ما أن اقفل النائب الاول لرئيس الجمهورية في خواتيم العام الماضي باب الجدل حول مستقبل ولاية غرب كردفان بتأكيده عودتها الى وضعها الذي كانت عليه ماقبل عام 2005، حتى انفتح باب آخر بولاية جنوب كردفان تسللت منه احاديث حول المآلات الدستورية المترتبة على مستجدات انشطار الولاية الي نصفين ،ليبدأ التداول حول اعفاء اوابقاء الوالي الحالي، فيما ذهب آخرون بعيدا في تأكيدهم على ان تغييرا دستوريا سيطرأ على منصب الوالي ، وفي خضم هذا الحراك ظهرت على سطح المشهد السياسي بجنوب كردفان اسماء عديدة اشارت الاصابع الى انها في قائمة المرشحين لخلافة احمد هارون حتى ان عددها وصل الى تسعة ليبدأ كل تيار في الترويج لمن يراه مؤهلا وقادرا على ترتيب الاوضاع في ولاية تبعثرت اوراقها منذ اليوم السادس من شهر يونيو في عام 2011 الذي شهد انزلاقها لمربع الحرب مجددا بعد ان بارحته لسنوات مكنت القائمين على امرها من احداث اختراق في ملفات كثيرة استعصى نفض الغبار عنها على معظم الحكومات التي ادارتها ماقبل عام 2008 الذي شهد بروز ثنائية هارون والحلو التي كانت مثار اعجاب المواطنين الذين عانوا كثيرا من آثار الحرب وانعدام التنمية وفقر الخدمات ،لينجح الثنائي في ترجمة انسجامهما الى انجازات تنموية شاخصة ،الا ان تداعيات انتخابات ابريل 2011 ارجعت عبدالعزيز الحلو الى حمل السلاح وابقت احمد هارون واليا في مواجهة اوضاع ومتغيرات لم تشهدها فترة حكمه الاولى لتسهم تداعيات الحرب وانعكاساتها السالبة على مواطني الولاية في انخفاض شعبية الرجل الذي ورغم اصراره على مواصلة برنامجه التنموي الا ان وقوع ست من محليات الولاية في يد الحركة الشعبية وتعرض المواطنين للنزوح والتشرد ،جعل اصواتا كانت منخفضة ماقبل فترة الحرب ترتفع مطالبة بابعاده حيث اعتبرته جزءا من تعقيد ازمة الحرب وقطعت بان عودة الهدوء الى جنوب كردفان يتوقف على ابعاده،الا ان التمسك الذي اظهره المركز بهارون ودعمه المتواصل له جعل الاصوات الرافضة لوجوده تتراجع ،لتعود مجددا بعداعلان رئاسة الجمهورية عودة ولاية غرب كردفان مطالبة بتعيين احد ابناء الولاية واليا اسوة بالولايات الاخرى التي يديرها ابنائها باستثناء ولاية النيل الازرق التي تشهد وضعا مماثلا لما هو موجود بجنوب كردفان، لتبرز على اثر ذلك الكثير من اسماء المرشحين لخلافة احمد هارون الذي يرى البعض ان ذهابه مسألة وقت قياسا على ماحدث لعبد الحميد موسى كاشا عند انشطار جنوب دارفور الى ولايتين ،ليظهر اسم وزير الدولة بالسياحة علي أحمد موسى الذي وللمفارقة رشحه احمد هارون لخلافة عيسى ضيف الله الذي استشهد في طائرة تلودي ،وتردد انه بدأ في ترتيب اوراقه وشرع في تشكيل حكومته وذلك على اثر تسريبات من قيادات رفيعه انه المرشح لخلافة هارون ،الا ان مصدرا بمركزية الحزب الحاكم ودوائر صنع القرار نفى ل(الصحافة) صدور قرار او ترشيح لاحد لخلافة هارون وقال ان الحديث عن هذا الامر لم يأت اوانه بعد وان كل ماتم تداوله حول تحديد مرشح لخلافة هارون عار من الصحة ،ومن الاسماء التي تم ترشيحها من قبل تيارات بالحزب الحاكم بالولاية او من قيادات جنوب كردفان بالمركز رئيس اللجنة السياسية لابناء جبال النوبة بالحزب الحاكم والوالي الاسبق اللواء محمد مركزو كوكو ،وبرز ايضا اسم الخبير الاستراتيجي ورئيس لجنة الامن والدفاع الاسبق بالمجلس الوطني الفريق الدكتور جلال تاور ،ودفع آخرون بالباحث والاكاديمي حسين آدم كرشوم مرشحا لخلافة هارون ايضا،ودخل قائمة المرشحين اللواء مصطفى ابيض والقيادي بالمؤتمر الوطني حمدان وادي ،وكانت