* المسيرية حُمُر وزُرُق عيال راجل واحد.. جدهم محمد المسير بن عالي بن عطيه بن جنيد بن شاكر بن «أحمد الأجذم» .. وعنده تلتقي أنساب عموم البقَّاره بدار حامد وحمر وينتهي نسبهم جميعاً إلي جهينة.. وحامد أو أحمد الأحمر والد المسيرية الحُمُر وأخوه أحمد أو محمد الأزرق والد المسيرية الزُرُق كانَّا يشكلان قبيلة واحدة قبل أن يفرقهما سُلطان ودَّاي «خريف تيمان» إلي قبيلتين حُمُر وزُرُق تعيشان في كردفان.. وأولاد سرور من المسيرية الحُمر جدهم سرور ولد فليت ولد أحمد الأحمر فهم من الفلايته أحد فرعي المسيرية الحُمُر والثان? هم العجايره. وأولاد هيبان من المسيرية الزُرُق وهم أولاد عيسى.. وأولاد جبريل.. وأولاد الشايب.. وأولاد فاتح.. وأولاد عودة.. ولا تخلو حياة القبيلة الكبيرة ببطونها وأفخادها وأقسامها من النزاعات حول الماء والكلأ.. ولا تتعدى الخسائر بين الجانبين بضع أفراد من هنا وهناك ويتولى الزعماء والأجاويد حلَّ كل مشكلة بالديَّات والتعويضات.. وتستمر الحياة.. وقد تصدى الراحل الناظر بابو نمر للإسهام في فض الإشتباك بين الغزايا وأولاد هيبان وهما من المسيرية الزُرُق . والذي راح ضحيته عدد من الأنفس من الجانبين في ستينات القرن الما?ي فسمَح لأولاد هيبان بالإقامة في جواره بدار «الفلايته ومنهم أولاد سرور» وطوال هذه الفترة حدثت عدة نزاعات .. وكان آخرها العام الفائت بين أولاد هيبان الزُرُق وأولاد سرور الحُمُر توصل الطرفان إلي حلَّها «باتفاق الأُبيض» الذي تولَّته اللجان الأهلية وحكمت بالديَّة لصالح ذوي القتلى ثلاثة من هيبان واثنين من أولاد سرور.. وفات موعد سداد القسط الأول من الديَّة المفترض سداده لأولاد هيبان فاعترضوا «مُرحال» أولاد سرور وحدث الاشتباك.. وتدخل الجيش لفض الاشتباك وإقامة منطقة عازلة بين الطرفين .. لكن الجيش أصبح هدفاً لنيران?الخصمين وهو غير مخوَّل بإطلاق النار فإنسحب فوقعت الواقعة حتى بلغ عدد الضحايا من أولاد سرور ثلاثة وعشرين شخصاً ومن أولاد هيبان واحدا وثمانين شخصاً.. وبلغ عدد الجرحى من أولاد الفلايته أولاد سرور ثلاثة وعشرين شخصاً في مستشفى المجلد وعدد الجرحى من أولاد هيبان بمستشفى لقاوة غير محدد بدقة «حسب رواية الناظر مختار بابو نمر ناظر المسيرية الحُمًر»!! وكل ذلك وقع في منطقة أم قلوده بالقرب من حقل بليلة النفطي ..ومن هنا تفوح رائحة البترول ولعل انتشار الأسلحة النارية هو السبب الرئيس في إرتفاع عدد الضحايا من الطرفين حيث حل?َ الكلاشنكوف وجيم تلاته محل الحربة والكوكاب ... وكفوف الجبخانه محل التُركَاش!! * ويمكن للرسميين في محليَّات المجلد والفولة ولقاوة وكيلك أن ينفضوا أيديهم من أي مسؤولية حيال ما حدث باعتباره نزاعاً تقليدياً بين قبيلتين حول المسار أو المرحال ولا علاقة له البتة بنظم الحكم والإدارة.. أو قد يقول قائل إن الأرض التي عليها النزاع هي «تراب الفلايته» والحق مع أولاد سرور .. أو يرد عليه آخر بأنَّ أولاد هيبان هم المقيمين على هذه الأرض منذ عشرات السنين وان أولاد سرور رُحَّل .. أو يقول آخر إن من طباع أولاد هيبان وأولاد سرور معاً هي الحدة واللجوء للعنف في حل أي مشكلة مهما صَغُرت ولديهما سوابق في ه?