كذبت الأحداث المأساوية والدامية التي تشهدها محلية السريف بشمال دارفور منذ ثلاثة ايام الرواية الرسمية لحكومة الولاية ،فالمواجهات التي كانت مستمرة حتى ظهر امس تحولت الى قتال ضاري بين قبيلتي الرزيقات وبني حسين راح ضحيتها العشرات فيما أجلت 3 طائرات تابعة لليوناميد الجرحى ،وشهدت الخرطوم امس تحركات مكثفة من مجلس شورى قبيلة البني هلبة لاحتواء الاحداث المتسارعة...وجاءت الرواية الرسمية لحكومة الولاية مخالفة لما هو حادث على الارض بحسب مصادر حيث كشف والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر امس الاول عن مقتل (8) اشخاص بمناطق التعدين عن الذهب بمنطقة جبل عامر بشمال دارفور ، وذلك على خلفية نزاع وقع بين مجموعة من المعدنين واللجنة المنظمة للعمل بالجبل، مؤكدا احتواء الاحداث التي وصفها بالعابرة ، وقال كبر إن الحادث وقع نتيجة لخروج مجموعة صغيرة من المنقبين عن دائرة التنقيب بالجبل ، وعند محاولة اللجنة المنظمة إثناءها عن الخطوة وقع شجار بين الطرفين نتج عنه مقتل أحد المنقبين ليتطور الامر لاشتباكات راح ضحيتها ثمانية ،واكد وصول القوات المسلحة لمنطقة الاحداث والسيطرة عليها ،وقال كبر إن عدد المعدنين في تلك المنطقة مابين 60 الى 70 الف شخص. ولكن ما كشف عنه مجلس شورى قبيلة البني هلبة الذي زار(الصحافة) امس وافادات شهود عيان بالمنطقة تحدثوا الى الصحيفة وتقارير للامم المتحدة فان الاوضاع لم يتم السيطرة عليها حسبما اشار والي شمال دارفور في تصريحه الذي ادلى به يوم الاحد ،ويشير رئيس مجلس شورى قبيلة البني هلبة حامد محمد علي تورين الى ان وفدا من قبيلته طرح مبادرة امس لاحتواء الصراع الدائر بمحلية السريف بين قبيلتي الرزيقات وبني حسين ،مبينا عن اجتماعهم امس الى الوزير بديوان الحكم اللامركزي حسبو محمد عبدالرحمن ،كاشفا عن ان هدفهم من المبادرة ايقاف الاقتتال بين القبيلتين الذي اشار الى انه ظل مستمرا منذ ثلاثة ايام راح ضحيته اكثر من 38 مواطنا ،مناشدا قيادة القبيلتين بايقاف العدائيات تمهيدا لرتق الفتق ،معبرا عن بالغ اسفهم في القبيلة لما يدور بين الرزيقات وبني حسين ،مطالبا قبائل الاقليم وقوى المجتمع المدني بمحاصرة هذه الظاهرة حتي لاتتسع . وكان شهود عيان من كبكابية وسرف عمرة اكدوا وصول الآلاف من الفارين الى المنطقتين، بينما لايزال هناك عشرات الآلاف من المنقبين هاربين ،وبحسب شهود عيان ان الاحداث ادت لمقتل العشرات من الطرفين واصابة اعداد كبيرة من الجرحى تم نقلهم لمستشفيات كبكابية وسرف عمرة واشار الشهود كذلك لوصول اكثر من (10) آلاف شخص فارين من جبل عامر الى مدينة كبكابية حيث تم استقبالهم في استاد المدينة ومباني المؤتمر الوطني ، والبعض الآخر في الساحة العامة، واشار الشهود كذلك الى تقديم مواطني كبكابية العون لهم كما قامت احدى المنظمات الوطنية في المدينة بتقديم المساعدة لهؤلاء المتضررين. وقال احد المنقبين عن الذهب بجبل عامر فر الى كبكابية ، ان سبب الاقتتال يعود الى شجار بدأ بسيطا بين شخصين احدهم من الرزيقات وآخر من بني حسين على بئر تعدين ، ثم تطور الامر الى استخدام السلاح بعدها تدخلت القبيلتان ، وناشد