بالأمس فقط أصدرت السفارة الاميركية بالخرطوم تعميماً صحفياً حوى تعليقاً على موضوع صحفي مرّ على نشره شهراً بحاله بالتمام والكمال، فالموضوع محل تعليق السفارة الذي حمل تاريخ الرابع من مايو الجاري كان قد نُشر يوم الخامس من شهر أبريل الماضي، ولم يفتح الله على السفارة طوال هذه المدة بكلمة رغم أن الصحيفة التي نشرت الموضوع كانت قد سارعت في اليوم التالي للنشر بتوضيح اللبس الذي شابه، أي أنها سبقت السفارة ب «92» يوم، وليس المهم هنا سبق الصحيفة في إجلاء وتوضيح ما فات عليها والتبس على القراء في حينه، فذلك واجبها وحق الرأي العام عليها، فالمثير للاهتمام هو أن تتأخر سفارة بحجم السفارة الاميركية كل هذا الوقت لترد على موضوع لم يكن ليكلف حتى سفارة دولة صغيرة وفقيرة في حجم بوركينا فاسو سوى ساعة زمن رغم أن الموضوع يختص بأهم شخصية أميركية مختصة حالياً بالشأن السوداني هو المبعوث الخاص اسكوت غرايشون، ولكن حتى لو إعتبرنا أن هذا التقصير شأن يخص السفارة لا دعوى لنا به، إلا أننا في الصحيفة التي نشرت الموضوع وتصحيحه شعرنا مع تعميم السفارة المقتضب بأننا لسنا في حل من تفصيل بعض ما عممته السفارة ونسبته للصحافة العربية، ولفائدة السفارة ولمصلحة الحقيقة التي تحرص عليها الصحيفة نعيد نشر حكاية خطاب غرايشون المزعوم... الذي حدث هو أن هذه الصحيفة «الصحافة» كانت قد نشرت بتاريخ الخامس من أبريل الماضي لأحد كتابها الراتبين هو الدكتور عبد اللطيف سعيد في بابه المحكم «ليت شعري» موضوعاً كان عنوانه الصارخ «اسكوت غرايشون يحكي لأحد أصدقائه إنطباعاته عن السودان» اشتمل على قراءة تحليلية للوضع السياسي الراهن في السودان مع إنتقادات طالت بعض الشخصيات السياسية السودانية بطريقة تناول بدا معها الكاتب وكأنه يترجم خطاب شخصي من غرايشون لصديق له دون الاشارة إلى المصدر الذي حصل منه الكاتب على نص الخطاب وهذا خطأ لا تبرئ الصحيفة نفسها منه لحظة نشرها للموضوع ولكنها إستدركت ذلك في اليوم التالي وتكشفت لها حقيقة الامر فسارعت لنشر التوضيح على النحو التالي: طالع قراؤنا الأعزاء يوم الإثنين الماضي موضوعاً مثيراً تحت باب «ليت شعري» لكاتبه الدكتور عبد اللطيف سعيد بعنوان «سكوت غرايشن يحكي لأحد أصدقائه انطباعاته عن السودان» وقد أثار الموضوع ردود أفعال واسعة ومتباينة خاصة وأن الجميع قد فهموا حسبما يدل العنوان ويكشف المتن أنه رسالة من مبعوث الرئيس الأمريكي للسودان سكوت غرايشون لأحد أصدقائه يحلل فيها أوضاع السودان، و«الصحافة» إذ تتقدم باعتذارها للجميع، القراء ومن وردت اسماؤهم في الموضوع، لا ترى مبرراً لعدم الاعتذار بشدة حتى وإن كان الكاتب قد صدّر موضوعه بالعبارة الانجليزية التي سقطت من العنوان Fiction والتي تعنى بالعربية القصة الخيالية، وهي ترى - «الصحافة» أنه كان لزاماً على الكاتب أن يوضح دون أي لبس أنه هو صاحب هذا التحليل أو على الأقل أن يشير بوضوح في خاتمة الرسالة أنها محض خيال أو حلم تقمص فيه شخصية غرايشون وكتب على لسانه ما كتب، ولا تكفي كلمة Fiction حتى لو لم تسقط من العنوان.. تجدد «الصحافة» إعتذارها للجميع وتتعهد بألا تسمح لمثل هذا التناول الملتبس أن يجد طريقه إلى صفحاتها مرة أخرى. والسؤال هنا هو أين كانت السفارة الاميركية كل هذه المدة.