الشاعر الغنائي المخضرم الصادق الياس رقم لا تخطئه العين في تاريخ الاغنية السودانية، فقد عرفه الناس من خلال روائعه واعماله الخالدة التي تعدت اكثر من اثنتين وخمسين اغنية بمكتبة الإذاعة السودانية، وقد جمعته ثنائية مدهشة مع الفنان أحمد الجابري اثمرت اجمل الاعمال التى ذاعت وانتشرت. وعبر هذا الحوار نقف عند تجربته مع الشعر الغنائى ومشواره الابداعى. ٭ كيف تشكلت علاقتك بالشعر الغنائى؟ البداية لم تكن شعراً غنائياً، فقد بدأت بالمنولوج عام 1962م لفترة ما، ولكن بعد فترة بدأت اكتشف ان الشعر الغنائي دخل الى عوالمي دون استئذان، فتركت المنولوج واتجهت للشعر الغنائي العاطفي، وبحمد الله فقد كانت البداية في هذا المشوار قوية ومحفزة، واستمرت الى هذا اليوم. والشعر موهبة من المولى يجود بها على بعض عباده وهكذا. ٭ اهم الاعمال والاغنيات التى ساهمت فى شهرتك؟ حتى يقف القارئ على هذه الاعمال الخالدة اقول لك على سبيل المثال لا الحصر هي «من طرف الحبيب، حكاية ملام، الجريف واللوبيا» التي غناها الجابري. وغنى لي زكي عبد الكريم «انت يا بسام» وعلي ابراهيم اللحو اغنية «التوب» وصلاح ابن البادية «الباقي باقي»، وفي هذا المقام اقول ان الفنان صلاح ابن البادية لحن للراحل الامين عبد الغفار ثلاثة اعمال لي وهي: «جيتنا من وين يا هنا، وقصة الشوق يا حيارى، وحب الناس يحبوك»، وايضا قدمت للطيب عبد الله «مسكينة المحبة»، وغنى لي سيد خليفة «آمال في الرمال»، وغنى لي بلبل الغرب صديق عباس اغنية «دموع في الغربة» ومجذوب أونسة «القمري الرحال» والمبدع الراحل مصطفى سيد احمد غنى لي «فرح الغلابى» والراحل عثمان حسين لحن اغنية «بحر الضياع» ولكنه غادر الدنيا ولم يقدمها للجمهور. وأرجو ان يعذرني بقية الفنانين الذين لم اذكرهم، فالذاكرة قد تخون صاحبها احياناً. ٭ ماذا عن الأغنيات الوطنية؟ غنى لي المرحوم عبد العزيز محمد داؤود أغنية وطنية هي «الأرض الحبيبة»، وصلاح مصطفى «ضميري يقول عوافي»، وصلاح ابن البادية «يا اراضي بلدنا»، و كل هذه الأعمال وغيرها مسجلة في إذاعة ام درمان. ٭ بمن تاثرت من الشعراء؟ لم أتأثر بأحد، ولكنني كنت معجباً بأشعارعبد الرحمن الريح وحسين بازرعة، وقطعا لكل لونيته الخاصة، وانا انصح اي شاعر بأن تكون له لونية خاصة به. ٭ ما أثر منطقة الجريف في تجربتك الشعرية؟ الجريف أعطتني المفردة والطيبة، وانفاس هذا المكان دائما تظل تمنحني الالهام، وطبعاً الانسان ابن بيئته. ٭ هل هناك قصص حقيقية لأغنياتك؟ نعم وهي كثيرة، وعلى سبيل المثال أغنية «إنت يا بسام» التي يغنيها زكي عبد الكريم، تعيدني الى قصة ان زكي كان فنان ربوع معروفاً في مرحلة ما، واعطيته قصيدة «يا بسام» واثناء البروفة قابله برعي محمد دفع الله الملحن المعروف، وقال له: «هذه الاغنية تجعلنا نحولك للبرنامج العام»، وسجلت الاغنية في الاذاعة السودانية، وكان فنان الربوع يتقاضى عن الأغنية عشرة جنيهات، ولما ذهب زكي عبد الكريم الى الصراف اعطاه اربعين