براءة المواطنين عبد الملك الجنيد وسعد عبد الله من تهمة تهريب مخدرات الى المملكة العربية السعودية يجب ألا تمر دون وقفة جادة ومراجعة للكثير من الأمور على المستويات الشخصية الفردية والمجتمعية والحكومية. وبدايةً لا بد من الاشادة بالجهود التي بذلها مكتب الدرديري حمد النيل وشركائه الذي كان له الفضل في وصول القضية الى ديوان النائب العام ومتابعتها مع ادارة المطار والمخدرات ومن ثم القضاء، وكذلك الجهود التي بذلتها النيابة العامة وجهاز شؤون العاملين بالخارج وقنصلية السودان بجدة، وتعاون السلطات القضائية السعودية، وكان ثمرة كل هذه الجهود الوصول لعتق رقاب مواطنينا من حبل المشنقة. فعلى المستوى الفردي لا بد من مراجعة طيبة أهلنا البسطاء التي تجعلهم ضحية سهلة للمروجين والمهربين وضعاف النفوس، فإبداء حسن الظن المفتوح للآخرين قد يؤدي الى المهالك، فالمتجولون بصالات المطارات ويحملون وصاياهم حسب زعمهم بينهم من يحمل بين حناياه «بلاوي» غير محمودة العواقب. والمجاملات التي تتم داخل مطارات البلاد والمحسوبية هي الاخرى يمكن أن تفتح باباً لخدمة جهات لا نرغب أبداً في خدمتها إن علمنا ما تحمل صدورها، وقد لاحظنا في العديد من مطارات العالم التي أتيحت لنا فرصة زيارتها تشديداً مقلقاً حتى للعاملين في المطارات نفسها، واكبر دليل على التهاون في صالات المغادرة عندنا قيام بعض شركات الطيران غير السودانية بالتفتيش عند سلم طائراتها، وكأنها توصل رسالة بمضمون فوضى غير معلنة. وثمة اتهامات صريحة لسفاراتنا بأنها لا تتابع مواطنيها خارج بلادهم، وقد تعرض كثيرون منهم للظلم والاذى، والعديد من القضايا التي أفسدت عليهم هجرتهم، ولسنا هنا بصدد الدفاع عنهم، ولكنا ندعو أي مواطن تعرض لمثل هذه الظروف هو او ذووه، إلى أن يجتهدوا لايصال قضيتهم بصورة أكثر جدية للسفارات ومتابعتها، وفضح عدم التعاون ان حدث عبر القنوات المتاحة، صحافة كانت أم منتديات حتى يتم قفل أي باب للتقصير. وعلى السفارات ان توطد علاقاتها مع مواطنيها عبر اللقاءات التنويرية المباشرة أو عبر خدمة الجاليات، لتنفض عنها غبار تهمة الجباية التي باتت الصفة اللصيقة بها لعهود مضت، وأن تتيح أرقام هواتف للتواصل تتلقى عبرها الشكاوى والمقترحات وخلافه. أما محاسبة المقصرين في صالات المغادرة والوصول بالمطارات فستكون رادعا للكثيرين الذين باعوا ذممهم للآخر دون النظر للعواقب الوخيمة التي قد تحدث جراء تصرفات غير محسوبة بدقة، وكنا نتمنى أن تصدر إدارة مطار الخرطوم بياناً تشرح فيه ملابسات التهريب المفضوحة وما تم من إجراءات عقابية واحترازية، وأن تمنع العاملين فيها من ممارسة أية أعمال قد تحسب على الادارة والبلاد في المقام الأول. ومنوط بجهاز العاملين بالخارج وعبر وسائله المتاحة من إذاعة داخلية ومنشورات أن ينبه مراجعيه المسافرين خارج البلاد بتعريفهم بالجهة المقصودة وقوانينها وإجراءاتها والمحظورات فيها حتى يكونوا على دارية تقيهم المخالفات التي قد يقعون فيها، والأمر في غاية البساطة ولا يكلفها الكثير ومحمود النتائج.