بدا الأمر غريباً بعض الشيء حين طلبت الفتاة من امها ان تسمح لها بمشاركة زملائها حنة تخريجهم، وسألت ابنتها ماذا تقصد بحنة الخريج؟ فاجابتها الفتاة بتفصيل اكثر انها طقوس ما قبل التخريج، فعلقت على الأمر والدهشة تغطي ملامحها: «هسي دا ما عرس عديل».. وواصلت الام استفسارتها عن الموضة الجديدة «اها بعملو شنو اثناء الحنة؟ وبتحننو في يديهم وكرعيهم» لتجيب البنت كل على هواه.. الفتيات يرسمن الحنة في اليدين واحيانا في قدم واحدة، والجريئات منهن يرسمن الحناء على ارجلهن ايضاً، بينما يكتفي الاولاد بوضع الحناء علي اليدين. فها هي عادة جديدة تنضم الى قاموس الالتزامات، وهذه الحفلات مكلفة جداً، ولم يعد الامر يقف على تكاليف التخريج فحسب، بل امتد لتدخل طقوس جديدة ويصبح التخريج في طقوسه أقرب للزواج. وحنة الخريج وجدت انتقادات من الأسر والطلاب أنفسهم، واعتبرت نوعاً من البذخ وزيادة العبء على الاسر التي تدفع أكثر عن مليون جنيه للطالب المتخرج، اذ تقول مهاد بابكر إنها ذهبت الى حنة تخريج صديقتها، فاندهشت لما رأته، وشعرت انها في مكان حنة عريس وليس تخريج طلاب، وقالت ان الفتيات بدون مثل العرسان تماما خاصة اولئك اللائي اكملن نقش الحنة في أقدامهن ويرتدين الثياب والكعب العالي، وتضيف مهاد أنها لم تكن تتوقع ان يكون الحفل بهذه الصورة الي رأتها بأم عينها. فيما تقول روان سيد احمد ان الامر ينحصر في دائرة التجديد والتغيير، ولا ترى فيه اي خروج عن العادات السودانية، وان حنة الخريج جاءت من طقوس حنة العريس والعروس، وليس هنالك خروج عن المألوف. وتواصل روان حديثها قائلة ان حنة الخريج تعتبر لمسة جديدة وتضفي نوعاً من الحيوية على تفاصيل التخريج، وعن نفسها قالت ان من شروطها حين تقبل على التخرج ان تكون مجموعتها موافقة على مبدأ حنة الخريج. ووجه أحمد المأمون انتقاداً شديداً لحنة الخريج ووصفها بأنها عادة غير حميدة، وقال إن هذه الطقوس من المعروف انها خاصة بالزواج ولا يستقيم نقلها الى مكان آخر، واضاف ان الطلاب افرغوا التخريج من محتواه الاكاديمي، ونأوا به الى عادات لا تشبهه، وتساءل المأمون عن علاقة الحنة بالدراسة حتي يربط الطلاب تخريجهم بمثل هذه العادات. الهام بشير ترى ان حنة الخريج تضيف أعباءً جديدة على الاسر التي تؤمن رسوم التخريج «بعد تلتلة» وهذا يعتبر عدم مسؤولية وتقدير للأوضاع التي تعاني منها الاسر في الوقت الراهن، وأردفت قائلة إن هنالك بعض الأسر قد لا تشكل لها تكاليف حنة الخريج عبئاً اضافياً، ولكن هذا يؤثر على الأسر ذات الدخل المحدود، وبالطبع يريد أبناؤها ان يقلدوا الآخرين، وتضيف الهام ان حفلات التخريج نفسها يجب ان توضع لها ضوابط وطقوس معينة، وحنة الخريج لا تضيف اي شيء للخريجين، بل هي اضافة عبء على الأسر، ويجب أن ينظر لها من هذا المنظور.