استمعت محكمة الطعون الادارية امس بام درمان برئاسة مولانا صلاح العجب الي اثنين من شهود الدفاع من اصل ثلاثة يمثلون تسجيلات الاراضي والمساحة ومصلحة الاراضي في الطعن المرفوع من سكان الحارة الثالثة الثورة ام درمان ضد جامعة التقانة علي خلفية إنشاء الاخيرة وهي الجهة المطعون ضدها لمباني في ميدان الحارة المذكورة وتعيينه كمكتبة او شيء من هذا القبيل ، وباستماع المحكمة الموقرة لاثنين من شهود الدفاع في جلسة الامس واعتذار الشاهد الثالث الذي يمثل مصلحة اراضي محلية كرري بحجة عدم وجود اوراق القطعة محل الطعن في اراضي كرري حيث افاد ممثل الاراضي بان الاوراق تم اخذها بواسطة مستشارة في مصلحة الاراضي بالخرطوم منذ فترة طويلة قبل وصول طلب المثول للادلاء بشهادته امام المحكمة ووعد بان يتم احضار الاوراق المذكورة في الجلسة القادمة المحدد لها الثامن عشر من شهر نوفمبر القادم . يذكر ان المحكمة مددت للدفاع العديد من الجلسات لاحضار الشهود وكانت جلسة الامس بمثابة الفرصة الاخيرة التي تمنحها المحكمة للدفاع لتوفير الشهود بعد تكرر فشل الدفاع في احضار وتوفير الشهود الذين يعتمد عليهم لاكثر من جلسة الامر الذي أطال أمد عملية التقاضي في هذه القضية تحديداً و ادخل المحكمة في حرج بالغ ما بين المضي في النظر في القضية علي خلفية توفر كافة بينات الاتهام من قبل محامي الاتهام الموكل من الطاعنين مولانا محمد الحافظ وضرورات منح الدفاع كافة الفرص تمهيداً لقفل الاجراءات وتحديد موعد استلام المرافعات النهائية ومن ثم النطق بالحكم . ومربط الفرس في قضية سكان الحارة الثالثة ضد الجامعة المذكورة هي توفر الشاكين وعلي رأسهم السيد عبدالرحمن يحي الكوارتي رئيس اللجنة الشعبية بالحارة علي مستندات إتهام تؤكد تورط المطعون ضدها - التي تنكر هذا الاتهام - في استصدار اوراق مضروبة والاستحواز علي مساحة كبيرة من ميدان الحارة واستخدامه للمصلحة الخاصة دون علم ورضاء السكان او لجنتهم الشعبية حيث يقول الكوارتي انهم توصلوا الي المستندات التي تفضح المسألة وقاموا بالتظلم الي الجهات الرسمية تصاعدياً وصولاً الي محكمة الطعون الادارية وهاهي المحكمة تستنفد كافة الاجراءات المتعلقة بالنظر في مستندات الاتهام والدفاع بعد ان استمعت لشهود الاتهام واستمعت الي شاهد الدفاع المفوض من المطعون ضدها ثم منحت الدفاع اكثر من فرصة لاستجلاب شهوده ، وبحسب إفادات الكوارتي فإن هذه القضية ستكون سابقة قضائية في تاريخ محاكم الطعون الادارية نسبة للتعقيدات الغريبة التي اشتملت عليها ونسبة لتداخل الخاص مع العام في المسألة باعتبار ان المستفيد من عملية الاستحواز علي ميدان الحارة يتمتع بنفوذ كبير ربما مثل سبباً رئيسياً في عرقلة إضطلاع الجهاز التنفيذي للدولة بمهامه بحيث تعذر علي كافة السلطات المختصة بمكافحة التلاعب في الاوراق والاراضي بما في ذلك السلطات الولائية والاتحادية معالجة هذه التجاوزات وفق الصلاحيات الممنوحة لها وبالتالي لجأ الشاكون المتضررون الي القضاء لكشف ملابسات اختلاط الخاص بالعام واسترداد ميدان الحارة الذي يعتبر حقاً اساسياً لهم ومتنفساً للسكان والشباب لممارسة الرياضة . ومن مظاهر ذلك الخلط ما كشفه الكوارتي بالقول ان المحكمة خاطبت في مرحلة سابقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للتأكد من استصدارها لخطاب دفع به محامي الدفاع للمحكمة للتدليل علي ان المطعون ضدها تملكت الارض بعد الإستئذان من الجهات المختصة ومن بينها وزارة التعليم ولكن المفاجأة جاءت صادمة حينما ردت الوزارة بأنه لا توجد في ملفاتها اي مخاطبات بهذا الخصوص وهو الامر عينه الذي اكده الشهود بالامس حيث افادوا بان القطعة محل الطعن خصصت لوزارة التعليم العالي بيد انها مسجلة في سجلات الاراضي باسم كلية علوم التقانة ، ويضيف الكوارتي بأن رد الوزارة هو واحد من ضمن مستندات عديدة تكشف بوضوح ان ميدان الحارة الثالثة تم الاستحواز عليه بطرق غير قانونية وهو الامر الذي جعلهم يواجهونه بالحزم والحسم اللازمين ويلجأوون الي القضاء السوداني العادل والنزيه للفصل في الدعوي . ان قضايا النزاعات حول الميادين والساحات العامة اصبحت ملفتة للنظر وتزداد باضطراد وقد كتبنا قبل فترة عن قضية ميدان الفيحاء مربع 6 بالحاج يوسف وميدان جبرة وغيره وبما ان الدولة اقرت منذ وقت طويل حق السكان في التمتع بساحات وميادين وسط الاحياء وصدر قرار رئاسي معلوم في هذا الخصوص ولكن ونسبة لاختلاط الخاص بالعام وتنامي شبكات التجاوزات لتؤثر سلباً علي دولاب العمل الرسمي فقد ظهرت قضايا النزاعات علي السطح واصبحت تشكل هاجساً يؤورق الجميع .