مبدعون مجهولون هم اولئك الذين يعملون خلف الاجهزة الرقمية في الاذاعة السودانية لساعات طويلة، احياناً لتسجيل ومونتاج البرامج او المسلسلات الاذاعية، ورغم تلك المعاناة هم سعداء باخراج اعمال اذاعية كاملة الدسم.. وحيد جمال احد أولئك.. التقيناه وكانت هذه المقابلة حول تجربته مع العمل الاذاعى والمونتاج. ٭ صورة مقربة: وحيد جمال علي شعيب، حاصل على بكالريوس جامعة النيلين كلية التربية قسم الدراما تمثيل وإخراج في عام 2008م، وفني تسجيل ومونتاج بالاذاعة السودانية في عام 1984م، متزوج وأب لثلاثة ابناء هم جمال ويسرا وعزيزة. ٭ قصة التحاقك بالاذاعة؟ كان ذلك في عام 1984م، وكانت الاذاعة والتلفزيون هيئة واحدة، وعينت فني اضاءة بالتلفزيون، ولكن سرعان ما اتجهت لاعمل في الاذاعة السودانية لحبي وعشقي لها منذ الصغر، حيث كنت مولعاً بالاستماع لبرامج المنوعات والسهرات، وبدأت اعمل فني تسجيل ومونتاج، وتحصلت على كورس نظري وعملي على يد المهندسين محمد عثمان ابراهيم ويوسف الماحي والمرحوم حسن القاسم، ومن الزملاء في هذا المجال اذكر عبد العزيز الشبلي وطلال عثمان ومجدي صالح بابا وغيرهم. وكانت البداية العملية بتسجيل ومونتاج البرامج الخفيفة، وذلك في السنة الاولى لنا، واذكر من هذه البرامج «مجلة المساء» و «المفكرة»، وبعد ذلك انتقلنا تدريجياً الى برامج المنوعات والبرامج الثقافية والدراما الاذاعية خماسة او سباعية الحلقات، ولعل ما تتميز به الاذاعة السودانية هو عملية الصقل والتجويد لأفرادها دون اندفاع ينعكس اثره على الاداء، وهذا ما جعل هذه الاذاعة كما تقول الشعارات التي تطلق على ايام اعيادها المجيدة، عبق الماضي وزينة الحاضر، وهذه حقيقة لا جدال حولها. ٭ متى كانت البداية المتخصصة والمحترفة؟ منذ عام 98م إلى العام الحالي 2012م دخلت بطريقة متخصصة في تسجيل ومونتاج المسلسلات الاذاعية الكبيرة، ولا استطيع عبر هذه المساحة ان اعدد هذه المسلسلات، ويمكن ان اذكر على سبيل المثال مسلسل «اليتيم» لفائزة سليمان، و «نوارة وحلة بنات سليم» لسعاد محمد الحسن، و «الرمنتولا والمحطات والدروب» لعبد القادر نصر، وهؤلاء طبعا مخرجون، كما أنني أقوم بتسجيل ومونتاج برنامج «دكان ود البصير» منذ عام 1998م الى اليوم، وهو برنامج رائد ومخضرم بمنتجيه وممثليه ومخرجيه. كما انني وبحمد الله اقوم بتسجيل ومونتاج برنامج «الحاج متذكر» ايضاً لاكثر من اربعة عشر عاماً من خلال رواده عبد الناصر الطائف وعثمان علي الفكي وغيرهم. ٭ يقال إن العمل في هذا المجال شاق؟ ذلك صحيح، واقول اننا في المسلسلات الاذاعية ذات الثلاثين حلقة نبدأ بالتسجيل مع التيم بقيادة المخرج، ثم ادخال الموسيقى والمؤثرات وعمل الشعار والمونتاج، وهذا عمل شاق وعصيب جداً، ويحتاج لصبر واردة وذوق وحس فني خاص، ولا اخفي عليك اننا كثيراً ما نجلس لاكثر من اثنتي عشرة ساعة امام الاجهزة الرقمية لاخراج هذه الاعمال للناس، واذكر من الاعمال الدرامية التي عانيت كثيراً في تسجيلها ومونتاجها مسلسل مكون من «15» حلقة تحت اسم «فرح الباباي» قبل انفصال الجنوب، وكان امامنا تحدٍ لاخراجه في وقت محدد لدواعٍ محددة. ٭ هل ينافس المسلسل الاذاعى فى عصر الفضائيات؟ - نعم نحن كما يقولون في عصر السماء المثقوب، وعالم المرئيات طغى على المتلقي وتراجع قليلاً الاستماع للاذاعات، ولكن اقول لك ان المسلسلات الاذاعية التي تُذاع يومياً عند الخامسة الا ربعا عصراً ظلت تحظى بالمتابعة من المستمعين، وهذا ما لمسناه بطرق عديدة، ومازالت رغم التطور المرئي، كما ان العلاقة الحميمة بين الانسان وجهاز الراديو ستظل قوية وازلية. ٭ ما هو تأثيرالتقاعد الاجباري على العمل الاذاعي؟ هذا سؤال مهم، وفي رأيي ان الاذاعي يجب ألا يحال الى المعاش الاجباري ببلوغ السن القانونية، لأن عمله يرتبط بالإبداع، وكلما زاد الانسان عمراً زاد ابداعاً. ولعل الإذاعة السودانية وغيرها تتأثر بهذا، رغم أن جيل الشباب ظل يحافظ على مكانة الاذاعة السودانية تحديداً، ولكن ان كان هناك اقتراح للمسؤولين ارى ان تمدد سن المعاش للاذاعيين الى 65 عاماً للحفاظ على هذه الكوادر التي صقلتها التجربة. ٭ ماذا عن التكريم والتحفيز في مشوارك الإذاعي؟ - أحمد الله أن مسيرتي بالاذاعة السودانية امتدت الى تسعة وعشرين عاماً في مجال تسجيل ومونتاج المسلسلات الاذاعية تحديداً، ولقد كُرِّمت بجائزة التميز الاذاعي لأكثر من ثلاث مرات في اعياد الاذاعة، او بالجائزة المحددة لذلك شهرياً، وهذا التكريم افخر به كثيراً، وهي سنة حميدة لأم الاذاعات، وهذا ما يزيد من عظمة الاذاعة السودانية. أحدث الاعمال؟ - اقوم الآن بمونتاج مسلسل اذاعي من ثلاثين حلقة بعنوان «الناطور» من اخراج الزميلة ثريا محمد ادريس، ومن البرامج التي اقوم بتسجيلها ومونتاجها برنامج «مدارات» من اعداد واخراج الزميلين مصعب الصاوي وأديب أحمد، وهذا البرنامج يبذل فيه جهد كبير جعله يخرج ممتازاً ومسموعاً.