تقرير: صديق رمضان: الفراغ الدستوري الاخير الذي ظلت تشهده ولاية القضارف لاكثر من عشرة ايام لاتعود اسبابه الي قرار قضي بحل حكومة الضو الماحي ،بل لسفر ما يقارب ال 95% من اعضاء الجهاز التنفيذي خارج الولاية ، فيما يتواجد بالقضارف وزير الصحة موسى بشير موسى ومستشار الوالي الدكتور محمد المعتصم أحمد موسى فقط ،وهما من يديران شؤون الولاية ،هذا الفراغ الدستوري ليس حكرا علي ولاية القضارف بل ينسحب علي معظم ولايات البلاد التي باتت تدار من العاصمة بداعي التواجد شبه الدائم للحكام ووزرائهم بالخرطوم . في حالة ولاية القضارف التي تشهد أزمات حادة في مياه الشرب والغاز والخبز ، وقد بلغ السخط لدي المواطنين مداه بسبب ابتعاد الجهاز التنفيذي عن ملامسة قضاياهم ، مايزال والي الولاية الضو الماحي ووزيرا المالية معتصم هارون والثروة الحيوانية أسامة درزون بالمملكة السعودية التي ذهبوا اليها بداعي المشاركة في مؤتمر الاستثمار الذي انفض سامره قبل اسبوع ولم يعودوا حتي الامس ،اما نائب الوالي ووزير الشؤون الاجتماعية كامل عبدالله هارون فيشارك في ورشة الحج بولاية كسلا ،فيما يشارك وزير ومدير وزارة التربية والتعليم في ورشة بولاية النيل الازرق ،ويغيب من الولاية عدد من مستشاري الوالي و3 معتمدين . ويشير مصدر الي ان وزير الصحة موسى بشير موسى ظل يدير امر الولاية ويتولي اعباء الاشراف علي كل الوزارات، ويتساءل «لماذا لايكون هناك ترتيب وتنظيم لسفر الوزراء خارج الولاية،هذه فوضي واستهتار»، وكان احتفال الطلاب بافتتاح برامج العمل الصيفي قد شهدت غيابا كاملا للجهاز التنفيذي باستثناء مستشار الوالي الدكتور محمد المعتصم أحمد موسى وهو ماعدته قيادات الطلاب بالحزب الحاكم عدم اهتمام من حكومة الضو الماحي بانشطتهم. اما ولايتا نهر النيل والشمالية فيعتبر اعضاء حكومتيهما الاكثر تواجدا في الخرطوم،وكان والي الشمالية الراحل فتحي خليل قد وجه وزراء حكومته بعدم السفر الي العاصمة والبقاء في الولاية لتسيير شؤون المواطنين ،وفي عهده كانت أسر اكثر من سبعة من اعضاء الجهاز التنفيذي تتواجد بالخرطوم ،ويشير قيادي بالحزب الحاكم بالولاية الي ان الوضع في عهد الوالي الحالي لا يختلف كثيرا عما كان عليه في فترة فتحي خليل ،مشيرا ل«الصحافة» بعد ان شدد علي ضرورة عدم ايراد اسمه الي ان الوالي وبعض وزرائه لايتواجدون في دنقلا كثيرا ويفضلون السفر الي الخرطوم. اما نهر النيل فالوضع فيها لا يختلف كثيرا فقد وقفت عليه «الصحافة» من خلال 3 زيارات لحاضرتها الدامر ولم تجد الوالي الفريق الهادي عبدالله بالولاية ،مرتين كان بالخليج واخري بالخرطوم وكذلك عدد من الوزراء ،وهنا يشير الناشط في مجال حقوق الانسان عمر كبوش في اتصال هاتفي مع «الصحافة» الي ان وزراء حكومة الهادي عبدالله يتواجدون معظم ايام الاسبوع بالخرطوم ومن يحضر يأتي يوم الثلاثاء ويعود ادراجه يوم الخميس الي العاصمة ،لافتا الي ان الاسباب التي يتذرعون بها غير مقنعة ،واصفا مايحدث من سفر متواصل لاعضاء حكومة الهادي عبد الله باهدار للمال العام ،مبينا ان الوالي كثير السفر الي الخليج ،وقال»في العام الماضي سافر كل اعضاء الحكومة الي الاراضي المقدسة في موسم الحج ولم يتركوا سوي وزير واحد» ، ويري كبوش ان التواجد المتواصل للدستوريين بالعاصمة وخارج السودان يعطل مصالح المواطنين. ونسبه لبقائه بالخرطوم اكثر من حاضرة ولايته كانت اخبار قد رشحت مفادها ان المركز طالب والي ولاية بالتواجد في الولاية وليس الخرطوم. وهنا يشير المراقب السياسي عبدالقادر مكي الي ان هناك وزراء من