درع السودان..نخوض المعارك بروح معنوية عالية ونستعد بكل ثقة لاستكمال مراحل التقدم وتحقيق أهدافها المرسومة    اكتمال عملية التسليم والتسلم بين رئيس مجلس الإدارة السابق والمدير العام للنادي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    بدعم من المملكة العربية السعودية رئيس الوزراء يدشن عددا من المنشآت الخدمية ببورتسودان    رسالة رونالدو بعد تسجيله في أول مباراة لجواو فيلكس مع النصر    مدير الإدارة العامة للمرور يدشن أعمال نحت الشاسيهات بعطبرة ويشيد بشركة الوكيل لدورها في تطوير الخدمات المرورية    بقانون الوجوه الغريبة.. الإعدام لقيادي ب "الأمة القومي"    لجنة الحوكمة :تصدر بيانا مهما وندعو الأسرة المريخية للتوحد والتكاتف خلف الكيان    الجزُولي نوح في اليَد ولا (10) "إيفرا أغباغنو" في الشّجرة    أمجد فريد الطيب يكتب: حكومة "تأسيس" الموازية في السودان… صناعة الوهم السياسي وشرعنة العنف    ترامب يعلق على عزم كندا الاعتراف بدولة فلسطين    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    الدولي إسحاق آدم يشكر أكاديمية المشعل ونادي الشباب    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتهز "مؤخرتها" بطريقة مثيرة وتشعل ثورة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد بالفيديو.. "خريج" سوداني يختار النشيد الوطني كأغنية رسمية في حفل تخرجه..يهدي والدته "مصحف" ويوشح والده "المساعد" بالجيش بعلم السودان والجمهور يشيد: (لا رقيص ولا فارغة خريج محترم لانو طلع من أسرة محترمة)    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    حكومة الأمل: ما هي مهامها الاستراتيجية الكبرى    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بعد ضغوط متزايدة.. استقالة جماعية لمجلس إدارة نادي المريخ    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    تحذر: جسم غامض يتجه نحو الأرض قد يكون مصدره كائنات فضائية    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    اتحاد الكرة يفرض عقوبات جديدة على نادي المريخ    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    يتضورون جوعا.. ترامب يرد على نتنياهو بشأن "مجاعة غزة"    لجنة الانضباط باتحاد كرة القدم السوداني تصدم المريخ الخرطوم    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    غوتيريش يحذر من "سلاح الجوع"    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    شاهد بالصور.. الممثلة المصرية الشهيرة رندا البحيري تهنئ فريق الزمالة أم روابة السوداني بتدوينة جميلة لهذا السبب (!!!)    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    السودان..الإعلان عن إنزال البارجة"زمزم"    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    تحرك الدولار الجمركي من 2096 الى 2400 مامؤثر شديد    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: *تقييد اتصال الواتساب: قضية أمن أم اتصالات؟*    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان النور الجيلاني رائد التجديد في الأغنية السودانية
نشر في الصحافة يوم 03 - 05 - 2013

: استمعت لأول مرة للفنان النور الجيلاني بكلية المعلمات بالدامر وأنا صغير، ومنذ ذلك الزمان صارت هنالك إلفة ومحبة بيني وبين أغنيات الفنان النور الجيلاني، ولاحظت أن هنالك أداءً تمثيلياً يميز هذا الفنان عن بقية الفنانين، وفيه تصوف من خضر بشير، ومنذ أن بدأ الغناء وحتى الآن لم تتغير ملامحه ولا طريقة أدائه، فقد تشرَّب من خضرة أبو حليمة وشاطئ النيل فيها، وساسق ما بين أبو حليمة والكدرو وشمبات، وقد أعطت أنغام الفنان سليمان زين العابدين من المنديل بعداً جمالياً لأغنيات النور الجيلاني، وكتب كلماته ولحنها وغناها ممثلة في أغنية «كدراوية»:
قلبي مشغول بصبية شايلة النوم من عينيَّ
القمر ساب العليا نزل يسأل مين هي ديه
والزهر أدى التحية والفراش حام حواليها
جناحه صفق كدراويه
وأربعون عاماً مضت منذ أن استمعت للنور الجيلاني لأول مرة، وهو يحمل الخواطر والأشجان، وقد صار ذاكرة غنائية للطيور والضفاف، وهو ذاكرة عندي لا ينسدل عليها النسيان كلما رددت معه من ذاكرتي:
