حالة من الغضب والسخط عمت مواطني مدينة سنار، في ظل التردي الذي صارت اليه الاوضاع بمستشفى سنار وما يصاحب ذلك التردي من لامبالاة، فلا يعقل أن يستمر نزف دماء وأموال المرضى فى شراء أدوية ومستلزمات طبية مختلفة على حسابهم الخاص، وهم يعالجون فى مستشفيات حكومية تدعى أنها تقدم العلاج المجانى، ولا يعقل أيضاً أن يقوم المواطن بدفع الضرائب والعوائد والرسوم المختلفة، لكنهم يفاجأون بالواقع المرير الذى يخذلهم ويبدد مالهم. وقد يكون ذلك في مراكز صحية متهالكة تحتاج إلى تطوير، فهذا أمر وارد جداً. أما أن يكون ذلك في مستشفى فخم أنفقت الدولة عليه عشرات الملايين من الجنيهات، فهذا أمر يدعو للدهشة، لأن الحقيقة محزنة ومؤلمة وقاسية وتستحق العقاب. فهنا فى سنار من الواضح أن وزارة الصحة وعلى رأسها الوزير الدكتور شرف الدين هجو، لا توجد لديها معلومات عن هذا المستشفى الذى يصلح أن يكون فندقاً للعلاج السياحي، ومع ذلك فهو يعانى الامرين.. آخرها عدم وجود بنج، وكان يعانى قبل مدة من عدم وجود الشاش، ولذلك لا يستغرب من تأجيل العمليات الجراحية كل مرة دون مراعاة لحالة المرضى، فهذا المستشفى رغم تجهيزاته على أعلى مستوى وبالرغم من أنه على مساحة تزيد على سبعين ألف متر، وأنه من المفترض أن يخدم سكان الولاية بأكملها، ولكن للأسف لا توجد به خدمات طبية ولا ادوية طوارئ. وبحسب شهادة وشكاوى المرضى فإن مركز الكلى قد وجه المرضى إلى شراء الدربات والهبرين باعتبار ذلك ضرورة لإجراء عملية الغسيل.. وبذلك يكون المركز قد نفض يده تماماً عن توفير العلاجات على قلتها، لتتحمل جمعية رعاية مرضى الكلى المسؤولية كاملة، فالفقير في هذا البلد يعاني آلام المرض ومرارة تكلفة العلاج. وكنا شهوداً على استغاثة تلقيناها من أهل مريضة وجدوا أمهم مغشياً عليها من الالم ونقلوها إلى مستشفى سنار التعليمى، وأبلغهم الأطباء هناك بأنها تعانى من التهاب المرارة، وهو بحسب الطبيب التهاب ناتج عن وجود حصاة في القناة مسبباً بذلك ألماً في الجانب الايمن، وتحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة، وحدد لهم يوم الإثنين الماضي ليفاجأوا بعدم وجود البنج بالمستشفى، ليعاودوا الكرة فى اليوم التالي إلا أنه لم يطرأ جديد، لأن الاسهل دائماً ان يبقى الامر على ما هو عليه، وهذا دون أن تحاول إدارة المستشفى محاولة إسعاف المرضى أو البحث لهم عن مكان آخر، فكان همهم الأول والأخير هو خروج المريض مستغلين شفقة أهل المريض بحجة أنه من الأفضل «أن تنقلوه وتبحثوا عن مكان آخر فى مستشفى خاص». وفى رحلة بحثهم استغاثوا بنا وحاولنا مساعدتهم بالاتصال بادارة المستشفى لتوفير البنج، وظلوا طوال اليومين الماضيين متنقلين من جهة إلى آخرى دون هدى أو منقذ. وبالرغم من ضيق حالهم أو فقرهم، فإنهم يحاولون إنقاذ مريضتهم بأية صورة. ويتساءل اهل المريض: لو أن أى مسؤول تعرض هو نفسه أو أحد أقاربه لهذا الموقف، فهل سيعانى مثل تلك الفئات؟ وفي عنابر قسم الباطنية حيث كل قاعة مكونة من ثمانية سراير، فإن أول ما نلاحظه هو التقصير في تغيير فرش الاسرة التي من المفترض أن تتغير يومياً، خاصة أن بعض الاقسام مثل الولادة تتطلب تغيير الفرش باستمرار. وعندما يطلب المريض ذلك تأتي الاجابة بأن هناك عجزاً في الملاءات والاغطية! ويمتد العجز حتى إلى الأدوية، فهناك بعض الادوية حتى العادية منها يحتاجها المرضى ولا توفرها المستشفى، بل تطلب من مرافق المريض ان يشتريها من داخل صيدلية المستشفى التى تبعت بقرار ادارى الى ادارة الدواء الدوار.. وحرموا بالتالى المستشفى من مورد ضخم يمثل إحدى الدعامات الأساسية فى استمرار تقديم الخدمات الطبية على قلتها للمرضى. فمن يتحمَّل فاتورة شراء أدوية لمصاب فى حادثة مرورية، ولماذا يخلو المستشفى من ادوية الطوارئ، فقد رأيت أن افراداً من رجال المرور دفعوا قيمة ادوية لشاب أصيب فى حادثة مرورية اسعفوه بعربتهم واحضروه للمستشفى، وطالبهم الطبيب بشراء ادوية ودربات لعدم وجود ادوية للطوارئ.. فما ذنب هؤلاء؟ اما بنك الدم فهذا لغز كبير، فخروج كيس دم من هذا البنك شيء عزيز جداً على المسؤولين عن البنك، وفي ما يتعلق بالنظافة في هذا الصرح الطبي الكبي، فنحن لا نستطيع انكار وجود عدد كبير من عاملات النظافة على مدى اليوم يحملن ادوات النظافة للتنظيف، لكن اغلبهن كبيرات فى السن.. ورغم ذلك فالنظافة فى المستشفى تشهد تطوراً ملحوظاً .