ظلت «القفة والخرج» من اهم المواعين لحمل الخضر والفواكه والمواد التموينية، ول «القفة» التي تصنع من السعف مساهمة واثر واضح في الموروث الثقافي لاهل السودان، خاصة سكان الريف، وكان اللافت في تلك الايام في السبعينيات والعقود السابقة لها، أن الاطفال كثيراً ما يكونون اكثر اهتماماً بالقفة عند قدوم الأمهات من الاسواق، خاصة أن القفة ارتبطت بالأمهات، بينما ارتبط «الخرج والمخلاة او المخلاية» التي تصنع من صوف الماعز بالأب. وكان للمخلاة أيضاً دور حيوي، اذ كانت بمثابة «الشنطة» فعندما يسافر الرجل يحمل فيها ثيابه ومدخراته الضرورية، كما يذهب بها الى الاسواق البعيدة لحمل اغراض المنزل من المواد التموينية، وفي العقود الاخيرة بدأت تلك المواعين من «قفة ومخلاة» تتلاشى، وكان قد سبقهما «الخرج» الذي كان يصنع من قماش التيل ويحمل على ظهر الحمار وحمولة الخرج قد تتجاوز الخمسين كيلوجراماً في بعض الحالات، ويستعمل الخرج للمسافات البعيدة من اسواق وغيرها او لتوصيل الطعام للمزارعين من البيوت وفق نظام «الدلفري» حالياً، فقد انفض سامر تلك الاشياء وبرزت اكياس النايلون بمختلف الاحجام والمتانة وهي تكفي للتسوق. «الصحافة» جلست الى مجموعة من نساء ذاك الزمن، وتقول الحاجة ست الجيل العوض ان «القفة» تتم صناعتها من السعف، ومن اشهر اسواقها الدامر، وكانت تستخدم فى ذلك الوقت لجلب الاغراض من الاسواق وكذلك «المخلاة» وهي من المواعين التى تجلب بها الاغراض المنزلية من «سكر وشاى وقهوة» وغيرها. ويقتصر حمل «المخلاة» على الرجال فقط، وتحمل على الكتف مثل «الشنطة»، واغلبية شباب اليوم لم يروها لأنها اختفت تمام الا عند بعض القبائل البدوية، عكس القفة التى ظلت موجودة الى وقت قريب. وقالت ست الجيل: «عندما كنا نحمل الاكل والشراب فى «القفة والمخلاة» لم تصبنا امراض العصر التى انتشرت في هذا الزمن، مع انه لم يكن ل «القفة» غطاء، الا انها اكثر أماناً من مواعين اليوم، ف «القفة والمخلاة» صمام أمان لحمل الامتعة، عكس أكياس النايلون التى حذرت من استخدامها الجهات المختصة. ومن جانبها تحدثت الحاجة شريفة عن التباهى ب «القفة» فى ذلك الزمن، وقالت: ل «القفة» أحجام يمكن التعرف من خلالها على الدخل المادى للرجل، فالكل يحمل قفة على حسب دخله المادى، مضيفة انها قبل ان تأتى وتستقر فى العاصمة كانت تسكن فى قرية بولاية نهر النيل تسمى «المحمية»، وكان بالقرية سوق اسبوعي كل يوم «احد»، وكان الرجال يذهبون اليه لقضاء حوائج المنزل الاسبوعية من خضروات وفواكه ومواد تموينية وكل ما يحتاجه البيت خلال ذلك الاسبوع، ولكل رجل «قفة» يحملها لكنها تختلف من حيث الحجم، فأعيان وكبار البلد يحملون «قفافاً» أكبر حجماً حتى لا يستطيع البعض حملها الا علي ظهر حمار او كارو، اما ذوو الدخل المحدود فلهم نوعية خاصة من «القفاف» على حسب دخلهم ومتطلباتهم البسيطة.