يا طيور الريد يا قمرية وصفوك دائماً وفية
طيري شيلي معاك وصية ودي للكدرو التحية
تلقى زول ناير المحيا البسيم برق العشية
العيون وهج الهدية والخدود كيف بلورية
قولي ليه بحنية الصدود صعبان عليَّ
وبكيمياء شخصية النور الجيلاني التي تتسم بالبساطة والحضور كبساطة أهل أبو حليمة وعفويته وكرمهم وتميزهم الكائن من كينونة الانسان بساطة وجمالاً، وكما عرفت ذلك من خلال سنوات كثيرة كنت فيها على مقربة من أخيه محمد الجيلاني الذي عمل في التلفزيون بقسم الديكور، لذلك أجد أن أغنية كدراوية هي فن السهل الممتنع في منحوتة فكرية فنية تسمى «كدراوية» رسمها الفنان النور الجيلاني كلمة ولحناً وتعابير وحركات وحضوراً مشهدياً مكنه من الدخول إلى قلوب الناس وأنا واحد منهم، لذلك كان فضاؤه الغنائي رحباً ومبكراً ومنجزه الابداعي الغنائي ممتلئاً بحب جارف لإنسان البيئة التي خرج منها، ونجد في أغنياته معاني العشق والتفاني والتحليق في أخيلة وجمالات الإنسان السوداني، ونجده من الذين شيدوا للأغنية السودانية مجداً، وذلك لأنه استند في بداياته إلى الارتشاف من حوض الأغنية السودانية التي رسمها عباقرة الشعراء والمغنين كالشاعر محمود أبو بكر حسن، ومن ألحان وغناء زنقار وحسن الزبير في «إيه يا مولاي»:
إيه يا مولاي إيه من حديث اشتهيه
وجمال أنت فيه بقية القلب النزيه
عسعس الليل ونام واكتسى الوادي ظلاماً
ونجد أن إحساس الفنان النور الجيلاني في اختيارته ينحو نحو الصعب، وذلك لأنه واثق من مقدراته الصوتية وموهبته، لذلك عندما يؤدي فإنه يسمو بالوجدان عالياً بتطريبه المصاحب للحن في سيموفنية فنية رائعة، لذلك عنده ترتاح المشاعر وتتوهج الكلمات وتمتلك أبعاداً:
وجانا العيد وإنت بعيد أبيت ما تعود تبارك العيد
جونا الناس يقولوا تهاني بخيت وسعيد تتحقق أماني
لقوك بعيد في عالم تاني غربة على وجرح جواني
والجراح والبعاد والسحر الجمالي منهج غنائي اختطه النور الجيلاني بوصفه مدرسة خاصة به شيدها بتراكم تجربته والاضافات التي يحدثها في أية أغنية، وإذا كان الفنان خليل إسماعيل مطرب المطربين فإن النور الجيلاني فنان يجوب بين الخضرة والصحارى يصحى الكلمات المنسية ويحلق في كل المدن عصفوراً مغرداً لكل صاحب ذوق سليم، وفهم معرفي حياتي يوماتي ينغمس بك من خلال ألحانه وأغنياته وكلماته في عالم مسحور بالجمال، كما أبدع الساحر في أضلعها الثلاثة لوحده وكأنه يطرب روحه ليطرب الآخرين:
قوم يا ساحر خلي النوم بغني عشانك أرقص قوم
خلي النوم قوم يلاَّ وارح شايل نومنا وبرة سرح
جينا الليلة بس نفرح عمرنا زمانه شوق ومرح
والنور الجيلاني يعبر في أغنياته ببلاغة يتقاسمها العشاق وبمشاعر دقيقة امتلك مشرطها وشرحها، ومضى يقدم العلاج النفسي في حضور الشخوص والجمال بجرأة في التجريب والرؤية الجديدة للأغنية السودانية، لذلك يحس الجميع بأن أغنياته قريبة منهم وكأنها تتحدث بلسان حالهم، ويتجلى ذلك بوضوح في أغنية «بعاد» كلمات الشاعر الأستاذ علي حسن عباس:
ليه رحت عني بعيد سبت الحنان والريد
وين حبنا القلناه لو أبعدونا يزيد
علمت قلبي يحبك علمته يحيا سعيد
رحت وتركته معذب لذكرياته يعيد
والنور الجيلاني الفنان يمتلك تفرداً في صوته وجمالاً جعله يلعب على المستويات الصوتية المختلفة وبإيقاع في الألحان يجعل حركته على خشبة المسرح أو حركته الساكنة ذات دلالات تضيف للأغنية لوناً من الغناء لا يستطيع أن ينجزه أي فنان إلا الفنان النور الجيلاني الذي ركن إلى الحداثة في الأداء، رافضاً التقليدية في الاختيار والأداء، واختار من كلمات الشاعر محمد سعد دياب واحدة من أجمل الأغنيات التي شكلت رصيداً للفنان النور الجيلاني، وهو رصيد غنائي وجمالي ورصيد محبة من المستمعين عندما يرددون معه:
مادلينا أغنية رقت لحناً ورنيناً مادلينا
عيناها رحاب من صحو شفاه تزداد جنونا
مادلينا
الشعر خيالات سكرى وخطاها تمطر تلحينا
مادلينا
سمرتها عفواً صحبى فالوصف يعز أحايينا
مادلينا
الأم سليلة أمهرا والوالد من قلب أثينا
ومن خلال الألحان والأداء لمدلينا نجد أن النور الجيلاني موسيقياً موهوباً وصاحب مقدرات موسيقية يضيف دائماً جملاً موسيقية تسهم في تطوير أغنياته هو ومن ثم الأغنية السودانية.
