٭ يهيأ لي، سيأتي اليوم، الذي تعقد فيه الزرافة حلفاً مع الأسد، وتعفو النعجة الأرملة الذئب، عما اقترفه من جرم عظيم، بالتهام طفلها الحمل وزوجها الخروف. ٭ يهيأ لي أن الحمامة، ستلعب كرة الماء مع التمساح، وسيتمشى الكلب وهو يتأبط القطة على الكورنيش.. لن يقتات الجراد من دود الأرض، ولن يمتص القمل دماء العناكب، ولن يباغت الثعلب الدجاج في قفصه، ولن ينقض الصقر على (الزرزور). ٭ وليس هذا من باب الأحلام، أو أغنيات اليوتوبيا، أو فانتازيا الخيال. ٭ ففي تقديري، ما تتعرض له الحيوانات، من أذى ومصائب من بني البشر، سيجعلها تتجاوز وتتسامى وتنسى ما بينها وبين بعضها، و(تتحد) وتتوحد ضد الإنسان، الذي صار يشكل لها العدو الأول، فالحيوانات من أكثر خلق الله وعياً بالمقولة المأثورة: (أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب). ٭ لقد بلغت تجاوزات الإنسان في حق الحيوان، مبلغاً يعتبر السكوت عنه جريمة. ٭ حتى نحن - المسلمون- المملؤون وجداناً جميلاً، وثقافة رفيعة، في الرفق بالحيوان، انزلقت أقدامنا إلى الهاوية، وصرنا جزءاً من مجموعة الشر (إلا من رحم ربي)، التي لا تتورع في إلحاق الأذى بالحيوان.. ٭ لم نعد نملأ خفينا ليشرب الكلب، ولم نعد نحد شفرتنا لنريح الذبيحة، ولم نعد نترك الهرة تأكل من خشاش الأرض، وحصرنا الكبدة في (كل كبد رطبة أجر) على بني جلدتنا. ٭الإنسان يمزق جثة العجل على مرأى من أهله وذويه العجول، ويحيل جسد الأرنب إلى غربال من لحم، والأرانب تنظر، ويستمتع بغيبوبة الغزالة بعد أن دوخها ليأتي على ما تبقى من نخاعها. ٭ حتى (النواعم).. فيهن من هن أخشن من سن المبرد، ينعِّمن بحبس العصافير في الأقفاص، ويمنحّن وجوههن البريق بمسحوق من صفار البيض أو بياضه، ويرّطبن أجسادهن في مخملهن بمروحة من ريش النعام، ويسهرن في فرو النمر. ٭ الحيوانات تُقتل رمياً بالرصاص، وبالسم، ورجماً بالحجارة، وتدهسها العربات في الشوارع، ولا يُسجل بلاغ ضد مجهول. ٭ وكم من (برادو) فارهة.. أصابت في الشارع العام كلباً بعاهة مستديمة، وكم من (أتوس) لم تشب عن الطوق، ألحقت الأذى بقطة، أطفالها (الزغب الحواصل) في انتظارها. ٭ وما يحدث في (المعامل)، و(المختبرات).. أقرب إلى الجريمة أو قل جريمة كاملة. ٭ يقول (أغاخان): (إن فكرة التضحية بمخلوقات، نضعها نحن البشر في مرتبة أدنى، ونقوم بتشريحها للأغراض العلمية، لا تختلف كثيراً عن فكرة معسكرات الاعتقال، أو تجارة العبيد)! ٭ ويتساءل الفيلسوف (بيتر سينجر)، في كتابه عن (تحرير الحيوان): (هل يجرؤ عالم بمختبر أن يستخدم في تجاربه وليداً بشرياً؟!.. ). ٭ الحيوانات في خطر، وتحت وابل القصف البشري وإعتداءات البني آدم، ليس أمامها إلا أن تتحد. والرفق بالحيوان يفرض على الإنسان التزامات أكثر.. الحيوانات - بطبيعتها - تعجز عن المطالبة بحقوقها، أو إبداء معارضتها لما تتعرض له من انتهاكات، فلا أصوات إنتخابية لها، ولا هي تستطيع تنظيم التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وتوزيع البيانات عبر صناديق الإيميل، أو استخدام المفرقعات!.. ٭ ومع ذلك لن تعجز الحيوانات في الوصول إلى صيغة تدفع بها شرور الإنسان!