: فجعنا بنبأ اغتيال القائد محمد بشر ونائبه اركو سليمان ضحية وبعض المرافقين وأسر أكثر من 20 من القيادات التنفيذية أبرزهم التجاني كرشوم وعلي وافي بشار وآخرين كانوا في طريقهم من الأراضي التشادية الى أماكن تواجد جيشهم وكانوا بلا سلاح وتم الغدر بهم من رفقاء الدرب والنضال الذين يرفضون الظلم ويتحدثون عن العدالة والحرية، يقتلون من كانوا معهم في خندق واحد لأنهم وقعوا اتفاقا مع الحكومة، بتصفيتهم لهؤلاء الرجال أدخلوا عرفا جديدا على السياسة السودانية «التصفية»، الثورة أكبر من التشفي والانتقام والحقد، الثوري الذي رفض الظلم ومن أجل ذلك حمل السلاح لا يمكن أن يكون حاقدا وقاتلا، كان الأجدى على الحركة التي غدرت بهؤلاء الرجال ان تحترم خيارهم من باب احترام الرأي الآخر عندما خرج فتحي شيلا من الحزب الاتحادي الديمقراطي ودخل المؤتمر الوطني «عديل» لم يقتل ولم ينبذ وهو من أبرز قيادات التجمع الوطني الديمقراطي والحزب الاتحادي الديمقراطي، لماذا نحن أبناء الاقليم نتقاتل فيما بيننا؟ ان هذه الخطوة ليس لها مكسب لجهة بل خسران فقط والخاسر هو الاقليم، هذا الحدث يضعف القضية ويؤثر على وحدة العمل الجبهوي ويهتك النسيج الاجتماعي المهتك أصلاً وما زالت ذاكرتنا الجمعية تختزن أن منبر الدوحة أقيم لحركتكم عندما كانت موحدة بقيادة المرحوم الدكتور خليل ابراهيم وتم توقيع اتفاق اطاري من عشرة بنود بين الحكومة والحركة واختلفت الحركة مع الحكومة على أنها اشترطت التفاوض مع العدل والمساواة فقط ورؤيتها في ذلك لا توجد حركة غيرها في الميدان وفلسفتها أن الحرب بين متقاتلين، والحركة هي الوحيدة الموجودة على أرض الواقع واذا تم التوقيع معها هي مسئولة من بسط الأمن واشترطت أن يكون نائب الرئيس من دارفور وغيرها من الاشتراطات، الحكومة رفضت كل ذلك وغادرت الحركة المنبر ووقعت الحكومة مع آخرين واختارت الحركة طريق اسقاط النظام ، ولكننا نختلف في الوسيلة ولكن نحترم خيارهم طالما الهدف اسقاط النظام، ولكن احتقر الحركة بسلوكها الانتقامي الاجرامي الذي قتلت فيه هؤلاء الشجعان واعتقلت الآخرين وهم بلا سلاح مثل محمد بشر يفترض أن يكرم بدل أن يقتل لمواقفه النبيلة التي يحتفظ بها أهل مدينة الجنينة والتي تدل على عظمة هذا الرجل عليه رحمة الله ومنها حدث نزاع في سوق ليبيا بالجنينة في نهاية التسعينات وكان النزاع حول دكان مع أحد أبناء قبيلته وآخر من القبائل العربية حشد الأول كل أبناء قبيلته لمنازلة الطرف الثاني الذي هو بدوره لا يقل جهلاً عن الطرف الأول وأيضاً حشد أبناء قبيلته وكلاهما مدجج بالسلاح الأبيض، وعندما سمع المرحوم بهذا الحدث أتى الى السوق مبكراً ودخل بينهما ووبخ ابن قبيلته «احتفظ باسمه» وسأله من قيمة الدكان وأخبره بأن الدكان ب54 مليونا والتزم محمد بشر بدفع المبلغ كاملاً من حر ماله وحقن الدماء التي كانت سترمل عددا من النساء وتيتِم عددا أكبر من الأطفال وقد انتهى التوتر بتضحية هذا الرجل والتاريخ يحفظ له أيضاً أنه قام بدفع متأخرات المعلمين من حر ماله من أجل تماسك العملية التعليمية وحمايتها من الانهيار ، رجل قام مقام الدولة هل من العدل أن يقتل وأيضاً قام بتأسيس مدرسة الجيل الأساسية الخاصة التي تعد من أبرز منارات العلم بالولاية، رجل فاعل اجتماعياً منفتح على الجميع يهتم بكل شيء يصب في صالح المجتمع، أتذكر كنا نتمرن بميدان مدرسة النسيم زارنا وتبرع لنا بكرة قدم ، نجده في شتى مناحي الحياة يحمل هموم الناس بصدق ، رغم اختلافي مع انتمائه السياسي للجبهة الاسلامية القومية ومن ثم بعد المفاصلة اختار المؤتمر الشعبي وأخيراً العدل والمساواة ولكنه قائد كبير بفعله وأقواله والخير الذي يحمله للآخرين. أما أركو سليمان ضحية لا أعرف عنه الكثير ولكن الذين عاشروه شهدوا له بدماثة الخلق وأنه قائد ميداني فذ وشجاع لا تعرف الهزيمة اليه طريقاً ، قبل ثلاث سنين دار اتصال بيني وبين أحد زملاء الدراسة وكان ذلك في جوبا بعد ان خلصنا أعطاني اياه لأسلم عليه وعندما تحدثت معه بالتلفون أحسست أنه مرتب في كلامه ويعي ما يقول ، له الرحمة. رغم أن الحادث لا علاقة له بالحكومة ولكنها الكاسب الأكبر من ذلك لأن هذا الحادث سيضعف حركة العدل والمساواة لاعتبار أن أسر القتلى لمن تسكت على ذلك الفعل المشين وتحتفظ الآن الحركة بعدد كبير من الأسرى الذين هددت أسرهم بأن المساس بهم سيعرض الحركة الى ملاحقة في أماكن تمركزهم لأخذ التار اذا أقدمت الحركة على اعدام الأسرى، ليس من صالح الحركة أن تكون في صراع مع المجتمع ، للأسف المجتمع الدارفوري منقسم، على الحركة أن تحكم صوت العقل وتطلق سراح الأسرى وتقدم الجناة الى محاكمة ، تشفي غليل الأسر المكلومة على أبنائها وتجنب المجتمع الدارفوري صراعا سيأخذ منا الكثير واذا لم تقم الحركة بذلك ستجد نفسها في خانة العداء مع المجتمع واذا لم يقم د. جبريل بتقديم القتلة الى محاكمة واطلاق سراح الأسرى سيتحمل هو شخصياً مسؤولية القتل بحكم موقعه على رئاسة الحركة لأن الحركة لا تحاكم جنائياً، السؤال من الذي وفر المعلومة بتواجد هذا الوفد في هذا المكان ، اذا كانت الحركة تقتل الذين خالفوها في الرأي ، ما الفرق اذن؟ الذي يتحدث عن الثورة يجب عليه أن يتخلق باخلاقها وأن لا يتناقض سلوكه وفكره مع فعله والذي يتحدث عن تغيير يجب أن يكون مؤهلاً أخلاقياً للحديث عن ذلك ، فدارفور عاشت الكثير من ويلات الحروب وغياب الحياة الكريمة، نحن محتاجون لكل أبناء الاقليم سواء أن كانوا معارضة أو حكومة واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.