٭ هبة عبد العظيم في صحيفة «السوداني» عدد الاربعاء 91/21 اجرت حواراً مع المهندس صديق علي الشيخ وزير مالية ولاية الخرطوم. ٭ الحوار استوقفني كثيرا من خلال ردود وزير المالية.. قالت له هبة: «وزارة المالية وحماية المستهلك بالولاية لم تتمكن من كبح جماح الاسعار.. فهل آليات السوق اكبر من قدرة الولاية؟ اجابة الوزير جاءت كالآتي: هناك اشياء لا بد ان نقرها واشياء لا بد من التعامل معها بشكل قانوني او حسم الشيء الذي لا بد من اقراره هو التضخم والذي فاق 54% وما كنت تشتريه بجنيه اصبح بستة جنيهات.. هذا شيء نقر به.. الشيء الآخر ممارستنا في السلع.. وهي تداول السلع بين الناس.. ودخول الوسطاء، اذ يجب ان يكون التعامل مباشراً بين المنتج والمستهلك.. هناك سياسة تحرير السلع وقانون حماية المستهلك الذي صدر مؤخرا يهدف لتنظيم تباين الاسعار الموجود حاليا لنفس السلعة ولكن لا يمكن ان يغير القانون بين يوم وليلة. ٭ وقفت عند هذه الاجابة ووقفت عندي الحقيقة الاكبر وهي ان نظام الانقاذ اتى بسياسة التحرير قبل ربع قرن الا قليلا.. وقال ايضا ان لها سلبيات مقدور عليها وطوال هذه الفترة لم تستطيع حكومة الانقاذ السيطرة على سلبيات سياسة التحرير او بعبارة اخرى لم تقدر عليها بل قدرت السلبيات على حكومة الانقاذ وحولت غالبية الشعب السوداني الى فقراء ومرضى وجياع. ٭ والمدهش الوزير يقول ان المواطن مضغوط ولكن عليه ان يصبر ولا بد من الصبر، رب العالمين امرنا بالصبر.. نحن عندنا مشكلة في الصبر ذاتو.. وهبة قاطعته قائلة: يصبروا اكثر من كده كيف؟ امر مدهش حقيقة ان يحثنا الوزير على الصبر من غير ان يحث حكومته على المستوى الاتحادي على دراسة اسباب فشل امتد لاكثر من عقدين من الزمان. ٭ اود ان اقول للسيد الوزير الحقيقة نحن ما عندنا مشكلة مع الصبر بل الصبر هو الذي عنده مشكلة معنا انه في حيرة من امرنا.. امرنا الذي دفع فقراء السودان لاكل طين البحر.. الم تقرأ الذي قالته الدكتورة عائشة الغبشاوي امام المجلس الوطني عن تلك الام التي تأكل هي وابناؤها طين البحر عندما لا يجدون ما يأكلونه.. هذا امرنا الذي حير الصبر وجعل صبره ينفد. ٭ وزير مالية الخرطوم المهندس صديق علي الشيخ يقول: ليس هناك من يبيت «القوا» في السودان.. والمعنى لصالح هذا الجيل ليس هناك من ينوم قبل ان يتناول عشاءه.. ولا ادري لماذا قال الوزير هذه الجملة التي تبعد عن الحقيقة والواقع بعد السماء عن الارض.. هل يا ترى لم يسمع عن الذين لا ينامون من الجوع.. الاطفال الذين يسكنون في اطراف المدن وينبشون نهارا براميل القمامة علهم يجدون ما يأكلونه.. الشيوخ الذين يتعشون بالتحايل على النوم الهارب من اجفانهم الامهات اللائي جفت اثداؤهن وعدمن نقطة اللبن كيف يا وزير المالية.. ان ليس هناك من يبيت «القوا» في السودان.. بماذا يتعشون الذين ينتظرون اعاشة المنظمات في معسكرات دارفور والنيل الازرق وكردفان. ٭ حقيقة في تاريخ السودان القريب وليس البعيد لا يوجد من يبيت القوا.. زمان اللبن والسمن والتمر.. زمان النسيج الاجتماعي المتماسك.. زمان دخول الناس متصالحة مع احتياجاتهم.. زمان العطالة متوارية، زمان التشرد نادرا.. في ذاك الزمان.. ليس هناك من يبيت «القوا» ولكننا اين نحن من ذلك الزمان الذي اصبح ذكرى.. نحن في زمان الإنقاذ.. وأي زمان زمان الإنقاذ. هذا مع تحياتي وشكري