تفيد الأنباء أن رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة ثابو امبيكي قدم الدعوة لكل من الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) الجلوس للتفاوض فى أديس أبابا في الخامس من مارس المقبل دون شروط مسبقة، فيما لازالت المواقف بين الحكومة وقطاع الشمال متباعدة جدا، فقطاع الشمال من قال على لسان أمينه العام ياسر عرمان إن الحركة الشعبية أجرت مشاورات واسعة وأبدت موافقتها كتابة مهمورة بخط يد رئيسها مالك عقار على الجلوس للتفاوض فى أديس أبابا وفقا للقرار الأممى (2046) بينما رفض الحزب الحاكم الجلوس للتفاوض مع الحركة حسبما جاء في تصريحات لقادة كبار بالحزب. مراقبون اعتبروا موقف المؤتمر الوطنى تجاه الحركة الشعبية قطاع الشمال لأنه لا يرى فيها إلا إمتدادا لإستراتيجية الحركة الشعبية والجيش الشعبى لدولة الجنوب وتقول قياداته إن ما تسرب إليها من معلومات مؤكدة أن دولة الجنوب لن تفك إرتباطها بأبناء المنطقتين عسكريا وسوف تطالب ب(عشرة) سنوات تماطل من خلالها لتضعف حكومة الخرطوم بمزيد من الضغوط العسكرية لإسقاطها ،أما فك الإرتباط سياسيا فالحركة الشعبية تدعو خلال مؤتمرها المتوقع إنعقاده فى 16 مايو المقبل بجوبا إلى (تقوية الحركة الشعبية) وتمكينها لتحكم قبضتها على الجنوب ولأن تحكم السودان شمالا عبر تحالفات مرحلية لتنفرد بحكمه ويتحقق لها أن تحكم السودان كله جنوبا وشمالا ويمكن حينها أن تدعو لوحدة السودان من جديد وفق هذه الإستراتيجية التى تنتهجها الحركة الشعبية. الدكتور عمر عبد العزيز أستاذ العلوم السياسية والمختص فى مجال الأسلحة الصغيرة والمليشيات ذكر أن قضية المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) لا يمكن حلها إلا عبر(الحوار والتفاوض) مع حاملى السلاح من أبناء المنطقتين وليس (قطاع الشمال) لتنفيذ (أجندة) الحركة الشعبية فى الجنوب والتى تدعو أيضا إلى طرح (تقرير المصير للمنطقتين)، ويؤيد بشدة ماذهب إليه رئيس الجمهورية لدى مخاطبته جلسة إلتئام مجلس شورى المؤتمر الوطنى حين قال (مستقبل ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق يكمن في تنفيذ بروتوكول المنطقتين والترتيبات الخاصة بالمشورة الشعبية ونرفض أي حلول خارجية تفرض على الحكومة للتفاوض حول مستقبل المنطقتين) مراقبون ذهبوا إلى أن موقف الحكومة السودانية الرسمى لازال تحفه الضبابية بحسبان أن الخطاب الذى ألقاه الرئيس البشير أمام مجلس شورى المؤتمر الوطنى بصفته رئيسا للحزب الحاكم وليس رئيسا للجمهورية وتشاركه أحزاب أخرى فى الحكم ،إلا أن المراقبين أنفسهم يقولون فى حديثهم ل(الصحافة) إن المؤتمر الوطنى لا يرى فى الحركة الشعبية إلا أنها (مهدد لمستقبله) نافسته بضراوة فى جنوب كردفان وتكاد أن تتغلب عليه لولا دخول المرشح تلفون كوكو الذى لازال يردح فى سجون دولة الجنوب حلبة المنافسة ،ولقد صرف المؤتمر الوطنى الملايين وجمع مابين الفريق عرديب (الهيئة القيادية) والفريق دانيال كودى (جناح السلام) فى حزب واحد للقضاء على الحركة الشعبية ، لتذويب عضوية الحركة الشعبية لتحرير السودان التى أصبحت واقعا لا ينكره إلا مكابر إمتلأت بهم شوارع الخرطوم وحواضر ومدن جنوب كردفان بل ولايات السودان المختلفة ،ليتم تذويبها فى حزب موال للحزب الحاكم