أقل ما يمكن أن يوصف به الاقتتال الذي دار أمس الأول بين أولاد (سرور وهيبان) ،أنه مأساة آدمية بل كارثة إنسانية وجدت الشجب والإدانة من كافة مكونات المجتمع بالولاية، إستخدمت فيها الدوشكات والهاونات والآربجيهات والدانات فضلا عن الرشاشات والحرائق وعربات الدفع الرباعي والمواتر (الحصان أبو بنزين)، وبحسب إفادات الفريقين المتحاربين ان (الجبهة الثورية) من وراء البلاوى التي قادت لتطور الاقتتال بجانب انتشار السلاح، فيما لعبت لجنة أمن الولاية دورا كبيرا فى السيطرة على الإقتتال والذى كاد يقود لمعركة شاملة بسبب مايعرف ب(الفزع) تنادت إليه تجمعات الأهالى من كل صوب وحدب من قبل الفريقين ،ورغم أن الأوضاع بالفولة وما حولها لازال يشوبها الحذر والشائعات إلا أن قوات الشرطة والأمن والجيش وقوات الدفاع الشعبى إستطاعت أن تفرض سيطرتها تماما على الأوضاع بالمنطقة ، وكشف شهود عيان ل(الصحافة) أن والى جنوب كردفان أحمد هارون تفقد مواقع الأحداث بالفولة وخارجها بصحبة رتل من القوات التي طالبت الأهالى بفض التجمعات وأصدرت عددا من القرارات والتوصيات التى ظلت تتوالى منذ أمس الأول ،عزلت بموجبها بين الفريقين تماما فيما وصلتها تعزيزات أمنية من الولاية والمركز إلا أن محاولات الصحافة للإتصال بلجنة الأمن قد باءت بالفشل حتى ساعة كتابة هذا التقرير . أولاد هيبان قابلوا لجنة الصلح التى تكونت بمبادرة من قبيلة العجايرة بالمجلد بشئ من الرضا ورحابة الصدر، وقد ظلت هذه اللجنة منذ وصولها موقع الحدث عصر أمس الأول برئاسة الأمير حمدى الدودو ومعتمد أبيى رحمة عبد الرحمن النور تبذل جهودها لتلطيف الأجواء توجتها بأن سلمت أمس أولاد هيبان قتلاهم فى منطقة (رجل بنية ) وبحسب مصادر تحدثت ل(الصحافة) ان الارقام مزعجة، ولكن أمير أولاد هيبان الصادق حريكة تسلمها بشئ من الرضا والإمتثال لقدر الله ،كما تسلمت الإدارة الأهلية بالفولة قتلاهم وجرحاهم بذات الكيفية عبر لجنة أخرى ، فيما ظلت تبذل لجان العرف والإدارة الأهلية جهودا تنسيقية مع لجنة الأمن حفاظا على الأمن ولفرض هيبة الدولة وسيطرتها على الأوضاع . إختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر هنا فى جنوب كردفان حول أحداث أولاد (سرور وهيبان ) فيهم من شبهها بحرب (داحس والغبراء) وإن كانت الأخيرة قد حدثت فى الجاهلية بسبب سباق للخيل بين قبيلتى (عبس وذبيان )، إلا أن الإقتتال المتجدد بين أولاد (هيبان وسرور) أحد بطون المسيرية هو الأكثر غرابة وإستنكارا حالها حال إخواتها من الإقتتال بين بطون المسيرية من جهة ومع القبائل الأخرى، مما يستدعى التعجب أن أولاد (هيبان وسرور) هم (عيال البطن الواحدة) كما تقول الإدارة الأهلية لدار المسيرية، (أولاد هيبان) من المسيرية الزُرُق وهم أولاد عيسى ود جبريل ود الشايب ود الفاتح من أولاد عودة ، أما أولاد سرور من المسيرية الحُمر جدهم سرور