تقرير : عبدالوهاب جمعة: بعد ان انقشع غبار معركة « أم روابة » واندحرت قوات الجبهة الثورية ، تدور تساؤلات وجدال حول نتائج هجوم أم روابة وماهو تأثيره على الموقف التفاوضي للحكومة وقطاع الشمال .. واذا كان نهج نيفاشا قد رسخ لمفهوم تحقيق الاهداف السياسية عبر فوهة البندقية فهل تهدف الجبهة الى ايصال رسالة الى المفاوضين كتكتيك سياسي يمكن ان يرفع من سقف التفاوض مابينها والحكومة في الجولة القادمة باديس ابابا ام ان الامر لا يعدو كونه فرقعة اعلامية بحسب مسئولين حكوميين.. كل هذه التساؤلات باتت مطروحة في الساحة السياسية بعد الهجوم الذي شنته الجبهة الثورية علي مدينة أم روابة بشمال كردفان امس الاول. ووفقا لمحللين سياسيين اخذت بارائهم «الصحافة »بعد مضي ساعات من الهجوم على مدينة أم روابة امس الاول فان هناك اضرارا ودمارا احدثته الجبهة الثورية بالمدينة وبحسب استاذ العلوم السياسية البروفسور حسن الساعوري ل «الصحافة »والذي يعطي قراءة لما بعد هجوم أم روابة تتلخص في مساعي الحركة الثورية باستدراج القوات المسلحة من العاصمة للاطراف ،مشيرا الى وجود خلايا نائمة، لافتا الى اكتشاف الاجهزة الامنية لاكثر من 23 عملية تهريب اسلحة الى داخل الخرطوم قبل عدة اشهر ، لكن ماذا عن نتائج المغامرة العسكرية للجبهة الثورية وهل ستؤدي الى تعزيز موقف الحركة التفاوضي في المستقبل ؟ يشدد الساعوري على ان الحركة الثورية ترفض مبدأ الحوار والتفاوض اصلا ،مشيرا الى ان الجبهة الثورية تعرف ان الطريق الى التفاوض يمر عبر الكلاشنكوف، مبينا ان الجبهة الثورية هدفت بالهجوم على أم روابة ك«كرت ضغط »على الحكومة لصالح المعارضة والدعوات الاصلاحية، بيد ان الساعوري يوضح ان ذلك هدف غير مباشر يماثل « الاعراض الجانبية » التي يحذر منها اطباء الصيدلة عند الحديث عن تعاطي دواء معين، ويستشرف الساعوري ان الجبهة الثورية تريد بهجومها على أم روابة ايصال رسالة الى الولاياتالمتحدة مفادها ان قطاع الشمال بالحركة الشعبية ليس وحده الفصيل الذي يقاتل الحكومة ، لكن ماذا عن « مابعد أم روابة » من الناحية السياسية ، يجيب الساعوري بكلمة واحدة مبهمة انها « الخرطوم ». اذن هل حقا تهدف الجبهة الثورية الى تعزيز موقفها التفاوضي في المستقبل ؟ وهل هناك مرحلة جديدة في الخارطة السياسية ؟ استاذ العلوم السياسية عبده مختار يشير الى ان هناك مرحلة جديدة تستدعي من الحكومة التصرف بحسم وقوة مع محاولات الجبهة الثورية ، ويؤكد مختار ان تقديم الحكومة لمزيد من التنازلات هو ما دعا الجبهة الثورية الى التمادي حسب وصفه ، ويرى مختار ان انعكاسات مابعد أم روابة تدعو الى انتهاج استراتيجية جديدة تتمحور حول ضرورة الدعوة الى الحل السلمي وعزل الجبهة الثورية ، مشيرا الى ان الحكومة لديها الفرصة في تعبئة الرأي العام المحلي والعالمي ضد الجبهة الثورية باعتبارها حركة مخربة ، وطالب الحكومة بانتهاج حوار مع الأحزاب السياسية لجمع الصف الوطني. استاذ العلاقات الدولية بجامعة ام درمان الإسلامية صلاح الدين عبدالرحمن الدومة يعطي مقاربة مختلفة عن ما بعد أم روابة ، ويقول ان انعكاسات الهجوم على أم روابة ستعود على الجانبين، ويشير الى ان الهجوم تكرار لعمليات مماثلة لهجوم الفاشر في 2003 وأم درمان 2008 وهو ما يلقي بصورة سالبة على الحكومة بينما انعكاسات الهجوم ستوصم الجبهة الثورية بانها قتلت الابرياء وزرعت الرعب في نفوس الناس، واوضح ان الرعب الذي احدثته الجبهة الثورية لا يفيد بشئ ، اذن ما هى الرؤية المستقبلية لما بعد أم روابة؟ يؤكد الدومة ضرورة السعي لتقديم تنازلات في المستقبل ، ويشدد على ضرورة تقديم الحكومة لمرونة تسع الاخرين بينما يتخلى مقاتلو الحركات المسلحة عن نهج الحرب وتبني اطروحات العمل السياسي بعيدا عن العنف. ويلفت الخبير الأمني حسن بيومي الى ان الجبهة الثورية تهدف الى احراج وفد الحكومة المفاوض في اديس ، ويشير الى انه في الوقت الذي تتفاوض فيه الحكومة مع قطاع الشمال تدخل الجبهة الثورية مدينة أم روابة ، مبينا ان الصورة التي حاولت ايصالها الجبهة الثورية الى مفاوضي الحكومة عدم قدرتهم على السيطرة على الاوضاع ، ويعطي بيومي نظرة متشائمة تجاه المستقبل، مشيرا الى تأخر اخذ المبادرة من جانب الحكومة مضيفا « اصبحنا نعمل برد الفعل » . ومع سعي الجيش لملاحقة القوات المعتدية على أم روابة وارتفاع الاصوات المنادية بضرورة الاسراع في دحر المتمردين ، فان مآلات الهجوم على أم روابة من الناحية السياسية تبدو قائمة ، ولا يعرف في الوقت الحالي مع ارتفاع دخان البنادق متى يرجع الجميع لمبدأ الجلوس على طاولة المفاوضات بعيدا عن اصوات الرصاص.