رواية نخل بلا أكمام للكاتب عباس فوراوي هي من الروايات الفائزة بالجائزة التقديرية لجائزة الطيب صالح للرواية التي ينظمها مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي في دورتها العاشرة .. نظم منتدى السرد امسية احتفائية بالرواية قدم خلالها الاستاذ عز الدين ميرغني اضاءات حول الرواية كما قدمت اضافات من الاستاذ عادل سعد ...وشرف الامسية دكتور الهادي نور الشاهر ... قدم الأستاذ عباس فوراوي لمحات من تجربته العملية والتي منحته رصيد من الخبرة والمعرفة بالحياة الانسانية وتجارب الآخرين والتي انعكست في أجواء الرواية حيث عمل ضابط للشرطة في العديد من انحاء السودان فجاء مسرح الرواية متنقلاً في كثير من أرجاء السودان ... تحدث فوراوي مقدما نفسه ومعبرا عن سعادته لوجوده بين قبيلة المثقفين ووصفها بالطلة المتاخرة فقال : انا عباس احمد محمد فوراوي من مواليد حجر العسل ولكن اسرتي تنحدر من قرية « حزيمة « ريفي كريمة نزحت مع التركية الأولى .. درست في مدرسة وادي العبيد وهو وادي يعتقد الناس بوجود السحر فيه ولا علاقة للتسمية بالمسائل العرقية... وقريتي محازية للنيل محاطة بجبال من الناحية الشرقية والشمالية والجنوبية ويحدها غربا النيل منطقة تمتاز بسحر النيل والوديان معا .. عشت في هذه الطبيعة والحيوان كان جزءا منها ... بدايتي مع القراءة كانت منذ الأولية وأذكر أنني كنت أجري وراء الأوراق بين الأشجار لأقرأها ، درست المتوسطة في مدرسة ودبانقا وكان لنا نشاطنا الثقافي خلال الجمعيات الأدبية حيث كنت أكتب المنولوجات وأمثل الى جانب ممارسة رياضة كرة القدم .. ودبانقا كانت في سابق عهدها مدينة قبل ان تنحدر الآن الى قرية حيث كنا ننتظر وصول القطارات لنحصل على الجرائد ، ما زالت ودبانقا تحتفظ ببعض الآثار التي هي امتداد لآثار البجراوية ... كانت لنا مكتبة وكان يغزيها الطلاب بالكتب وكتاب «سراب وحمامة» من الكتب التي ما زالت عالقة في ذاكرتي منذ ذلك الزمن ... انتقلت من ودبانقا الى الدامر حيث المدرسة الثانوية وقد اشتهرت المدينة بالمجاذيب حيث الذكر والذاكرين وكنا حضور في تلك الأمسيات وكان ضمن زملائي في تلك الفترة الأستاذ اسامة الخواض وقد كان بمعيتنا في تلك الأمسيات ، الدامر من المناطق الغنية بالعلم والثقافة ... بعد ذلك انتقلت الى كلية الشرطة وكانت فترة الكلية فترة خمول ثقافي ولكن شهدت نشاط رياضي كبير .. تخرجت وعملت في مدن عديدة على امتداد أرض السودان مما أكسبني خبرة طويلة من ثقافات متعددة وتباين وتنوع ، وكتابة الرواية هي خلاصة تجارب عشتها ومارستها خلال عملي كضابط للشرطة من خلال تقارير واشارات يومية عن الأحداث ويعتبر ذلك من أدب الرسائل ويمارس في البوليس بكثرة ، عندما أقرأ «الجنقو مسامير الأرض» لبركة ساكن أو «ذاكرة شرير» لمنصور الصويم وغيرها من هذا الجنس من الكتابة أحس بأنني أقرأ تقرير جنائي ولا تتملكني الدهشة لأن ذلك من صميم عملي فالرواية عندي تقييم مؤجل لأحداث فائتة وفي روايتي هذه ملامح من تجرتي العملية في دارفور التي ذهبت اليها مغضوب عليه وعدت منها مطرودا ولكني سعيد بتجربتي فيها ، عدت الى الخرطوم وعينت محقق في سودانير وطريق سنجة سنار الدمازين وهي قضايا انتهت كلها بالتسويات ثم نقلت الى غرب الاستوائية وكانت ايضا تجربة تحتاج لكتابة رواية بمفردها وفي هذه الرواية ايضا ملمح من تلك التجربة .. أحلت للصالح العام وانا في الاستوائية فعدت الى الخرطوم في طائرة مع الصناديق الفارغة بملابسي المدنية ، بعد عودتي اشتغلت في جريدة أخبار الساعة ثم البيان وكنت قد منعت من الكتابة الراتبة بحجة قيد الصحافيين فجلست لامتحان القيد وأصبحت صحافي ، أما ومحطتي الأخيرة هي اتحاد المعاشيين من متقاعدي الشرطة فحاولت في هذه الفترة أن أفرغ ما بداخلي من أحداث الى أعمال روائية فكانت نخل بلا أكمام أولى انتاجي الأدبي المكتوب ... قدم عز الدين ميرغني اشارات واضاءات حول الرواية في ورقة ستنشر في الملف الثقافي كاملة .. د. الهادي نور الشاهر قدم افادة من خلال مزاملته لعباس خلال سنوات الكلية والعمل فقال التقيته في العام 1977 في كلية الشرطة وهو يميل للكتابة الأدبية وقد كانت سنوات الكلية كما قال بداية جمود ولكنه وبمقدراته الادبية تجاوز ذلك فقد كان يغزي قيد الشرطة بعبارات ادبية جميلة ويضع بصمته في كتاباته في دفتر الأحوال ، كان يختلس الزمن ليقرأ للطيب صالح ونجيب محفوظ وغيرهم .. بعد التخرج كان في التقارير الرسمية وفي كل المكاتبات الرسمية يطفي الجانب الادبي عليها وكنا نتشوق لوصول تقاريره عندما كان يعمل في زالنجي وهو كضابط متميز ويمتاز بالذكاء وحسن التصرف ووعموما رواية نخل بلا أكمام جاذبة وتحرك في الانسان مشاعر كبيرة .. عادل سعد قدم مداخلة أشار فيها الى أن الرواية نص روائي لفتني اليه اتساع الفضاء المكاني فهو يشمل السودان من أقصاه الى أدناه عبر حركة سرد عالية ولكن في رأي اذا جزأ الكاتب الأمكنة لأصبح كل فضاء رواية وقد استفاد الكاتب من تاريخ النوبة وهم يصعدون في النيل حيث وصلوا الى ملكال هذا الصعود أتاح لهم مساحة تعرف كبيرة بالمكان .