جنيهاً، ولما سأله زكي عن سر ذلك اجاب الصراف قائلاً: تم نقلك للبرنامج العام فازداد نصيبك.. والقصة الثانية مع الفنان أحمد الجابري الذي كان يحب والدته حباً جنونياً، وفي احد الايام ارتبط بحفلة وكانت امه مريضة، فحاول الاعتذار عن الارتباط ولكن شقيقه اصر عليه بأن يذهب، وعندما عاد من الحفلة وجد امه قد رحلت فحزن وترك الغناء لمدة عامين من 84م الى 1986م. وكنت ازوره بالمنزل وعرضت عليه اغنية «حكاية ملام» وعندما قرأها وجد فيها ما بنفسه بعد رحيل والدته، فقام بتلحينها وقدم هذه الأغنية في برنامج «صالة العرض» الذي كان يقدمه علم الدين حامد، وعاد الجابري وعمت شهرة «حكاية ملام» الآفاق والى اليوم. ٭ ماذا عن أغنية الجريف واللوبيا؟ هذه الاغنية كانت عبارة عن خواطر اتكئ فيها على الماضي الذي اندثر في حياتنا، ولجنة النصوص التي اجازتها كان بها عمالقة مثل العبادي وآخرين، وبحمد الله الاغنية حققت نجاحاً كبيراً وخطت بالجابري للإمام. ٭ ماذا عن تواصل الأجيال مع الفنانين الشباب؟ قدمت لندى القلعة قصيدة «غيرت رأيك فيني»، وهذه الفنانة لها صوت جميل، وغنت لي الواعدة إنصاف فتحي «الناس والزمن»، وإنصاف تتميز بصوت وموهبة وقادمة بقوة، وهذه الاغنية من ألحان اسماء حمزة. ٭ هل حقوق الشعراء فعلاً ضائعة؟ بصراحة الشعراء على وجه التحديد حقوقهم مهضومة في هذا البلد، ويعانون من قسوة الحياة، وهم الذين يرتاح الناس على ابداعهم، فالشاعر مثلاً لا يمثل في أية بعثة فنية باسم الوطن، وأنا حينما كرمت على ايام الوزير السموءل خلف الله في مناسبة ما اعطوني القليل واعطوا الفنان الكثير.. واناشد الدولة ان تهتم بالشعراء تحديداً وما اكثرهم، لا أن يتم نعيهم في الصحف بعد رحيلهم. ٭ تكريم لا تنساه؟ أنا كرمت من قبل المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية في رمضان الماضي، ومعي الشاعر عوض أحمد خليفة وآخرون، وسعيد جدا بهذا الشرف من الرئيس البشير وأشكره كثيراً على ذلك.. اما اندية الجريف فقد كرمتني كثيراً وأهلها كذلك، فهم جزء من ذاتي. ٭ ماذا عن مجموعتك الشعرية؟ مجموعتي الشعرية جاهزة وتحمل كل اغنياتي التي قدمتها عبر سنين عديدة تحت عنوان «ملامح ريفية» ولظروف لم استطع طباعتها مثل غيري من الشعراء، فلو تصدت وزارة الثقافة والاعلام لهذه المجموعة اكون عاجزاً عن الشكر. ٭ حدثنا عن الفن هذه الأيام؟ أنا ليست دارساً للأصوات، ولكن اقول بصراحة وعن تجربة انه منذ فترة طويلة لم أسمع ان اغنية قد شدت الناس اليها من حيث الصوت او الكلمات، فرحيل العديد من المبدعين والظروف الاقتصادية التي يعاني منها المبدع وراء تراجع الأعمال الخالدة على عكس ايام زمان. ٭ ما هو رأيك في برنامج «أغاني وأغاني»؟ بصراحة الحلقات الاولى من هذا البرنامج كانت رائعة جداً، ووجدت التجاوب والقبول، لكن في السنوات الأخيرة أرى أن البرنامج استنفد اغراضه تماماً وكثر فيه التكرار، وأعيب على مقدمه الاستاذ السر قدور وهو شاعر انه يتجاهل الشعراء في هذا البرنامج.