أوائل الشهر الجاري تسلم السيد قاضي محكمة الطعون الإدارية - ام درمان - مولانا صلاح العجب المرافعات النهائية من الإدعاء والدفاع في الطعن الإداري رقم ط أ / 2 / 2009 فيما بين اللجنة الشعبية الحارة الثالثة وآخرين ضد وزارة التخطيط والمرافق العامة ( مطعون ضده أول ) وجامعة العلوم والتقانة ( مطعون ضده ثاني ) وبإستلام المحكمة للمرافعات النهائية المذكورة يطوي القضاء السوداني صفحة ممتدة من السجال القانوني والسجال المضاد ويتبقى فقط النطق بالحكم والمقرر له بحسب الإفادات المتحصلة الثلاثون من شهر ديسمبر الجاري . وكان مواطنو الحارة الثالثة الثورة ام درمان - تتبع لمحلية كرري - قد رفعوا عبر لجنتهم الشعبية طعناً إدارياً لدى المحكمة المختصة في مواجهة المطعون ضدهما المذكورين يطلبون فيه إلغاء قرار التخصيص للقطعة (13) الحارة الثالثة واجراءات العقد اللاحقة له لما شابها من بطلان بسبب ما يرون انه إستيلاء وتغول على مساحة تخص مدرسة الحارة نفذه المطعون ضدهما بطرق ملتوية فيما ينفي الاخيران الفعل المنسوب اليهما الامر الذي حدا بالجميع الوقوف بين يدي القضاء السوداني النزيه والعادل وقد استمرت جلسات الاستماع الى اقوال وشهود الاطراف فترة طويلة أقرت بها المحكمة الموقرة وهاهي الآن تصل الى خواتيم اجراءاتها بتسلم المرافعات وتحديد موعد النطق بالحكم . لقد كانت قضية سكان الحارة الثالثة المشار اليها واحدة من عدة قضايا تدور تفاصيلها حول ملف الاراضي وقد إهتمت بها الصحافة السودانية نسبة لتحولها الى ظاهرة جديرة بالإهتمام من حيث الرغبة المهنية لمعرفة اسباب تضارب وتعارض سلطات الجهاز التنفيذي للدولة مع مصالح المواطنين وإضطرار الأخيرين الى محاولة إستخدام السلطات التي يمنحها الدستور والقانون للمواطنين لجهة الاعتراض وممارسة حق تقديم الطعون الإدارية بهدف الحفاظ على حقوقهم ،ولهذا ظهرت قضية الحارة الثالثة وقضية ميدان الفيحاء مربع 6 وقضية جبرة والكلاكلة وغيرها من القضايا وشكلت جرس إنذار أمام الجهاز التنفيذي والجهات الاخرى ذات التأثير عليه ولذلك حرصت الصحافة على المتابعة وتذكير متخذ القرار بأن جوهر مبدأ حكم القانون يفرض على الوزراء والموظفين العامين على مختلف المستويات ان يمارسوا الصلاحيات المضفاة عليهم بتعقل وطيب نية وللغرض الذي من اجله خولت لهم تلك الصلاحيات دون تعد لحدودها ولكن من الواضح ان هنالك خللاً ما في أعلى قمة الهرم بحيث تتكاثر النزاعات بمختلف انواعها سياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية وخلافه دون ان تحرك فيه ساكناً مما يضطر الناس الى اللجوء الى القضاء النزيه العادل . ان أغلب قضايا النزاعات بين المواطنين كطرف اول وبعض التنفيذيين وأشياعهم من الإنتهازيين ومراكز القوى المالية كطرف ثاني تدور حول موضوع الاراضي و الميادين والساحات العامة المخصصة للخدمات مثل المدارس وغيرها وفي بعض الاحيان تكون للنزاعات حول الاراضي اهداف اقتصادية مثل محاولة بعض الانتهازيين التكسب والإثراء عبر تجيير مساحات سكنية مأهولة بالسكان بعد تشريدهم لصالح تحقيق مكاسب لشركات البناء والاسكان والتشييد كما في بعض الحالات المرصودة بواسطة السلطات. ومن الواضح ان الظاهرة اصبحت ملفتة للنظر وتزداد باضطراد كلما ضاقت المساحات المخصصة للمصلحة العامة فيلجأ اولئك للتغول عليها بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة ليندلع النزاع ولو ان السلطة التنفيذية منحت وخصصت لأشياعها ما تشاء من مساحات خارج نطاق المساكن الشعبية والمساحات المخصصة للخدمات لما اعترض عليها معترض ولكنها العشوائية والطمع والفساد الإداري يأبى الا ان يطل برأسه ويقول أنا المنتصر وعلى الآخرين الشرب من البحر . يذكر ان محكمة الطعون الإدارية تسلمت المرافعات من كافة الاطراف فقد قدم الطاعنون مرافعتهم النهائية بواسطة مولانا محمد الحافظ محمود ومشاركيه في الاستشارات والمحاماة والتوثيق وقدم مرافعة الدفاع عن المطعون ضده الاول المستشار ماريا سعيد اما المطعون ضدها الثانية فقد قدم مرافعتها المحامي يحى حسين كوكو وينتظر الجميع حكم المحكمة الموقرة المرتقب .