصفوها ب(الهزيلة) ، واقترح الموقعون إجتماعاً موسعاً بحضور قيادة الحزب بالمركز ومرشحي الانتخابات السابقة وأعضاء الأمانات بالولاية والمحلية واللجنة المركزية ، تفادياً لنتائج لا تحمد عقباها في حال بقاء الحال على ما هو. وكانت قيادة الحزب بشمال دارفور قد دفعت بمذكرة شديدة اللهجة حملت توقيع رئيس الاتحادي المسجل بالولاية ، محمد نجيب فرح الدور ، معنونة إلى الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي، واشارت إلى حالة الإهمال التي يعاني منها الحزب في الولاية من قبل المركز وعدم زيارة الأمين العام لها (ولو لمرة واحدة )، وانتقدت اعتماده على ما اسمته بالتقارير الوهمية التي يرفعها خمسة أشخاص على طول الولاية وعرضها، ما أفقد الحزب بالولاية المؤسسية والتنظيم ، بحسب المذكرة التي اشارت إلى أن التجاهل شمل كل أبناء الولاية في التعيينات والمواقع التي يمكن خدمة الجماهير من خلالها وتنظيم الحزب بالرغم من وجود مكتب سياسي للحزب على مستوى الولاية. وفي خطوة تصعيدية كشفت حقيقة الاوضاع بالحزب أعلنت الأمانة العامة للحزب الاتحادي الديمقراطي «المسجل» بمحلية كادوقلي الكبرى بولاية جنوب كردفان انسلاخها من الحزب وسلمت مذكرة الانسلاخ للأمين العام الدكتور جلال يوسف الدقير، وأرجعت الخطوة لغياب الديمقراطية في التنظيم والمؤسسية والشفافية في مؤسسات الحزب بجانب خضوع الحزب لرأي الشخص الواحد،وقال الحبيب عبد الفتاح عضو اللجنة المركزية للحزب بمحلية كادوقلي الكبرى - إن الأمانة العامة تضم «16» قياديا من الحزب بينهم رئيس الحزب بمحليتي كادوقلي وبرام، وأضاف الحبيب من بين الذين وقعوا على مذكرة الانسلاخ أحمد العوض أحمد رئيس الحزب بكادوقلي وعمر جمعة تنقاري الأمين العام بكادوقلي وفرح عمر إدريس نائب الأمين العام بالإضافة إلى عطية جاموس رئيس الحزب ببرام وعثمان حسب الرسول الأمين العام ببرام، فضلاً عن أعضاء باللجنة المركزية والمكتب السياسي بكادوقلي الكبرى. في الجزيرة اعلن المكتب القيادى للحزب الاتحادى الديموقراطى المسجل ، والمكون من «58» عضوا انسلاخه من الحزب وانضمامه الى المجلس الانتقالى للحركة الاتحادية بقيادة الشريف صديق الهندى.وقال رئيس الحزب الاتحادى الديموقراطى المنتخب بولاية الجزيرة ، المهندس محمد يوسف عبدالدائم،ل«الصحافة» ، ان المكتب القيادى للحزب بولاية الجزيرة بأكمله والمكون من «58» عضوا اعلن انضمامه رسميا للمجلس الانتقالى تلبية للنداء الذى اطلقه مؤخراً بقيادة صديق الهندى بغرض لم شتات الحركة الاتحادية،ووصف عبدالدائم الحزب الاتحادى بشقيه «الديمقراطى والأصل» بالمنتفعين الذين يلهثون فى سبيل الوزارات خلف المؤتمر الوطنى، وقال «هذا ليس من شأن الاتحاديين الحقيقيين»،واثارت هذه الخطوة حفيظة مركزية الحزب التي نفت ان يكون المنشقون اعضاء في الاتحادي ،وانه قد تم فصل بعضهم وتجميد نشاط آخرين منهم،وهو ايضا امر بحسب مراقبين يوضح وجود خلافات وانشقاقات داخل الاتحادي المسجل. واخيرا اعلنت قيادات بارزة بالاتحادي المسجل بالقضارف استقالتها رسميا من الحزب احتجاجا على ما آلت اليه اوضاع المسجل بالقضارف حسبا اوضحت،حيث استقال رئيس الحزب بالانابة عثمان احمد فاضل وعدد من القيادات البارزة بالاتحادي ،وبرر نائب الامين العام المستقيل عمر عبد الوهاب الاستقالات الجماعية لتراجع اداء الحزب سياسيا وتنظيميا واجتماعيا، كاشفا عن رفضهم المشاركة في الحكومة والتي وصفها بالديكورية . وترجع مصادر مايحدث للاتحادي المسجل بالولايات الى خلاف بين مساعد الأمين العام للتنظيم إشراقة سيد محمود وعلي الشريف مساعد الأمين العام لشؤون الولايات. ويعتبر رئيس المكتب الانتقالي للحركة الاتحادية بولاية البحر الاحمر معتصم عزالدين ان مايحدث للاتحادي المسجل بالولايات نتاج طبيعي لخيانة الامانة ،ويشير في حديث ل(الصحافة) الى ان من يتولون امر الحزب مارسوا فسادا ادبيا على مبادئ مؤسس الحزب الشريف الهندي الذي كان يعمل على بناء حزب ديمقراطي تمارس فيه القواعد حقها الاصيل دون وصايا من القيادة ،مؤكدا ان من يقودون الحزب افقدونه الاحترام لذلك ثارت القواعد وبدأت تنفض من حوله ،واردف»الجميع بدأوا يبحثون عن حزب اتحادي ديمقراطي يليق بالحركة الاتحادية».