إن مسائل حقوق المواطَنَة والحقوق الأساسية للإنسان في أية دولة صارت من الثوابت الدستورية التي تدبج في الدستور ، ويحميها القانون ، وكما للمواطنة حقوق تصان لها واجبات تسدد ، ويتطلب هذا الامر كذلك فصل السلطات الثلاث التنفيذية ، التشريعية والقضائية ، او ما يعرف بالاستقلال التام للقضاء ، حتى يتخذ قراراته وإجراءاته بعيدا عن نفوذ السلطة التنفيذية والتشريعية وبحياد ونزاهة وإنصاف وعدم تمييز بين المواطنين على اساس مهني او ثقافي او عرقي او غيره، لان الناس وكما يقول النبي الكريم ( سواسية كأسنان المشط) ، مبدأ لو عُمل به لاغنانا عن كثير من المظالم والخروقات الحادثة والسائدة في مجتمعاتنا ، والتي اصبحت مسخاً مشوهاً لسيادة كثير من القيم والمعايير التي تُعلي من قدر من يملك الثروة والاموال وان كان أحمقَ وجاهلاً او متهوراً او في احسن الاحوال منافقاً متدلساً وتحطُ من قدر من لا يملك العقارات والسيارات ، وان كان بحكمة لقمان وعلم جالينوس . حفظ الحقوق وصيانة الواجبات ، يتطلب درجه من الوعي والتنوير لمعرفة هذه الحقوق وتلك الواجبات ، ويقع عبء المسؤولية في المقام الاول على الدولة ونظامها الحاكم ، ومن بعد تضافر جُهود المؤسسات الإعلامية والتعليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وجميع فئات المجتمع والاندية الثقافية والاجتماعية بالاحياء والمدن والقرى ، بل واماكن العبادة ولقد انصرف فيها ائمة المساجد والدعاة عن تنوير وتبصير الشعب والمواطنين وإرشادهم نحو حقوقهم ومصالحهم ، كما ينبغي الإدراك الواعي والواسع لمفاهيم حقوق المواطنة ، وعلى رأسها عدم التمييز بين المواطنين ، وإشاعة الحريات وعلى رأسها حرية التعبير ، وقبل كل هذا وذاك حق الحياة ، والذي هو مبدأ اصيل قننته كل دساتير ونظم العالم ، واعتبار حق الحياة كحق مقدس وفي إطاره قامت كل الحضارات والنظم الإنسانية والنظم في الدنيا وهو مبدأ راسخ ، متى ما انتفى ، ضاعت الحقوق وتحولت المجتمعات الي حالة من العنف وإراقة الدماء والانتقام والثأر وتحكمت فيها الفوضى وعدم الاستقرار . إذن هناك حقوق سياسية ومدنية ، و هناك ايضا حقوق اجتماعية واقتصادية ، واقتصادية هذه مفصلية لانها تقوم على هديها عدة إعتبارات وتقوم عليها العدالة والمساواة ، والفقر والغنى ، والجوع والشبع ، والعلم والجهل ، والصحة والمرض ، وكل هذه الثنائيات التي تشكل تناقضات في جسم المجتمع ، متى ما كان هناك توازن وإتزان ، إزدهرت المجتمعات وتعافت ومتى ما كان هناك تميز وفرز وانتقاء ، تحللت وتفسخت هذه المجتمعات ، وهناك ايضا حقوق فردية وحقوق جماعية . إذن من حقوق المواطنة أولاً العيش الكريم والحد الأدنى من مقومات الحياة حتى لا يتحول المواطن الى متسول او شحاذ ، وكذلك حق الترحيل ، وحق التعليم وتلقي كافة ضروب المعرفة وحق الصحة بكل جوانبها سواء العلاجي او الإرشادي للوقاية والتبصير بعواقب الامراض الفتاكة ، وعلى ذكر الصحة فإن دولتنا تعاني الامرين في هذا الامر. ففي ولاية مركزية نجد ان وزير الصحة والقائم على صحة الولاية والمواطنين يملك مستشفيات خاصة ويشرف عليها ، ويرأس مجلس إدارتها ، ويأخذ ارباحها ، في ذات الوقت هو مسؤول عن صحة المواطنين كل المواطنين، فقيرهم وغنيهم فمن الصعب ان لم يكن المستحيل التوفيق بين هذين الغرضين وحتى ولو كان انزه رجل في الوجود ...