إضاءة بجسده النحيل يتكئ محمد عبدالله إدريس المشهور بحاج حميدة على احد عناقريبه الاثنى عشر التي وضعها تحت تصرف الضيوف المارين امام بيته بضاحية ابو شريف غربي كوستي ، منزل شيد من الطين ويخلو من الابواب « لئلا يجد الناس المارين حرجا في طرق الابواب « وتحتوي المضيفة ازيار الماء العذب البارد للضيوف والمارة ، ويقول عابرو السبيل من اهالي الريف الغربي الذي يعرف ب( الضهرة ) انهم يجدون الراحة في مضيفة حاج حميدة قبل رحلتهم الطويلة من الدويحى الحاج حميدة نزح من بلدته ( الدويحي ) بريفي كوستي قبل اكثر من ثلاثين عاما جراء الجفاف الذي ضرب البلاد ثمانينيات القرن الماضي ،حيث فقد ثروته وماشيته وناقته التي كان يعتمد عليها في معصرته الصغيرة ، لم يجد حاج حميدة بدا من التوجه صوب المدينة واختار كعامة الناس الذين يفدون الى السكن بمدينة كوستي لاختيار منطقة ( أبو شريف ) التي مثل لمعظم ناس الريف احد المحطات الانتقالية لدنيا الحضر حيث يمكنهم الاحتفاظ بتقاليدهم وعاداتهم والعيش حياة الحضر في آن واحد ، يقول حميدة انه وجد المساندة من قبل حاج طه احد تجار الغلال الكبار بكوستي ساعده في اعادة استرجاع ثروته في بضع سنين بتزويده بالسمسم لتشغيل عصارته البلدية من جديد . ويزرع حميده (89) عاما (30) فداناً من حواشته بالسمسم في كل موسم خريف بمحصول السمسم ويلجأ الى باقي المواسم بالشراء من سوق المدينة ، واشتهر الحاج الثمانيني بضيافة الناس بمضيفته والمشاركة بقدح كبير من الطعام بمآتم الناس وافراحهم ، يقول ابراهيم فضل المولى احد معاصريه ان قدح حاج حميدة المنحوت من شجرة ( القفل ) التي لا تنمو الا بجبال النيل الازرق يسع ( كيلة ونصف ) من الدخن وادام من (اللوبيا و الروب والتقلية ). واشار الى ان ذلك الطعام يقدم من زمن بعيد مرة واحدة لاصحاب العرس ومرتان لاهل المأتم مبينا ان تناول الطعام يكون على طريقة ( الطلق ) حيث يتناوب كل عشرة اشخاص على الاكل وفي كل دفعة جديدة يضاف الملاح وزيت السمسم ، واكد طلاب من كلية الطب جامعة الامام المهدي ان قدح حاج حميدة يعرفه جميع الطلاب مرتان في الاسبوع موضحين ان مايميزه طعم الدخن الشهي وزيت السمسم الصافي ، ويشير جيران لحاج حميده ان وراء قدرة الشيخ الثمانيني زوجته فاطمة التي لا تعرف الكلل او التذمر وتؤكد ذلك حاجة زينب الامين احدى قريبات حاج حميده حيث تؤكد « نارها لاتموت ابداً « مشيرة الى عادتها عند حلول الليل بعدم اطفاء النار وانما وضع الرماد عليها تحسبا لاستقبال ضيوف عابرين لا يحتملون الانتظار .