تقرير: عبد الوهاب جمعة: بعد عقود من المواجهات بين معتنقي شتى الأديان التي ادت لخسارات في الانفس والممتلكات ، توصل العالم الى ضرورة بناء الثقة واعادة السلام لنفوس معتنقي الديانات .. ولم يكن هناك افضل من الدخول في حوارات بين الأديان .. من حوارات الفاتيكان والمسلمين ، ومن الفاتيكان والأزهر .. الى مؤتمرات حوار الأديان بالدوحة التي تعتبر آخر سلسلة في الحوارات وباتت لها دورات متعاقبة .. بيد ان الدورة العاشرة لحوار الأديان بالدوحة والتي جاءت تحت شعار « تجارب ناجحة في حوار الأديان » شارك فيها يهود ممثلون عن الديانة اليهودية وهو الامر الذي اغضب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي مما جعل الشيخ القرضاوي يغيب عن جلسات المؤتمر . مؤتمر الحوار العاشر : لا وجود للمجتمعات المنغلقة بدأت الثلاثاء المنصرم في قطر أعمال مؤتمر الدوحة العاشر لحوار الأديان تحت شعار « تجارب ناجحة فى حوار الأديان » وينظم المؤتمر للسنة العاشرة على التوالي بحضور 500 مشارك من 75 دولة يمثلون اتباع الديانات السماوية الثلاث « الإسلام المسيحية واليهودية » ، ويركز المؤتمر الذى افتتحه وزير العدل القطري حسن بن عبدالله الغانم خلال أيام انعقاده الثلاثة، على أربعة محاور تتعلق بالجانب الأكاديمي ومحور العدالة ومحور السلام وحل النزاعات ثم محور الثقافة ووسائل الإعلام بحسب جدول الأعمال المعلن للمؤتمر . وأكد وزير العدل القطري في كلمته الافتتاحية على أنه لم يعد هناك مكان في العالم للمجتمعات المنغلقة ويتفق العلماء والحكماء في العالم على دعوات الحوار ورفض ثقافة الإلغاء والإقصاء، مشيرا الى ان مؤتمر هذا العام يتميز بأنه يقدم للعالم افضل تجارب المهتمين بالتعاون بين أتباع الأديان من أنشطة وبرامج ومشاريع بيئية واقتصادية وتربوية وإعلامية في مجال الحوار. القرضاوي .. غياب في زمن الحضور غاب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي عن جلسات مؤتمر الدوحة العاشر لحوار الأديان ، واوفد أمينه العام الشيخ علي محي الدين القرة داغي للمشاركة في المؤتمر. وقال القرضاوي في تصريحات نشرتها صحيفة العرب القطرية « ليس هناك ظلم أكثر من الذي فعله اليهود بأهلنا في فلسطين، حيث جاءوا من أنحاء الأرض وأخرجوا أهلها وشردوهم في الآفاق وبقروا بطون نسائهم، لهذا فإن ظلم اليهود لا يزال مستمرا حتى اليوم فلا يمكن أن نجلس معهم » . ونقلت صحيفة العرب القطرية عن الشيخ القرضاوي قوله إنه «بعد الإعلان عن توسيع المؤتمر ليكون حوارًا إسلاميًا مسيحيًا يهوديًا، قررت ألا أشارك فيه حتى لا أجلس مع اليهود على منصة واحدة، ما دام اليهود يغتصبون فلسطين والمسجد الأقصى ويدمرون بيوت الله، وما دامت قضية فلسطين معلقة ولم تحل». وكان القرضاوي من اكبر الداعمين لمؤتمرات حوار الأديان ،ويقول مهتمون بشؤون حوار الأديان، ان غياب القرضاوي عن المؤتمر يعتبر نكسة لجهود التعايش السلمي بين معتنقي الأديان . جبهة الدستور الإسلامي :حوار الأديان تطبيع مع اليهود الامين العام لجبهة الدستور الإسلامي ياسر عثمان جاد الله ، قال انهم لا يعرفون