- فمسؤولية صحة الملايين ليس بالامر اليسير على السيد الوزير ...- ذلك صعب مع إشرافه على هذه المستشفيات في ظل تردي تام للخدمات الصحية - حتى لو لم يتهم بأنه يستغل سلطته التنفيذية لتسيير اعماله الخاصة ..- ، ولكن برزت مثل هذه التهم والتشكيك في كفاءة هذه المستشفيات ، أثر مصرع مواطنة سودانية فاضلة اسمها (الزينة) بعد ان عانت ما عانت ولمدة تقارب الشهرين من جرح ينزف ويقول أولادها بان احشاءها ظلت خارج بطنها كل هذه الفترة وقد دفعوا الغالي والرخيص لإنقاذها بلا فائدة ، وفي هذه كتب الكاتب الصحفي الطاهر ساتي في عموده المتميز بصحيفة السوداني الاربعاء 7/2/2013 يقول الطاهر : ، ان في هذه القضية إجراءات إدارية وثم اجراءات طبية ، ويقول ان هناك بنداً في المجلس الطبي يلزم الجراح الذي يعمل العملية ان يشرف على المريض لحين تعافيه وخروجه من المستشفى ويكشف ان من اجرى العملية هو د. كمال أبو سن اخصائي جراحة الكلى ، والذي سافر في اليوم التالي للعملية ، ويواصل الطاهر : (نعم غادر البلاد وكأن ما تم نسج بطنها بمستشفى الزيتونة ) عنقريب او سرير " فماذا انت فاعل ايها المجلس الطبي امام حدث كهذا ؟ فالطبيب في هذه القضية يتكئي على "هالة إعلامية مجدته كثيراً " اما المرفق الصحي فيتكئ على مجلس إدارة رئيسه هو ذاته وزير الصحة بالخرطوم ، ولذلك رد فعل المجلس الطبي جدير بالمتابعة ليعلم الرأي العام ان كان الجميع في بلادنا سواسية أمام القانون والسلطات الرقابية ، أم هناك خيار وفقوس). ماذا ستفعل وزارة الصحة في هذه الحالة ؟ ومن سيتحمل مسؤولية المواطنة الحاجة الزينة ...؟؟ ، لهذا يتوجب إذا كنا نريد تقديم خدمات صحية افضل ، وبإهتمام وجدية كافية ... وكل من أخطأ وفق المعايير الصحية للمجلس الطبي السوداني ان يحاسب ...- وفي الوقت ذاته عدم الربط بين المنصب الوزاري والعمل الخاص ، حتى يحدث استقرار للخدمات الصحية ، وهنا نجد ان وزير الصحة هو ذاته رئيس مجلس إدارة المستشفى المعني ... وفي ذات الوقت نجد انه في الولاية الشمالية قد حدثت إشكالية لا يعرف كنهها ، وهي ظاهرة وباء ينتشر وسط طالبات إحدى المدارس بدنقلا ، وتم على إثره إجراء حوالي ستين او تسعين عملية استئصال زائدة دودية لعدد من الطالبات وسط حيرة عدد من أولياء أمور الطالبات والمواطنين بالولاية وإلى الآن تطرح العديد من الاسئلة حول هذا الامر وما هو سر هذا الوباء الذي انتشر وسط الطالبات ، ليقف دليلاً على تدهور الخدمات الصحية بالبلاد عامة وبالشمالية خاصة ، هذا مع غياب الدور الإرشادي الوقائي والعلاجي والذي يعتبر من ابرز حقوق المواطنة . ثم هناك قضية " ستات الشاي " السودانيات المطاردات من قبل سلطات البلدية ومصادرة امتعتهن ..- ولماذا يحدث هذا - وهن نسوة يعملن عملاً شريفاً ويتكسبن من ورائه لإعالة أطفالهن ، وهناك اسر في اطراف العاصمة لو لم تدرِ المعتمدية تعولهن هؤلاء النسوة - وكثير من اليتامى والمعوقين ، فلماذا تُصادر اشياؤهن ، ومن حقوق المواطنة إذا خالفت هؤلاء النسوة القانون ان يقدمن لمحاكمة عادلة ، بدلاً من ان يتم العبث بأشيائهن .