تقرير : عبدالوهاب جمعة : مع أزمات تزداد حلقاتها ضيقا يوما بعد يوم وفي ظل مناخ سياسي ملتهب تتقاذفه اصوات الرصاص في أم روابة وأبو كرشولا ونقاشات طاولات المفاوضات في اديس ابابا مترافقا مع دعوات اصلاحية ترتفع اصواتها رويدا رويدا ، تعين على حزب المؤتمر الوطني ان يسارع جهوده في احتواء كل تلك الأزمات ومحاولة وضع بصمته. وفي سبيل مواجهة الاعاصير المتأججة في وجه الحزب اتخذ المكتب القيادي للمؤتمر الوطني قرار تأجيل انعقاد مؤتمره العام الى العام المقبل ، وجاءت الانباء المتسارعة من البيت الاخضر قرب المطار عن موافقة المجلس القيادي لحزب المؤتمر الوطني في جلسته التأسيسية ليل امس اول الاثنين على مقترح بتأجيل المؤتمر العام للحزب، كما بحث تعديل اللائحة الخاصة بتكوينه، واستمع لتقرير بشأن المفاوضات حول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وقال نائب رئيس الحزب د. نافع علي نافع في تصريحات عقب الاجتماع، ان تأجيل المؤتمر يحتاج لقرار من مجلس شورى الحزب، وهو ليس من حق المكتب القيادي أو المجلس، لكن المجلس القيادي وافق الآن على المقترح المقدم والمبررات التي قدمت لتأجيل المؤتمر العام. وأشار الى أن المجلس ناقش لائحة التكوين الخاصة به، حيث كان التكوين من وحدات الأساس والمحليات والولايات، وأجريت تعديلات على اللائحة تعرضت لنقاش مستفيض، حيث أرسلت للولايات لابداء رأيها فيها ، وأضاف نافع ان المجلس استمع لتقرير بشأن المفاوضات حول المنطقتين، ومسارات التفاوض، ومدى جدية الحكومة لاحلال السلام. اذن ما الذي دعا المؤتمر الوطني الى تأجيل مؤتمره العام المزمع عقده في نوفمبر المقبل من العام الحالي الى شهر يوليو من العام 2014 ، وماهى المبررات التي دفعت الحزب الحاكم الى اعلان تأجيل المؤتمر ؟ وقالت مصادر مطلعة ل« الصحافة » ان هناك تيارا داخل المؤتمر كان يدفع ويطالب باعادة النظر في تعديل لائحة النظام الأساسي بشأن بقاء الشخص في منصبه دورتين، وحسب تلك المصادر فان انباء تأجيل المؤتمر كانت ثمرة تلك الجهود التي بذلت بتأجيل أعمال المؤتمر العام حتى يوليو 2014 بغية مراجعة اللائحة من قبل مجلس الشورى وأجهزة الحزب الأخرى ، ويرى مراقبون لسير اجتماع المجلس القيادي ان مبررات تأجيل المؤتمر كانت بقدر المخاوف والقضايا المطروحة المنتظرة ليحسمها المؤتمر العام ، وبحسب المراقبين فان الخشية من انفلات الامور وحدوث شروخ في الجسم التنظيمي للحزب هى ما جعل المكتب القيادي يقبل طلب التأجيل من بعض عضويته . ومع تصاعد وتيرة تلك التسريبات التي المحت الى خشية الحزب من انعقاد المؤتمر في موعده توجهنا بالسؤال للقيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور ربيع عبدالعاطي عن قرار المكتب القيادي بتأجيل المؤتمر العام ، كان تعليق ربيع على تلك الانباء واضحا وبسيطا « يبدو ان قرب الانتخابات القادمة والتي لم يتبق لها اقل من سنتين وتعديل الدورة الرئاسية من اربع الى خمس سنوات هى ما استوجبت ذلك التأجيل » . ونفى ربيع بصورة قاطعة في حديثه «للصحافة» وجود اسباب اخرى لقرار التأجيل مضيفا « لا اعتقد ان اسبابا اخرى لذلك وانما الامر يتعلق بتغيير الدورة الرئاسية » بينما اعتبر استاذ العلوم السياسية عبده مختار ان قرار تأجيل المؤتمر العام للحزب الحاكم قرار سليم وموفق في توقيته ،مشيرا الى ان المؤتمر الوطني يعاني منذ مدة من أزمة داخلية ، ويشير عبده الى ان تلك المشكلة الداخلية لم يعترف بها المؤتمر الوطني اطلاقا ، ويلفت استاذ العلوم السياسية الى ان المؤتمر الوطني يعاني من تداعيات الدعوات الاصلاحية التي بدأت بمذكرة الألف أخ وتحركات مجموعة السائحون بجانب موقف الدكتور غازي صلاح الدين التي القت بظلالها على مسرح انعقاد المؤتمر العام . بيد ان عبده مختار يؤكد ان تلك التحركات والدعوات لها جانبها الايجابي رغم « الململة» التي تنتاب الحزب. اذن هل حقا يعاني المؤتمر الوطني من اعتلالات تنظيمية تواجه مسيرته في الحياة السياسية الداخلية ؟ وهل يحتاج الحزب الى ترتيبات لاعادة تهيئة وتنظيم اكبر حزب سياسي ؟ وهل يتطلب ذلك تأجيل المؤتمر العام اكبر اجهزة الحزب التنظيمية ؟ عبده مختار استاذ العلوم السياسية يؤكد ان هناك عدة دواع ملموسة تدعو للتأجيل لحين اعادة ترتيب الحزب ولزيادة التشاور بين مختلف اجهزة الحزب ، ويشير استاذ العلوم السياسية الى عدد من المشكلات المعلقة التي يجب التداول حولها قبل انعقاد المؤتمر من قبيل المفاوضات الجارية في اديس والدعوة الى حوار بين الولاياتالمتحدةالامريكية والمؤتمر الوطني بجانب الاجواء السياسية التي تسود البلاد، واعتبرها عبده بأنها « غير مواتية » ويلفت الى ان المؤتمر العام يتطلب حشد جهود جبارة قد لا تبدو ممكنة في الوقت الحالي . قد تساعد قرارات تأجيل المؤتمر العام الحزب الحاكم من الوقوع في لجة الخلافات والانزلاق في متاهات الانشقاق التي عانى منها سابقا عندما انفصمت عرى الحزب الى حزبين لدودين وجدت فيه عضوية الحزبين امام خيارين صعبين . . مواصلة المسير ام الانضمام الى المعارضة ، يبدو ان قرار التأجيل سيفسح المجال لرؤي التيارات المتعددة داخل المؤتمر الوطني وتحسن من مظاهر تماسك الحزب ، لكن على الارجح لن تستطيع كل تلك المساحيق ان تعالج الشروخ وعلامات الوهن التي اصابت الحزب الذي تطاول في الحكم على وجه المؤتمر الوطني التي تركتها سنوات الحكم الطويلة وقرار الرئيس بالترجل عن قيادة الدولة والدعوات الاصلاحية المنادية بخط منفصل ومتحرر عن اجهزة الدولة .