تعد «الخمرة والدلكة» والبخور من اهم مستحضرات زينة المرأة السودانية، وتعنى العروس بنوع خاص من كل نوع يتم اعداده لها بعناية فائقة، فمع انطلاق استعدادات الزواج يظل البحث عن افضل من تعد «خمرة الضفرة» واحسن من تجود «خمرة المحلب» و «الدلكة» والبخور، والي ذلك من بقية العطور النسائية الخالصة، حتى ان الفن القديم حوى بعض الاغنيات التي تغني بها الكثير من الرجال اشهرها على الاطلاق «البخور والدلكة» خلن عقلي لكة»، وهذا لما تخلصه المرأة في تجويدها، ولكن مع مرور الزمن والانسياق وراء التمدن ودخول المرأة في دواوين العمل انشغلت وتشاغلت الكثير من النساء عن إعداد العطور، واصبح الكثير منهن يجهلن طريقة اعدادها بل حتى مكوناتها، ولكن مع ذلك فهن يستخدمنها معتمدات على العطور الجاهزة، مما حفز الكثيرات ممن يتقن هذا الفن الى استثمار خبراتهن وتجاربهن وترويضها في مجالات التجارة، وداخل الأحياء تجد الكثير من «الدلاليات» يتصيدن النساء في اماكن المناسبات، ويفترشن بضاعتهن ويسوقنها بالاقساط والدين والحاضر، ولا يهتممن التحصيل الفوري بقدر ما يهمهن أن يضمن زبونة جديدة، وكل واحدة تكيل الشكر لبضاعتها، وقد تعتمد على إحدى النساء اللاتي قد ابتاعت منها من قبل. وما بين الانشغال والكسل وعدم المعرفة، تحولت العطور النسائية الى قائمة اسماء بعينها في كل قرية او منطقة او حي حيث يجدن صنعها وتسويقها. وتقول حاجة هدية نور الدين التي تعمل بائعة للعطور النسائية، انه وحتى وقت قريب قلما تجد من لا تعرف كيفية عمل «الدلكة والخمرة» بجميع انواعها، ولكن انشغال الفتيات بالدراسة والعمل كان خصماً على معرفتهن بفنون صناعة «الدلكة والخمرة»، والكثير منهن يجهلن حتى صناعة البخور مع سهولة صعنه الذي لا يستغرق دقائق، وقالت: «اعمل لحوالى عشر سنوات في بيع العطور، واطوف به بين الاحياء في المناسبات»، وترى حاجة هدية أن صناعة «الخمرة والدلكة» ليست صعبة ولكن لمن يتقنها فقط، فهي تبدو لمن يجيد صنعها اسهل بكثير ممن لا يدري. وتقول ان صناعة الخمرة بالذات تحتاج الى الكثير من الصبر والوقت. وتقول شادية حسين إنها لا تميل الى شراء الجاهز من العطور لأنه من النادر أن تجد من تجود بضاعتها، فهي تعمل للسوق، لذا يستخدمن القليل من العطور وبمقادير قليلة لا تتناسب والمقدار الاصلي، وتضيف شادية قائلة: «تعلمت صناعة وتجويد كل العطور من والدتي التي تتقن صناعتها، واصبحت اجيد كل انواع «الخمرة» بمختلف انواعها، والجاهز منها خاصة في خمرة الضفرة غير مفضل، لأن هناك القليل من النساء من يجدن نظافة الضفرة من قطع اللحم التي تكون ملتصقة بها»، وتضيف قائلة إن المسك بالنسبة للخمرة عامل اساسي، وفي الخمرة الجاهزة تضاف منه كمية قليلة جداً. وتقول شادية إن أهم مكونات «الريحة والدلكة والخمرة» «ريحة الموية» فرير دامور السوداني واللفدور السوداني وفرير دامور الخام والفرير العادي. وفي استنكار قالت حاجة شامة عبد الله إن النساء في الوقت الراهن اصبحن اكثر ميلاً الى المعروض في السوق، إلى درجة أن احدى قريباتها اشترت «ريحة» ابنتها العروس كاملة من السوق حتى لا تتعب نفسها في تفاصيل صناعتها، وتضيف شامة أنه أصبح من العادي جداً أن تستأجر الأم احدى النساء الخبيرات في صنع العطور لكي تقوم بتصنيع «ريحة» العروس. وفي السابق كان الجيران والاهل يتشاركون في عملية صناعتها بكل خبراتهم. واستطلعت «الصحافة» بعض النساء فأكدن عدم معرفتهن بكيفية صناعة العطور واعتمادهن على الجاهز منها، في حين أكد البعض الآخر ان عامل الزمن يقف حائلاً دون إعدادهن لها لما تستغرقه من زمن، في ظل انشغال المرأة بين تجهيزات البيت واهتمامات الاولاد والوظيفة، والزمن لم يعد كافياً لكل هذه التفاصيل.