المفاجأة بروز اسم مستشار والي جنوب كردفان والمرشح الاسبق لرئاسة الجمهورية ورئيس الحزب القومي الديمقراطي منير شيخ الدين على قائمة المرشحين حيث يرى التيار الذي يسانده امكانية تنازل الحزب الحاكم عن المنصب لحزب شريك معه في السلطة،ويعتقد تيار آخر ان عضو قيادة الثورة اللواء ابراهيم نايل ايدام مؤهل لقيادة الولاية في المرحلة المقبلة ولكن الرجل وفي حديث مع (الصحافة) اكد رفضه القاطع تولي منصب الوالي بجنوب كردفان . رغم ان قيادات بالمؤتمر الوطني من ابناء جنوب كردفان بالولاية والمركز بدأت في الترتيب لمرحلة مابعد احمد هارون ،الا ان هناك تيارا شعبيا وسياسيا يرى ضرورة استمرار الرجل في منصبه، وهذا ماكشف عنه الامين العام للمؤتمر الشعبي بجنوب كردفان الزبير كرشوم الذي ابدى في حديث عبر الهاتف مع (الصحافة) تعجبه من تعجل البعض رحيل هارون ،لافتا الى انهم في القوى السياسية ورغم معارضتهم لنظام الانقاذ الا انهم وبحكم تجربتهم في الولاية وادراكهم بكل التقاطعات التي تشهدها يرون ان استمرارية هارون واكماله لدورته الانتخابية تفرضها ضرورة الواقع بالولاية ،مشيرا الى ان اقدام المركز على تغيير هارون يعني صب المزيد من الزيت على نيران الحرب المشتعلة بالولاية ،مؤكدا ان هارون هو صمام امان الولاية في الوقت الراهن وانه ليس هناك سببا يستدعي تغيره ،وزاد:ابعاد احمد هارون يعني ان المركز استجاب لضغوطات الحركة الشعبية التي تنادي بالحكم الذاتي وضربها بصبر المواطن طوال الفترة الماضية عرض الحائط . الا ان ذهاب احمد هارون يبدو رغبة ملحة لدى الكثير من قيادات الولاية بالحزب الحاكم الذين تتفاوت دوافعهم، فان كان البعض قد يعتبره معوقا امام ايقاف الحرب ،فهناك تيار له رؤية مختلفة تذهب ناحية ضرورة ان يحكم النوبة انفسهم او بمعنى اشمل ان تعود ادارة الولاية الى اهلها ،ويعتقد اللواء ابراهيم نايل ايدام ان احدى المشاكل التي تعاني منها جنوب كردفان نظرة المركز الخاطئة لها ،ويشير في حديث ل(الصحافة) ان المركز يرى ان النوبة غير قادرين على حكم انفسهم ،معتبرا هذا اعتقادا خاطئا اسهم في تعميق ازمة الولاية،مبينا ان النوبة والعرب المتواجدين بجنوب كردفان ظلوا على علاقة قوية وراسخة وصلت مرحلة التصاهر والتعايش السلمي الذي لم تشبه شائبة خلافات اثنية طوال العقود الماضية ،ويرى ايدام ان هذا دليلا على انتفاء فرضية صعوبة تعايش النوبة والقبائل الموجودة بالولاية اذا تولي امر الولاية احد ابناء النوبة او العرب،ويؤكد عضو مجلس قيادة الثورة على قدرة ابناء جنوب كردفان حكم انفسهم وقال ان هناك الكثير من القيادات التي تملك الكفاءة التي تمكنها من تولي منصب الوالي في حالة ذهاب الوالي الحالي ،الا ان اللواء نايل ايدام بدأ متخوفا من العقلية التي يدير بها المركز شؤون جنوب كردفان في حالة تولي احد ابنائها حكمها واوضح:من قبل حرم المركز اخونا باب الله من الدعم حتى يظهره امام اهل الولاية بمظهر الضعف ، وحينما تولى مجذوب يوسف وبعده احمد هارون امر الولاية وفر لهما دعما ماديا كبيرا، وهذا يعني ان المركز اذا نزل على رغبة ابناء الولاية وعين احد ابناء جنوب كردفان في منصب الوالي نتوقع ان يوقف الدعم منه، ويقول ايدام بلهجة حادة ان هناك من ينظر اليهم بعنصرية ويري انهم غير قادرين على حكم انفسهم وانهم يبحثون عن الانفصال ،ويشدد قائلا:ابناء جبال النوبة اصبحوا ناضجين ومتعلمين ومثقفين لايكترثون لعنصرية البعض ويؤكدون تمسكهم بالسودان لانهم المكون الاساسي له ،ولن يتركوه وفي ذات الوقت لن يقبلوا بالفتات وهضم حقوقهم.