بين ضغوط اسئلة الخدمات اليومية المتراكمة وتكدس المشاكل البيئية والاقتصادية في مدينة الخرطوم، تغيب العديد من الاحداث والمناسبات المشرقة عن محاضر التدوين ومن هذه الاشراقات التي حظيت بتغطية خجولة استضافة الخرطوم لأكبر حدث معماري دولي وهو اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي للمعماريين المعروف اختصارا ب (U.I.A). الاجتماع ينعقد دوريا في مقار احدى الدول الممثلة في المجلس ولحسن الحظ فإن السودان يحظى بتمثيل فيه عبر شخص المعماري المتميّز حيدر احمد علي والذي استطاع بمبادرة منه وترحيب ورعاية والي ولاية الخرطوم ان يكسب الاستضافة لصالح السودان. الاجتماع العادي الذي يضم خبرات نوعية في مجال العمارة ممثلين لكل الانحاء الجغرافية في العالم انعقد بتاريخ الثلاثين من يناير ولغاية الثالث من فبراير والأهم من اجتماعات المكتب التنفيذي هو ان يتعرف هذا العدد الكبير من الخبراء على صورة مغايرة عن السودان غير صورة الحروب والمعاناة والفقر، وقد عبّروا جميعا عن دهشتهم بما وجدوه من سلام واستقرار وتطور حضاري الذي دفع بممثلة جنوب افريقيا لأن تعبّر بدهشة (لقد انفتحت اعيننا على اشياء لم نكن نتوقعها)..! تقريبا كل المشاركين يزورون الخرطوم لأول مرة وفوجيء معظمهم بمدى التنوع والغنى الذي تذخر به الحياة السودانية وعبروا عن ذلك صراحة في المداولات وفي متصفحات الانترنت الامر الذي عكس صورة موجبة عن الوطن. خارج الخرطوم اتيح لبعض المشاركين زيارة مدينتي كريمة والبركل وشاهدوا آثار البركل والكرو والتقطوا صورا تذكارية وعبروا عن عمق تقديرهم لعبقرية المعمار في الحضارات السودانية التاريخية. تزامنا مع فعاليات دورة الانعقاد اقيمت ورشة تطوير مهني لمهندسي محليات الولاية استفاد منها حوالي مائة وخمسين مهندس بلدية وضابطا اداريا تحت شعار (دور مهندسي المحليات في تطوير المدن).. قدمت في هذه الورشة اكثر من عشر اوراق تخصصية عكست تجارب مختلفة في الشأن الهندسي والاداري والتقني لتطوير مدن عبر البلديات قدّمها خبراء دوليون وغطت الاوراق تجارب عالمية متنوعة من ديربان في جنوب افريقيا ومدن الفلبين وحتى كوستاريكا ومدريد في اسبانيا مرورا باسطنبول في تركيا ناقشت الاوراق اعمال بلديات المدن الفرق الرسائل الحلول مما دفع بالدكتور عبدالرحمن الخضر للإشادة بهذه التجربة وهو يخاطب ختام الورشة بفندق كورنثيا قائلا هذه سانحة طيبة للتدريب وبناء القدرات وتبادل الخبرات وهي تجربة مميزة لأنها وفرت الكثير من تكلفة واعباء التدريب الخارجي، وقطع الخضر وعدا للمشاركين بأن يستمر هذا النهج في الاستفادة من فرص التدريب داخليا وخارجيا خاصة وان ختام الورشة شهده وزير الموارد البشرية والسياحة والآثار الدكتور يحيى صالح مكوار واختتم دكتور الخضر هذه الفعالية بدعوة المشاركين خبراء ومهندسين لحفل عشاء بمطعم ڤينيسيا. من جهة اخرى، اقام مضيف الاجتماع، الباشمهندس حيدر احمد علي، احتفالية تكريمية للوفود المشاركة حرص ان يتعرفوا خلالها على ألوان من الموسيقى السودانية التراثية والمعاصرة ابدع في تقديم نماذجها الدكتور الفاتح حسين وفرقته على الجيتار والفنان عمر احساس وفرقته الاستعراضية وسط حضور واسع لأطياف المعماريين والأكاديميين واهل الفن يتقدمهم الفنان التشكيلي العالمي ابراهيم الصلحي، وقد اضفى حضور الباشمهندس نور الدين الرقيق على الامسية جوا من اللطف بشخصيته المحببة المرحة وحضر الاحتفالية طيف واسع من الشخصيات العامة يتقدمهم معتمد الخرطوم عمر نمر وحضور نوعي من المعماريين الدوليين استوقفته دهشة واعجابا لحظة اقتران النيل الازرق بالابيض في الرحلة النيلية واختلاف مزيج الالوان في هذه البقعة الساحرة للدرجة التي عبرت عنها ممثلة العمارة الاسترالية الجنسية بقولها (لن انسى تجربة زيارتي للخرطوم ما حييت)..! وقف الخبراء ضمن زيارتهم هذه على العديد من المعالم الحضارية القديمة والمعاصرة في الخرطوم سبل كسب العيش طرز المعمار نوع المواصلات وكيفية استخدام المواصلات ودرجات النمو الحضري في الخرطوم بين المركز والاطراف وتمت مناقشة كل هذه القضايا والاطروحات بشكل مفصل في ورشة مهندسي المحليات وكانت الاحتفالية بمنزل الباشمهندس حيدر احمد علي (بالخرطوم إتنين) ملتقى مجتمعيا .لنجوم مجتمع الخرطوم من القيادات السياسية والتنفيذية والمصرفية كالاستاذ عبدالله خيري الخبيرالمصرفي، والمدير العام لبنك البركة، والرمز الاقتصادي والمستثمر وجدي ميرغني محجوب، والدكتور نصر الدين شلقامي وشقيقه الدكتور نور الدين شلقامي، ورجل الاعمال الشاب المستنير هشام صالح عبدالرحمن يعقوب، ورجل الاعمال عبدالوهاب المقلي.