حكومة النيل الابيض شبه متواجدين بالخرطوم وعلي رأسهم وزيرا المالية والزراعة . وقال في حديث ل«الصحافة» ان بعض الوزراء يعودون لاجتماع مجلس الوزراء الدوري ثم يعودون الي العاصمة ،واردف: السفر المتواصل يكلف اموالا ضخمة ويأتي خصما علي مواطن الولاية ،واذا اخذنا احد الوزراء مثالا فنجد انه يذهب الي الخرطوم لمتابعة قضاياه ضد الصحفيين وهذا امر لايخص المواطن في شئ، الا ان مكي يؤكد ان الوالي وخلال الفترة الاخيرة ظل متواجدا في الولاية ،ويكشف ان وزير المالية اشار من قبل الي ضرورة تواجده بالعاصمة وذلك حتي يتمكن من متابعة اموال الولاية ومشروعات التنمية الاتحادية . ويري مكي ان مصالح المواطنين تتأثر سلبا بعدم تواجد الوزراء بالولاية. «لاتخلو طائرة قادمة و ذاهبة من والٍ او وزير»هكذا يلخص المواطنون بدارفور الواقع ،وحاليا يتواجد ثلاث ولاة بالخرطوم وخارج السودان ،وينطبق ذات الامر علي ولاية جنوب كردفان،والقاسم المشترك بين هذه الولايات هو ان أسر 90% من الدستوريين تتواجد بالعاصمة مايستدعي حضور الولاة والوزراء لزيارتها وتفقد احوالها ،وسفرهم الي العاصمة والعودة الي هذه الولايات يكون عبر الطائرات ولايعرف من يتحمل تكلفة التذاكر الباهظة . الوضع في ولاية كسلا لايختلف عن جارتها القضارف فالوالي الذي يطلق عليه البعض تندرا «سفير كسلابالخرطوم» فهو متواجد هذه المرة خارج السودان ومايزال بالمملكة السعودية بعد مشاركته في ملتقي الاستثمار ،كما تشهد الولاية غياب وزيري التخطيط والصحة اللذين وصلا الخرطوم امس بحسب مصدر. واذا كان حكام الولايات ووزراؤهم يتواجدون بصورة شبه دائمة بالخرطوم باستثناء عدد محدود من الولاة ابرزهم حكام البحر الاحمر ،سنار، وشمال كردفان ،فان ذات الامر تشهده محليات البلاد التي يشكو مواطنوها من التواجد الدائم لمعتمديها بحواضر الولايات ،مايعطل دولاب العمل ومصالح المواطنين وكأن بالمعتمدين يريدون التأكد انه«ليس هناك احد افضل من الاخر»،وهذه الحقيقة وقفت عليها «الصحافة» ايضا من خلال زيارتها لاكثر من مائة من محليات البلاد ودائما ماكانت تصادف وجود المعتمدين بحواضر الولايات او بالخرطوم. ويري مراقبون ان التواجد المتواصل للاجهزة التنفيذية الولائية بالعاصمة يعتبر خصما علي تجربة الحكم الفدرالي ،دامغين ديوان الحكم اللامركزي والمجالس التشريعية بعدم القيام بدوريهما في احكام السيطرة علي الفراغ الدستوري الذي تشهده الولايات ،الا ان اخرين يحملون المركز المسؤولية كاملة حيث يعتبرون ان سلطته القابضة خاصة علي الاموال من الاسباب المباشرة لاستقرار بعض حكام الولايات ووزرائهم بالعاصمة وذلك لمتابعة التصاديق المالية واستلامها ،وهنا يشير المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر الي ان النظام اللامركزي او الفدرالي الذي تطبقه الانقاذ نظام حكم اداري وأمني فقط بالولايات ،ويكشف في حديث ل«الصحافة» ان الامكانيات المالية تعوز حكومات الولايات وذلك لوجودها في المركز مايحتم علي الكثير من المسؤولين الولائيين الحضور الي المركز لمتابعة مايتعلق بالجوانب الاقتصادية ،ويشير خاطر الي ان هناك اسبابا اخري لعدم استقرار المسؤولين بالمحليات والولايات، ويردف:معظم المسؤولين في حكومات الولايات غير مدربين وتنقصهم الكفاءة ،لذا يحتمي المعتمد بمن هو في الولاية ،وبمن هو في الولاية بالذي في المركز ،وهذا مؤشر لتدهور اقتصادي واجتماعي يتطلب التغيير الجاد والاهتمام من جانب الدولة باعادة ترتيب الاوضاع بالولايات حتي لاتدار من العاصمة لان حدوث هذا يعني هزيمة تجربة الحكم الفدرالي.