ا المجال شهودها أحياء دعك من التاريخ البعيد أو الموغل في القدم.. وقد يكون كل هذا أو بعضه صحيحاً .. لكن الصحيح أيضاً هو إننا نزعم بأننا في دولة حديثة لا تجيز نظمها ولا يشير دستورها إلى ملكية الأرض إلا للدولة وبذلك تنص القوانين. كقانون الأراضي الذي يقول في أحد بنوده إن كل الأراضي غير المسجلة حتى العام 1970م تعتبر مملوكه للدولة.. وكذلك يقول قانون المعاملات المدنية.. وقد أرست المحكمة العليا سابقة قضائية بعدم إختصاص أي محكمة بالنظر في أي نزاع حول أراضٍ غير مسجلة «كالحيازات ووضع اليد مثلاً» إلا بالفصل فيها «إدار?اً» بحيث تكون مصلحة الأراضي والتخطيط العمراني التابعة لها الأرض موضع النزاع .. طرفاً أصيلاً في ذلك النزاع.. ولا يكون الفصل الإداري إلا بغرض المنفعة كالسكن وليس لأغراض البيع أو التجارة. وقد قطعت مفوضية أراضي دارفور ورئيسها المهندس آدم عبد الرحمن «ذلك الرجل البارع المرتَّب المخلص بعيد النظر» قطعت شوطاً مقدراً في كيفية الترتيب الإداري لحل مشكلة الأراضي والانتفاع العام بها مستعيناً بتجارب وخبرات دول أجنبية كأستراليا ونيوزيلندا وغيرهما من الدول ذات المشكلات المُشابهة.. واستخدام وسائل حديثة جداً مع الأقمار الصن?عية واصطحاب ثقافة أهل المنطقة وطرق استخداماتهم للأرض .. والحراك السكاني.. والمتغيرات المناخية .. والنزاعات القبلية.. والظروف الأمنية.. والتنمية والاقتصاد والخدمات والمياه والصحة والتعليم .. والعرف الأهلي وكل ذلك وغيره ووضعها في إطار محكم يشكل «خارطة طريق».. أنا لا أحب هذا المصطلح .. تعين الدولة والشعب على الاستفادة القصوى من أراضيهم ما فوقها وما تحتها.. ويمنعها من العودة إلى عقلية الحواكير وشهوة الاستحواذ بلا مردود حقيقي يعود نفعه للبلاد والعباد.. تجربة المهندس آدم عبد الرحمن تستحق أن يُحتفى بها ويُعمل بمق?ضاها وفيها حل جذري لمشكلة الأراضي في كل بلادنا التي تشقى باتساع رقعتها فتتحول الأراضي إلى نقمة أكثر ما هي نعمة .. كما هو حال أولاد سرور وأولاد هيبان «الأخوان».. مالكم يا ولاد أَمَّي ..الله يهدِّي سرَّكم. ويخذل عدوكم.. وعدوكم الشيطان.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فالأرض الله. * يحكى أن المسيح عليه السلام وحوارييه نزلوا بأرض وسرحوا ركائبهم لترعى .. فتصدى لهم رجلٌ زعم بأن هذه الأرض له ومنعهم من أن ترعى ركائبهم.. فأتوا المسيح عليه السلام يشكون.. فدعا ربه بأن يحيي كل من كانت له هذه القطعة من الأرض .. قال الراوي.. فقام الناس مثل العشب الذي على الأرض وكلٌ يدعي بأن الأرض له .. فالتفت المسيح عليه السلام إلى الرجل قائلاً «نحن تركنا الرعي فأبحث لنفسك عن الحق الذي تدعيه مع كل هؤلاء» وهذا هو المفروض