العامل السلطات المحلية والولائية الاسراع في تقديم العون والمساعدة للذين مازالوا فارين بعد ان نهبت منهم كافة ممتلكاتهم . وطالب ايضا السلطات في ولاية شمال دارفور بتجهيز اماكن لايوائهم بسرف عمرة. ومن جانبها اكدت بعثة اليوناميد تلقيها لتقارير تفيد بوقوع اقتتال بين قبيلتي بنى حسين والرزيقات يومي الخامس والسادس من يناير بمنطقة جبل عامر بمحلية السريف بني حسين بولاية شمال دارفور . وقالت عائشة البصري الناطقة الرسمية باسم بعثة اليوناميد ، ان تلك التقارير افادت كذلك بوقوع عدد من الضحايا نتيجة للاقتتال حول مداخيل المنجم ، وكشفت عائشة عن نقل عدد من الجرحى الى المستشفى التابع لبعثة اليوناميد في كبكابية حيث يتلقون الآن العلاج الطبي اللازم ، وأوضحت عائشة ان البعثة علمت ايضا بأن هناك عددا آخر من الجرحى نقلوا لمستشفى كبكابية وسرف عمرة . واشارت عائشة الى وجود جهود حثيثة مبذولة وجارية من اجل تخفيف حدة التوتر في هذه المنطقة. ويشير شاهد عيان في حديث ل(الصحافة) الى استمرار المواجهات بين القبيلتين ،مؤكدا ان الكثير من القرى تعرضت للحرق والنهب وانه تم إجلاء أطفال ونساء الى مناطق آمنة ،مبديا تعجبه من توسع نطاق الخلاف بين القبيلتين بداعي قضية لم تكن تستحق إراقة الدماء، فيما اكد والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر بذل حكومته لجهود كبيرة لإيقاف الاقتتال بين القبيلتين خلال الساعات القادمة ،وقال في حديث ل(الصحافة) امس ان هناك أطرافاً أخرى تدخلت في القضية فيما استغلت جهات اخرى حالة الاقتتال ومارست نهبا على ممتلكات المواطنين،وجدد الوالي التأكيد على احتواء وحسم الموقف حتى لا يتفاقم ،مشيرا إلى ان القضية برمتها بدأت بخلاف بسيط ثم تطورت الا انه أكد تدخل القوات المسلحة لفض النزاع. فيما اعتبر وزير الإعمار والتنمية بالسلطة الإقليمية تاج الدين نيام ان الصراع المسلح بشمال دارفور بات محل اهتمام المجتمع الدولي ،مشيرا إلى ان قادة الاتحاد الأوربي ابدوا قلقهم من تردي الأوضاع الأمنية بشمال دارفور، وقد تجدد الهجوم أمس الثلاثاء على الباحثين عن الذهب بجبل عامر بمحلية السريف بنى حسين بشمال دارفور من قبل مسلحين مجهولين ، وأسفر الهجوم عن مقتل شخص، واصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة وقال احد أقارب القتيل لراديو دبنقا، ان 3 مسلحين فتحوا النار على عدد من العاملين فى مجال تنقيب الذهب بجبل عامر بغرض السرقة ، مما ادى الى مقتل شخص وجرح اثنين آخرين تم نقلهما الى مستشفى سرف عمرة لتلقى العلاج. وكشف الشاهد ان العاملين فى مجال الذهب ألقوا القبض على اثنين من الجناة ومعهم 3 بنادق كلاشنكوف، بينما إستطاع الثالث الفرار. واشار الى ان قوة من الجيش وصلت الى المنطقة من كبكابية ، وقوة اخرى من قوات ابوطيرة وصلت من السريف بنى حسين ومعهم ناظر قبيلة بنى حسين، وذلك للفصل ومنع اية مواجهات محتملة بين التجمعات المحتشدة من أهل القتيل من قبيلة التاما وقبيلة البنى حسين. وناشد الشاهد السلطات الولائية بالتدخل لوقف الإنتهاكات والتجاوزات المتكررة من المليشيات الموالية للحكومة ، وتقديم المتورطين فى الأحداث للعدالة.