من شارك في المؤتمر ومن هم المشاركون في المؤتمر من السودان ، ووصف فكرة حوار الأديان بانها خطة ماسونية بغرض استهداف الأديان ،موضحا ان حوار الأديان مجرد واجهة لقطع الطريق امام البعث الإسلامي، مشيرا الى ان الإسلام يعتبر الدين الوحيد الذي يحمل نظم بناء الدولة وتأسيسها وله تعاليم واضحة في الحرب والسلم بخلاف الأديان الاخرى ويؤسس لها ، بيد انه عاد وقال ان كانت الفكرة للتعاون ضد الحروب فلا باس منها ،مشيرا الى ان المسلمين يرحبون بالتعايش السلمي مع غير المسلمين ،مؤكدا ان غير المسلمين عاشوا في امان بجوار المسلمين طيله قرون. ويؤكد أمين جبهة الدستور الإسلامي ان مشاركة يهود في مؤتمر حوار الدوحة ليس المرة الاولى، مشيرا الى ان تلك الحوارات تهدف الى تطبيع العلاقات وجعل اليهود غير معزولين، وقال كان يجب على القرضاوي الانسحاب من اصل الفكرة، مضيفا « انه خطأ يحسب عليه ». السعي وراء أسباب العيش المشترك بروفسور الطيب زين العابدين امين مجلس تعايش الأديان السابق، قال ان قطر باتت تعقد مؤتمرات حوار الأديان منذ عام 2005 ، مشيرا الى انه شارك في احدى تلك الجولات، ويلفت الطيب زين العابدين الى ان منظمي المؤتمر حريصون على ابلاغ جميع المشاركين في المؤتمر بهوية الاخرين بمن فيهم اليهود وذلك من باب الوضوح والصراحة ،مؤكدا مشاركة يهود في المؤتمر الثالث ،على ان بروفسير زين العابدين يشير الى ان يهود اسرائيل رفضوا المشاركة بحجة عدم تمثيلهم في المنصة الرئيسية للمؤتمر التي يصعد اليها ممثلون عن كل دين ، واستعيض عنهم بيهود من فرنسا ، ويفترض زين العابدين ان مشاركة يهود اسرائيليين قد يكون السبب وراء الجلبة الاعلامية ، ويلفت إلى ان قطر تدعم انشطة «حوار الأديان » و « حوار الحضارات » و« الحوار حول الديمقراطية » ، مشيرا الى ان كل تلك الآليات تتبع لرعاية وزارة الخارجية القطرية ، لكن هل تلك الحوارات مفيدة للتعايش السلمي بين معتنقي الديانات ؟ بروفسير الطيب زين العابدين يقول ان حوار الأديان يفيد في حالة مناقشة المسائل الحياتية بمعنى كيف يعيش معتنقو الديانات في سلام في هذه الدنيا، مناديا بعدم الدخول في نقاشات العقائد ،مشيرا الى ضرورة الاهتمام بالخصائص المشتركة بين الأديان من قبيل القيم والمبادئ المشتركة ،ويلفت الى ان منطقة الشرق الاوسط تعتبر ارض الديانات ، داعيا الى البحث عن اسباب العيش المشترك للعيش المشترك في سلام وتعاون بدون حساسيات وبعدالة لمحاربة سلوكيات التطرف في المستقبل . حوار الطرشان .. يهود على خط الحوار ! طيلة عدة حوارات بين معتنقي الإسلام والمسيحية لم يكن هناك ما يعكر صفو تلك الحوارات، فهناك اتفاق من ناحيه المبدأ على الحوار بين الإسلام والمسيحية لجهة العوامل المشتركة بين معتنقي اكبر ديانات العالم ، بيد ان مشاركة يهود من اسرائيل يبدو انه كان القشة التي قصمت ظهر المؤتمر ، بالرغم من رؤية البعض ان حوارات الأديان تعتبر حوار طرشان، مشيرين الى انقسام مؤيدي الأديان أنفسهم الى ملل مختلفة كشيعي و سني وكاثوليكي وبروتستانتي وربما انعكست الاوضاع السياسية على تلك المؤتمرات .