٭ في سن الست وثمانين عاماً تقريباً فارقت حواء الطقطاقة ظُهر الإثنين الماضي 01 ديسمبر 2102م الحياة وأودع جثمانها بعد طوافه على دار الازهري كما درجت وحسب وصيتها في مقابر الشيخ حمد النيل. ولأن رابحة الكنانية كردفانية وهى مشهورة ناصرت الثورة المهدية عند انطلاقتها في القرن التاسع عشر فان الطقطاقة وهى كردفانية أيضاً ونازلت المستعمر حتى الاستقلال في القرن العشرين ولحقها ما لحقها من الاذى والرصاص والسجن وكسر الاسنان تشبه رابحة الكنانية في الدور الذي قامت به كل منهما علماً بأن الطقطاقة سياسياً ومجتمعياً وثقافياً كانت لها أدوار أخرى لم تقصر أجهزة الاعلام والمؤسسات الفنية في الكشف عنها. نشأت الطقطاقة في رحاب الفن الشعبي والغنائي إلا أن السياسة ومنازلة المستعمر بالتظاهر والغناء الحماسي في ظرف عرف بأنه ظرف نشأة مؤتمر الخريجين والدعوة الى التحرير من القبضة الاستعمارية برئاسة الازهري ورفاقه من النخبة فانها وهى سيدة نحت منحىً جعلها أكثر شهرة وملاحقة للمستعمر في كل مكان من الخرطوم وام درمان وبحري الى عطبرة وغيرها ،بأنها كورق شجر الطقطاق الذي يتناثر في كل مكان فعرفت بأنها حواء الطقطاقة عوضاً عن حواء جاه الرسول كما هو اسمها في سجل المواليد والذي هو معروف بين الناس. ويذكر للطقطاقة التي لاقت ما لاقت من أجل الاستقلال أنها لم تكتف بالتظاهر والاحتجاج فقط وإنما سبقت وفد التفاوض من أجل الاستقلال الى القاهرة حيث كان هناك لقاء بين القادة والمسؤولين عن الحكم الثنائي في مصر وكان من حظها ان تحضر عرس الملك فاروق والاميرة ناريمان كما جاء في لقاء لها مع احدى الصحف في زمن باكر..! بيد أن ما يجذب الانتباه أكثر أن السيدة حواء الطقطاقة يوم الاحتفال بإنزال علم المستعمر ورفع العلم السوداني مكانه والكل في السودان يراقب ذلك وينتظره كانت قد توشحت نسخة من العلم ثوباً لها وظل ذلك هو المنظر الذي يراها الناس عليه دوماً ،فهى منافحة ومقاتلة حتى النهاية وجادة في ما تعمل من أجله حتى النهاية ايضاً. بل ظل الزعيم الازهري طوال حياته والى مماته حاضراً في قلبها وذاكرتها ذلك أنه كان يمثل بالنسبة لها (أبا الاستغلال) ورافع علمه. ومن عجب أن علاقتها بداره وأسرته ظلت مستمرة بعد وفاته وعندما حانت وفاتها هى الاخرى ظُهر الاثنين الماضي كانت وصيتها أن يغشى جثمانها دار الازهري قبل إيداعه مثواه الاخير في مقابر الشيخ حمد النيل بأم درمان. إنها كلمات سريعة تقال في غياب الراحلة حواء جاه الرسول المعروفة اجتماعياً وسياسياً وثقافياً وفنياً بحواء الطقطاقة وهى التي قيل عنها الكثير في رحيلها بما في ذلك فعل الخيرات والكفالة والولاء للوطن والمواطنين فقد طاردت المستعمر الى ساعة رحيله. اللهم أرحم حواء الطقطاقة وأغفر لها وتقبلها للقبول الحسن وعزي وطنها وآهلها فيها- آمين.