قبل أن تتخطفها أحزاب اليسار التى وجدتها عضوية الحركة أرضا صالحة وخصبة لتوفير الحماية والنمو ، فتح الوطنى صدره لكودى وجعله الشريك الثانى له فى حكومة جنوب كردفان وعضوا فى وفد التفاوض بشأن المنطقتين وكان يعول عليه كذلك أن يستقطب العسكريين الذين يحملون السلاح فى جبال النوبة ،إلا أن السياسة البطيئة التى إتبعها سعادة الفريق وزمرته أضاعت عليه الفرصة ولن تتكرر ثانية حسب حديث قيادات فى الحزب الحاكم ل(الصحافة) . إلا أن موقف الحزب الحاكم الذى أعلنه الرئيس البشير لا يبتعد كثيرا عن الرأى الغالب داخل المجلس الوطنى فى مناقشته لرؤية إستراتيجية سياسية لحل مشكلة النزاع المسلح بجبال النوبة قدمها الدكتور حسين ابراهيم كرشوم من مركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث ،حيث طالبت الورقة الحكومة الإتحادية بضرورة الجلوس الى منضدة الحوار السياسي مع (المعارضة المسلحة) بجبال النوبة ولم يقل (قطاع الشمال) والعمل على عكس الثقافة المحلية بالمنطقة وتراثها بغرض ادارة التنوع ،استيعاب ابناء المنطقة في المؤسسات ذات البعد الخارجي من اجل فضاءات ارحب ،وقف اطلاق النار من اجل ايصال المساعدات الانسانية الى المحتاجين وفق ضوابط ،اطلاق سراح كل المعتقلين الذين ارتبط اعتقالهم بانشطة تتعلق بالعمل السياسي بجبال النوبة ،إما على مستوى حكومة الولاية طالبتها الورقة منح الادارة الاهلية مزيد من السلطات القضائية والادارية مع ابعادها من رحى السياسة ، الشروع في التوعية بالمشورة الشعبية،السعي لتعويض متضرري الحرب ، اقامة مؤتمرات حوارية بين مكونات المجتمع المختلفة ، كما طالبت الرؤية (الحركة الشعبية ) الاستجابة لوقف اطلاق النار من اجل ايصال المساعدات الانسانية واسئناف مشاريع التنمية وحرية حركة المواطنين العزل ، اطلاق سراح الاسرى والاطفال والنساء المختطفين ، عدم استهداف المؤسسات المدنية الخدمية والعمل على حماية المدنيين ، كما طالبت أيضا حكومة الجنوب تنفيذ عملية فك الارتباط العسكري مع قطاع جبال النوبة بغرض التمهيد لمحادثات سياسية مع ايقاف الدعم العسكري ،ايقاف الدعم المعنوي والدبلوماسي للحركة الشعبية قطاع جبال النوبة ، وقف الانتهاكات الخاصة بحقوق اللاجئين بمعسكر ايداء بدولة جنوب السودان واحترام المواثيق الدولية التي تنص على ذلك وتنفيذ اتفاقات التعاون المشترك الموقع بين الدولتين (السودان وجنوب السودان ) . ولا يبدو موقف المؤتمر الوطني من التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال مدابر لموقف الحركة من التفاوض فان كان الأول يضع شروطا صعبة فان الحركة تفعل ذات الشيئ حين تصر على عدم مناقشة قضيتي المنطقتين لوحدهما كمشكلة حقيقية يعاني منها سكان المنطقتين، فحسب تصريحات أمينها العام ياسر عرمان التي قال فيها إنه مستعد للتفاوض محددا (10 ) شخصيات قيادية في الحركة الا انه قال ان اي حل سياسي يجب ان يكون حلاً شاملاً يستهدف في المقام الاول وضع اجنده وطنية بمشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للوصول الى اجابة حول( كيف يحكم السودان قبل من يحكم السودان) مطالبا المؤتمرالوطنى أن يقبل الحلول التى تؤدى الى الاجماع الوطني وينهى الحروب في جميع انحاء السودان والتوجه بالسودان نحو مسارات جديدة و(فجر جديد) .