وللفنان النور الجيلاني حضور يتناثر في ذاكرة الأشياء ويتمدد إلى الدواخل ويخلد نفسه بوصفه فناناً من الزمن الجميل بتداعيات تمتلك البناء المعرفي الموسيقي الذي جعل من الحركة المسرحية فعلاً موازياً لملكاته اللحنية التي أثرت في التركيبة اللحنية للأغنية السودانية في تحدٍ كتبه بأغنياته، لذلك ظلت أغنياته في قلوب الناس و «ده القدامنا ما انت» واحدة من الروائع الغنائية كتبها الشاعر عبد الرحمن مكاوي وظلت راسخة في الوجدان:
ده القدامنا ما إنت وكيفن بس تكون إنت
عشان لو إنت كنت صحيح كنت أقلو سالمت
وكان في ظروف صحيح حاكماك وطاوعت الظروف
في تالت مرة لاقيناك وبرضك إنت ما إنت
والفنان النور الجيلاني جعل الوجدان السوداني في تناغم بين الكلمات وأدائه الممسرح وانغماسه في الأحاسيس الجميلة ودوزنة سليمان زين العابدين الفنان على المندلين والانسجام والدوزنة مع الكورس، وكل هذا التمازج والانصهار جعل هنالك أغنية متطورة هي أغنية النور الجيلاني صاحب المدرسة الغنائية الفريدة التي جعلت البعض يصفه بأنه طرزان، تشبيهاً بأحد نجوم السينما في زمن مضى، وعندي ان هذه الأوصاف تأتي من الذين يرفضون الحداثة، أو انها جزء من الحسد الذي جبلت عليه بعض الأوساط ومنها الغنائية. ولو أمعنا النظر في الغناء السوداني لوجدنا ان النور الجيلاني واحد من رواد التجديد في هذا المجال، لذلك أغنياته كانت ساحرة. ولنتمعن معه ومع الشاعر التيجاني حاج موسى هذه اللوحة الغنائية التي سكب فيها تجربته اللحنية والأدائية مع فرقته الموسيقية وكورسه الذي يعمق معه الأداء معنى ودلالة:
في عز الليل
ساعة النسمة ترتاح على هدب الدغش وتنوم
أنا مساهر
هد الحيل.. غرامك واجترار الذكرى
طيفك في خيالي يحوم
ويا هاجر
وعند أداء النور الجيلاني هذه الأغنية بالرغم من أن غيره من الفنانين غناها، ولكن عند النور الجيلاني لها وقع خاص وتفرد في صوت النور الجيلاني، لأن الإبداع الحقيقي عند النور الجيلاني هو الخروج عن المألوف حتى يحدث دهشة وتساؤلات نقدية، لأنه فنان مميز جعل للكورس والمندلين وهجاً غنائياً، وظل وسيظل النور الجيلاني محضوراً في ذاكرتي بخواطره «خواطر فيل» التي فيها دراما الكلمات وعذوبة اللحن في تجانس فني بين حسن بارا والملحن سليمان زين العابدين، كما أن الأغنية تحمل أيضاً رمزية راقية:
قبضوني ليه جابوني ليه عايزني أعمل إيه هنا
ختوني في قفصي الكبير جابوني مسجون ليه هنا
أنا ما عملت هناك شيء يستحق هذا العنا
ما عرفت قط في دنيتي غير اللعب والشيطنة
قبضوني ليه جابوني ليه حرموني من طعم الهنا
ويا صحو الذكريات يا فنان يا نور يا جيلاني يا حلم الأغنيات ومراد الذكريات، إن الذكرى محفورة والأغنية ممزوجة منك بشخصك الموهوب المعطاء.. متعك الله بالصحة والعافية لترفد حياتنا ووجدانا بأعذب وأجمل الأغنيات كالذكرى المنسية:
يا صحو الذكرى المنسية من بعدك وين الحنية
بتعدي مواسم وتروح والفرقة بتصبح أبدية
أبدية.. يا ساكن جوه الجوف وراسم لينا أغنية
كدراوية.. تحية وتحايا لك لأهل الكدرو وأبو حليمة يا رائع يا النور الجيلاني.
dakhilala@ hotmail.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.