ولد فليت ولد أحمد الأحمر فهم من الفلايته أحد فرعي المسيرية الحُمُر والإثنين معا (زرق وحمر) هم أولاد محمد المسير بن عالي بن عطيه بن جنيد بن شاكر بن (أحمد الأجذم) وتقول المصادر إن أحمد الأحمر والد المسيرية الحُمُر وأخوه محمد الأزرق والد المسيرية الزُرُق كانَّا يشكلان قبيلة واحدة قبل أن يفرقهما سُلطان ودَّاي (خريف تيمان) إلي قبيلتين حُمُر وزُرُق لتعيشا في كردفان . التاريخ يقول ان هذه ليست المرة الأولى التى يقتتل فيها أولاد هيبان فقد بدأ أول صراع قديم فى الستينيات من القرن الماضى بين (الغزايا وأولاد هيبان) فى منطقة (قرضاية ) بلقاوة الكبرى إلا أن الراحل الناظر بابو نمر تصدى للمشكلة وتم ترحيل أولاد هيبان للإقامة في منطقة الفردوس وبليلة بدار(الفلايته ومنهم أولاد سرور) ويحفظ له الكثيرون كلمته المشهورة (ديل عيال أمى) ولكن بظهور البترول فى المنطقة تجدد نزاع آخر حول الأرض التى أصبحت غنية بالبترول حيث ادت عمليات التنقيب الي تضيق مساحات مناطق الرعي ، مما ادي الي وقوع نزاع بين المزارعين والرعاة، وبين اولاد هيبان واولاد سرور حول ملكية الأرض نفسها ومنفعتها التى لم تحسمها القوانين السودانية تماما ومن قبلها الدستور إلا أن قيادات تتخوف أن تظل الأرض نفسها سببا رئيسيا لكثير من النزاعات والحروب ليس لأولاد سرور وهيبان بل لكثير من مناطق السودان سيما أهل جنوب كردفان ، فيما تفيد المصادر أن الأوضاع تفجرت بصورتها الأخيرة خلال السنوات الماضية بسبب البترول والحرب وانتشار السلاح بالمنطقة فى ظل أطماع شخصية من قبل بعض الأفراد وأجندات خاصة لبعض الجهات ساعدتها عمليات توزيع السلاح غير المقنن ووفرة المال لشراء أسلحة متطورة لتناهض عتاد الحركات المسلحة التى أذاقت المنطقة سلبا ونهبا وقد لعبت دورا كبيرا لأن تظل المنطقة مشتعلة. إلا أن آخرين يرون أن عدم تنفيذ مقررات (اتفاق الأُبيض) بالديَّة لصالح ذوي القتلى (ثلاثة) من هيبان و(اثنين) من أولاد سرور كما أقرتها لجنة الديات كان من الأسباب الرئيسية لتجدد الإقتتال وتوالت هنا وهنا إلى ان جاءت أزمة الاقتتال الكبرى التى دارت فى منطقة (أم قلودة) من العام الماضى والتى راح ضحيتها كما تفيد المصادر أكثر من (200) قتيل من قبل الطرفين ،أكدت لجنة الأمن فى بيانها أن رئاسة الجمهورية وحكومة الولاية ولجنة أمن القطاع الغربي ولجان أمن المحليات واللجان الأهلية العرفية للعجايرة والمسيرية الزرق وقطاعات المجتمع المدني ظلت تبذل فيها جهودا حثيثة لإحتوائها، وقالت إنها أسفرت عن قناعة الطرفين بضرورة الجلوس لتسوية النزاع ،وترى لجنة الأمن كما يرى الكثيرون أن (الجلوس والحوار) أفضل الخيارات والسبل لمعالجة الأزمة ، إلا أن الأوضاع نفسها تفجرت خلال الاسبوع الماضى سجالا بين الطرفين فى شكل إستفزازات وتارات كانت نتيجتها قتل (6) أفراد قبل أن تندلع المأساة مجددا أمس الأول.